اقتصاد

اليمن يستنجد بالمانحين لمواجهة أزمته المالية

أكدت الحكومة اليمنية، أنه لا يمكنها مواجهة الانهيار الاقتصادي والمالي في ظل الحرب ومعالجة الأزمات المعيشية بدون استئناف المانحين دعمهم واستكمال تنفيذ المشاريع المتوقفة في المناطق المستقرة أمنياً، وفي هذا السياق أكد خبراء اقتصاد، أن الدعم الخارجي أصبح الملاذ الوحيد لإنقاذ اقتصاد البلاد الفترة الحالية ولا سيما في ظل تفاقم عجز الموازنة وتدهور قيمة الريال.

 
ودعا وزير التخطيط اليمني محمد الميتمي، المانحين لاستئناف دعمهم لبلادنا وخاصة تمويل الإعانات النقدية للفقراء المستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية وكذلك تمويل مشاريع الخدمات الأساسية الضرورية للسكان.

 

وقال الميتمي، في التقرير الشهري (يوليو/تموز) الذي صدر عن وزارته مؤخراً، "إن دعم المانحين يعتبر مصدرا من مصادر النقد الأجنبي في بلادنا، وساهم تعليقه من طرف المانحين الإقليميين والدوليين في تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية".

 
وأوضح أن دعم المانحين ساهم بصورة ملموسة في استقرار الموازين والمؤشرات الاقتصادية الكلية في عدة فترات ومنها احتواء عجز الموازنة العامة واستقرار سعر صرف الدولار وتراكم الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي.

 
وفي هذا الإطار، أوضح مدير دائرة التوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط اليمنية عبد المجيد البطلي، أن تعليق دعم المانحين الفترة الأخيرة ساهم في توقف البرامج الاستثمارية وتفاقم عجز الموازنة العامة وتدهور قيمة الريال اليمني، وبالتالي، ارتفاع مستويات التضخم والفقر.

 

وأكد البطلي أنه نظراً للأوضاع السياسية والأمنية المستجدة في البلد علق المانحون دعمهم التنموي لليمن عدا البنك الإسلامي للتنمية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي الاجتماعي والمنظمات الدولية العاملة في الجانب الإنساني. وأوضح أن السحب من المنح والقروض الخارجية تراجع من 2.158 مليار دولار عام 2014 إلى 109 ملايين دولار عام 2015، أي بانخفاض نسبته نحو 95.0 %.

 

وأشار إلى أن تعليق دعم المانحين شمل ليس فقط البرامج الاقتصادية ولكن أيضا الاجتماعية الأساسية مثل التعليم الأساسي والصحة الإنجابية والحماية الاجتماعية، ما أضر مختلف شرائح المجتمع اليمني دون تمييز.

 

وأكد أنه على الحكومة اليمنية، التواصل مع المانحين الذين لم يعلّقوا دعمهم لحثهم على التكفل بتمويل جميع المشاريع بدون اشتراط مساهمة الحكومة في التمويل، بالإضافة إلى عقد اجتماعات دورية مع المانحين لإطلاعهم على الاحتياجات الإنسانية وحثهم على زيادة دعمهم الإنساني بما يفي باحتياجات الفئات الفقيرة والمتضررة.

 

وتضم مجموعة المانحين لليمن والتي تعرف باسم "أصدقاء اليمن"، الكتل الرئيسية للمانحين، وفي مقدمتهم دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا واليابان وكندا وتركيا، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية عدة أبرزها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

 

وبلغ إجمالي تعهدات المانحين خلال الفترة سبتمبر/أيلول 2012 إلى ديسمبر/كانون الأول 2014 نحو 10.9 مليارات دولار توزعت بواقع 75 % في شكل منح و25 % قروض.

 

وحسب تصريحات المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مؤخراً، عرف الاقتصاد اليمني تراجعا خطيرا في الأشهر الأخيرة، فمنذ بداية العام 2016 انخفض المنتج المحلي الإجمالي بما يزيد عن 30%. ولمواجهة هذا التطور، ما زال المصرف المركزي اليمني يؤمن استيراد بعض المواد الأساسية كالقمح والأرز والأدوية، غير أن ذلك سيكون صعبا في الأشهر القليلة المقبلة، ما سيكون له أثر سلبي على الوضع المعيشي للفئات الفقيرة.

