آراء

سباق القرارات المحموم بين طرفي صنعاء والرياض

السباق المحموم بين طرفي صنعاء والرياض، لقرارات التعيين في ظل وضع اللادولة ، يكشف عن طريقة تفكيرهما المتشابهة ..ومافيش أغرب من حكومة هادي التي لم تثبت أقدامها في الداخل، ولم يستفد منها الشعب في إحداث أي شيء فارق للتخفيف من معاناته، سوى لجنة الحوثي ومجلس الصماد وحكومة بن حبتور التي يقال انها على وشك إعلان تشكيلتها، لكأن المشكلة في صنعاء هي غياب حكومة فقط.

تلك هي الهشاشة المزدوجة التي تقابل شعبيا بفقدان الثقة بالطرفين..وإذ يتناسى طرف صنعاء الإنقسام الذي أحدثه انقلابه الأهوج في الدولة والمجتمع ، فضلا عن عدم الاعتراف الدولي به ومخرجاته، فليس من معجزة معه وهو يراوغ بدأب كي يتشرعن، حتى لو انسحبت حشود عصابات المشرفين من المؤسسات، واستولى على نجران أيضا.

أما طرف الرياض ، فقد استطاب المكوث المهين في الخارج، ولذلك فإن اعضاءه يوسعون كروشهم بلامبالاة كما أن سلوكهم التنصلي، أبعد مايكون عن شرعية مسؤولة. وعموما فإن الطرفين يتعمدان الاستخفاف بحساسية انهيارات كل شيء في البلد ،وبالذات الجوانب الاقتصادية والإنسانية، لكأنهما على إتفاق تام بإنهاك المجتمع وتضليله وخداعه لفرض أمر واقع في إطار المناطق الواقعة تحت سيطرتهما .. كذلك فإن أشد ماسيتمسك به طرف هادي هو استمرار الحرب حتى تسليم الانقلابيين للسلاح أو القبول به ونائبه ، في حال تحولت خطة ولد الشيخ المتوافق عليها بين الدول الاربع لقرار اممي، بينما أشد ماسيتمسك به طرف صنعاء هو مواصلة الحرب أو القبول بعدم تسليمه السلاح مع تشبثه بموضوع مناقشة مؤسسة الرئاسة وإقصاء هادي ونائبه.

والحال ان البلاد صارت في مرمى التجاذبات الإقليمية الدولية، وهذا هو الأخطر في ظل ضياع بوصلة السلام الداخلية.

وفيما اصيب طرف الانقلاب بنشوة سلطته المختلة والمعلولة، يتورط طرف الشرعية في تجريف شرعيته المرتبكة بنفسه، وبالذات لكون حكومته تنأى عن ممارسة سلطتها من الداخل بشكل أساس.

والمعنى ان الطرفان يعملان كجسر لبعضهما ، خصوصا في ظل عدم إحراز أي تقدم في مختلف القضايا المطروحة في المفاوضات ، بل وحتى الخطوات التصعيدية المعلنة، فإنها لاتنتج شيئا ، يمكنه ان يزحزح هذا الجحيم المزدوج بقدر ماتمعن في صناعة المجهول كمستقبل لليمن.

وفي خضم ذلك طبعا يحدث أن تشتد الخلافات الواضحة والمضمرة بين طرف صنعاء بشقيه، كما تتأجج ذات الخلافات بين طرف الشرعية الواسع والفضفاض، ومن هنا على وجه التحديد تزداد الأمور تعقيدا بشأن الحل السياسي جراء تنوع المصالح والأجندات.

الأسوأ هو أن كل طرف ينطلق من قاعدة صفرية هي " أنا أو الآخر" فلقد صور كل طرف لأتباعه أن الحرب وحدها ستصب في صالحهم، ليرفع كل طرف بالتالي سقفه بعد هذا الإحساس الوهمي، حتى صار كل طرف يريد من الآخر الرضوخ له مهما كلفه الأمر.

هناك أيضا تجار للحرب وللسوق السوداء، كطبقة تكونت مع الحرب وامتزجت مع طبقة انتفاعيين متكرسة، وجلها تتشكل من شلل فساد واستغلال ومصالح صغيرة وأنانية يتغلغلون بين الطرفين ..ولايهتم هؤلاء بشيء مثل اهتمامهم باطالة الحرب وحالة الفراغ من الدولة.

وكما هو واضح يتهرب جميع أطراف الصراع اليوم من دفع فاتورة السلم الأهلي في المجتمعات المحلية، فهناك تمزقا شديدا في النسيج الاجتماعي يحتاج لأرواح سلام قوية وأكثر شجاعة، لفرض السلام ووضع حد لانتشار الانتقامات.

لكن الذين يهربون من هذه المصالحات يرون أن الحرب تمنحهم أفضلية متخيلة.

ولايرى هؤلاء أن مسار فشل الحرب وفشل السلام معا، سيكون هو الطامة الكبرى.

أما المضحك في هذا كله ، فهو تأكيد الطرفين على العمل وفق شرعية الدستور ، بحيث يصدران قرارتهما بالإشارة إليه، لكنهما يواصلان ممارساتهما المنفصلة عن الدستور تماما..وكأن شيئا لم يحدث.

زر الذهاب إلى الأعلى