حرب الحدود السعودية اليمنية أمام مجلس الأمن
يبدو أن الوضع على الحدود اليمنية السعودية يتجه نحو مرحلة جديدة من التصعيد، مع الرسالة الرسمية التي تقدمت بها السعودية إلى مجلس الأمن الدولي، وتتهم فيها إيران بخرق القرار الدولي رقم 2216، المتعلق باليمن، من خلال تهريب الأسلحة إلى مليشيات جماعة أنصار الله (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، لاستخدامها بهجمات ضد السعودية.
وللمرة الأولى منذ تصاعد الحرب وبدء التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن، أبلغت السعودية مجلس الأمن برسالة سلمها مندوب المملكة في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، عن أنها باتت "ضحية للاستهداف العشوائي وغير المسؤول من جانب الحوثيين والقوات الموالية لصالح، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات بالصواريخ البالستية على الحدود السعودية، وكذلك داخل حدود الأراضي السعودية، والتي نتج عنها وفاة المئات من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالمدارس والمستشفيات".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن المعلمي قوله إن الهجمات شُنت "ضد عدد من المحافظات في البلاد بما في ذلك نجران، وجازان، وعسير"، وتعرضت أراضي المملكة "لما يقارب من 30 هجوماً بصواريخ بالستية". وأضاف أن الحوثيين وأعوانهم أطلقوا في 31 أغسطس/آب الماضي "صاروخاً بالستياً من نوع زلزال-3 على مدينة نجران في جنوب المملكة وهذا الصاروخ ذو مدى قصير ويصنع في إيران".
وكان الحوثيون وفقاً لمصادر، قد أعلنوا لأول مرة عن صاروخ بالستي أطلقوا عليه اسم زلزال-3، في العاشر من يوليو/تموز الماضي. وقالوا إنه "صناعة يمنية"، ويبلغ مداه 65 كيلومتراً وطوله يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أمتار، كما يبلغ وزن رأسه الحربي نصف طن. وفي 15 أغسطس/آب، نشرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) خبراً يتناول قصف الحوثيين للسعودية بصاروخ من هذا النوع. وألمحت الوكالة إلى أنه صناعة إيرانية، الأمر الذي أعقبه ردود فعل ركزت على القوة الصاروخية للحوثيين، كان أبرزها ما أشار إليه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال زيارته إلى السعودية في 25 أغسطس بوجود صواريخ إيرانية قرب الحدود. وقال في تصريحات صحافية "نحن في غاية الاستياء والقلق من الهجمات الموجهة للأراضي السعودية، وكذلك من الصور التي أراني إياها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف والتي تظهر الصواريخ الإيرانية التي وُضعت على الحدود السعودية، كما أننا قلقون جداً حيال الصواريخ التي تم إطلاقها على المدن الحدودية".
ولم تقتصر رسالة السعودية إلى مجلس الأمن على ما يتعلق بالصواريخ، بل أضاف المعلمي أن إيران تزود "متمردي مليشيات الحوثيين بالأسلحة والذخائر وذلك في انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015)"، منوهاً إلى "اعتراض عدد من الدول الأعضاء والقوة البحرية المشتركة في مناسبات متعددة على الأسلحة الإيرانية غير المشروعة". وكانت القوة البحرية المشتركة التي تتكون من قوات تابعة لأستراليا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، صادرت شحنات ضخمة من أسلحة غير مشروعة جرى التأكد من أن مصدرها إيران".
وأضاف المعلمي أن "الأسطول الأميركي الخامس أصدر بياناً في الرابع من إبريل/نيسان 2016، أكد فيه أنه وللمرة الثالثة خلال أسابيع تصادر القوات البحرية الدولية العاملة في بحر العرب أسلحة غير مشروعة والتي تقدر الولايات المتحدة أن مصدرها من إيران وكانت وجهتها المرجحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن".
وفي السياق التصعيدي من قبل المليشيات، نقلت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، عن مصادر في جماعة "أنصار الله" إن مقاتليهم تمكنوا من السيطرة على مركز عسكري داخل الأراضي السعودية منذ 11 سبتمبر/أيلول الحالي، وهو ما أرفقوه ببث تسجيل مصور عرضته قناتهم "المسيرة" مدته 15 دقيقة يظهر ما يقول الحوثيون إنه استهداف موقع عسكري سعودي في جازان والسيطرة عليه. غير أن متحدثاً باسم الجيش السعودي نفى ما وصفه ب"الأكاذيب".
وفي مؤشر يعزز احتمال تصعيد عسكري في الفترة المقبلة، أكدت السعودية "على حقها في اتخاذ كل الإجراءات المناسبة لمواجهة التهديدات من جانب مليشيات الحوثيين وصالح المدعومة والممولة من إيران". وقالت إنها "لن تدخر جهداً في سبيل حماية أمن وسلامة المملكة العربية السعودية واليمن وشعبها والمنطقة بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي". وتابعت أنه "يجب أن تحاسب مليشيات الحوثيين والقوات الموالية لصالح وحليفهم الأجنبي على استمرار سلوكهم الإجرامي وغير المسؤول".
وجاءت هذه الرسالة بعد أيام من زيارة هي الأولى من نوعها قام بها ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لتفقد قوات بلاده في المناطق القريبة من المواجهات على الحدود. وهي الزيارة التي حملت هي الأخرى مؤشرات تعزز من احتمالات التصعيد العسكري لعمليات التحالف في الفترة المقبلة.
وأكدت مصادر يمنية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن السعودية وبالتنسيق مع قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، بدأت في الفترة الأخيرة، تحضيرات لمواجهات محتملة على الحدود بين محافظة صعدة والسعودية. وشملت الاستعدادات تجنيد الآلاف من اليمنيين أُبلغوا بأنهم سيساهمون بالمواجهات إلى جانب القوات السعودية في نجران، غير أن مصادر أخرى، قالت إن ذلك يهدف أساساً لعملية عسكرية تهدف للتقدم باتجاه صعدة.
وينطلق الحوثيون بأغلب هجماتهم الحدودية من محافظة صعدة، التي ترتبط مع مناطق نجران وعسير وجيزان من جهة السعودية. وتتميز المناطق الحدودية بكونها سلسلة تضاريس جبلية وعرة، تتحكم في طبيعة المعركة العسكرية، وتعتبر صعدة عموماً، المعقل الحصين للحوثيين.
من ناحية أخرى، جاءت الرسالة السعودية في الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة، إلى تجديد اتفاق الهدنة الهشة التي بدأت في العاشر من إبريل الماضي وانهارت مع بداية يوليو. ويسعى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى إقناع الأطراف بالمشاركة في جولة محادثات جديدة.
وتقديم الرسالة السعودية أمام مجلس الأمن من شأنه أن يفتح المجال أمام احتمال تخفيف الضغوط الدولية التي يواجهها التحالف بقيادة السعودية، للتهدئة مع الانقلابيين. وتدفع الرسالة بملف المواجهات في المناطق الحدودية إلى صدارة عناوين المواجهات في الجبهات العسكرية وعموم الحرب في اليمن.