 

واعتبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن تصريحات المبعوث الأممي تؤكد استنزاف الاحتياطي النقدي وأن المصرف المركزي لن يستطيع تأمين استيراد ما تبقى من المواد الأساسية خلال الأشهر المقبلة إذا استمر الوضع الراهن.

 

وقال نصر: "أي حلول اقتصادية يتم النقاش حولها بعيدا عن مصلحة المواطنين في كافة مناطق اليمن لن يكون سوى محاولات إبقاء الاقتصاد اليمني في حالة تنفس صناعي بعد أن دخل العناية المركزة في ٢٠١٥.

 

وأكد أنه إذا لم تتولّ الحكومة زمام الإدارة الاقتصادية وتحدّ من النهب للموارد والمؤسسات، فإنها تبقي نفسها خارج الفاعلية والتأثير.

 

وانعقد، مؤخراً، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي اجتماع للجنة اليمنية العليا للإعمار برئاسة وزير التخطيط اليمني محمد الميتمي، مع مدير البنك الدولي في اليمن ساندرا بولمينكاب، والأمين العام المساعد لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالعزيز العويشق.

 
وناقش الاجتماع ترتيبات لعقد مؤتمر المانحين من أجل إنقاذ اقتصاد اليمن، وبرامج الإعمار ونتائج المرحلة الأولى من تقييم الاحتياجات والأضرار لليمن، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.

 

وسحبت الحكومة اليمنية 7.1 مليارات دولار من إجمالي دعم المانحين المتفق عليه، منها 56.3 % في شكل منح نفطية لدعم الموازنة العامة، منها وديعة قدمتها السعودية عام 2012 لدعم استقرار سعر الصرف.

 

وعلق معظم المانحين دعمهم التنموي لليمن عام 2015، عقب سيطرة مليشيات الحوثيين المسلحة على العاصمة اليمنية صنعاء ومؤسسات الدولة وانقلابهم على الرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي.

 

وتحاول الحكومة اليمنية إقناع البنك الدولي بالعودة إلى اليمن والعمل من العاصمة المؤقتة عدن واستئناف مشاريعه المقدرة بحو إلى مليار دولار.

 

والتقى وزير التخطيط اليمني، نهاية يونيو/حزيران الماضي، مدير البنك الدولي في اليمن، بالإضافة إلى كبير الاقتصاديين في البنك السيد ويلفيرد أنجليك.

 

وحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، حث الوزير اليمني، البنك على سرعة الإفراج عن المحفظة المالية، والمشاريع التي أعلنها البنك مطلع العام الماضي والأثر السلبي الذي أحدثه هذا التجميد على حياة الملايين من المواطنين والذي ضاعف من معاناتهم.

 

وقالت وزارة التخطيط اليمنية، في تقريرها الشهري الأخير: "أوقف المانحون دعمهم رغم ارتفاع عدد السكان المحتاجين إلى مساعدة إنسانية من 15.9 مليون فرد عام 2014 إلى 21.2 مليون فرد عام 2015 من إجمالي عدد السكان البالغ 26 مليون نسمة. وهذا يستدعي وفاء مجتمع المانحين بالتزاماته تجاه دعم اليمن أسوة بباقي الدول التي تمر بحروب ونزاعات".

 

وأوضح التقرير، أن تعليق دعم المانحين ساهم بجانب عوامل أخرى في زيادة عجز ميزان المدفوعات، وبالتالي، تآكل الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي، وتدهور قيمة العملة الوطنية حيث بلغ سعر الصرف حوالي 288 ريالا/ للدولار في نهاية شهر يونيو/حزيران 2016 بمعدل تغير بلغ في حدود 34.0% مقارنة بما كان عليه قبل الحرب، ما ساهم في زيادة التضخم وتفاقم مستويات الفقر.

 

وأدّت الحرب والصراعات الجارية في اليمن وما رافقها من تعليق دعم المانحين للبرامج الاجتماعية ومشاريع التنمية إلى تعميق التحديات التنموية وتفشي الفقر وتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان وحرمانهم من الوصول للخدمات الاجتماعية الأساسية.

زر الذهاب إلى الأعلى