جامعة صنعاء معطلة ومستقبل الطلاب في خطر
امتدت آثار الحرب والانقسام السياسي في اليمن إلى جامعة صنعاء، ما يهدد مستقبل الطلاب، وينذر بهبوط تصنيف الجامعة الأكاديمي على المستوى الدولي. لا تغييرات في الأفق، فالانتهاكات مستمرة ومعها إضراب الأساتذة.
التعليم في جامعة صنعاء، أكبر جامعات اليمن، مهدد بالانهيار الفعلي في ظل إضراب الأساتذة المستمر منذ مطلع العام الجاري. الأساتذة باشروا إضرابهم بسبب انقطاع مستحقاتهم منذ شهور وتراجع أداء إدارة الجامعة التي تتهمها نقابة التدريس بتدمير العملية التعليمية. توعدت الهيئة الإدارية للنقابة بمقاضاة رئيس الجامعة الدكتور فوزي الصغير، المعين من قبل اللجنة الثورية لأنصار الله (الحوثيين) أخيراً، بسبب ممارساته التي "تهدد التعليم"، كما وصفت.
كشف بيان أخير صادر عن النقابة عن بعض تلك الممارسات، مثل تكليفه أشخاصاً من خارج الحقل الأكاديمي بالتدريس في الكليات المختلفة. واعتبر البيان ذلك معيباً في حق "سمعة الجامعة الأكاديمية، ما يستهدف المجتمع اليمني ككلّ من خلال تخريج دفعات طلابية غير مؤهلة علمياً". وحذر البيان رئيس الجامعة من الاستمرار في تلك الممارسات التي وصفها بالتدميرية، وعدم اكتراثه بالوضع المتردي الذي ساد الجامعة أخيراً.
كذلك، حذر البيان قيادة الجامعة من "الإمعان في تأزيم الوضع وإطلاق عبارات التهديد والوعيد وتوجيه اتهامات بالتقصير لهم وإطلاق التهم الكيدية للنقابة من أجل عرقلة متابعتها قضية صرف رواتب المنتسبين إليها". وحمّلت النقابة من وصفتهم "معرقلي صرف الرواتب" مسؤولية توقف العملية التعليمية، ودعت أعضاءها إلى "الاستمرار في الإضراب الشامل وعدم تسليم أسئلة الاختبارات حتى تتحقق كلّ المطالب".
في هذا الإطار، يشير مصدر في النقابة، إلى انضمام الموظفين والعاملين في الجامعة إلى إضراب هيئة التدريس احتجاجاً على التعيينات غير القانونية والاختلالات التي ازدادت بكثافة بعد تعيين الحوثيين رئيس الجامعة الجديد. يضيف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ أعضاء النقابة يتفقون على أنّ الطلاب متضررون من استمرار الإضراب، لكنّهم يفضّلون استمراره كونه "أقل ضرراً من استئناف العملية التعليمية في ظلّ مثل هذه الظروف التدميرية، ما يؤثر على جودة التعليم ويضرّ بالسمعة الأكاديمية الداخلية والخارجية للجامعة".
يتابع: "في خصوص الانتهاكات، وصل الأمر إلى إصدار رئيس الجامعة العديد من قرارات التعيين غير القانونية، خصوصاً التعيين من خارج مجلس الجامعة ومن دون المرور بالمجلس، بالإضافة إلى توجيه إنذارات إلى الأكاديميين المضربين وتهديدهم، وهو ما لا يحق له، وتمرير أوامره الإدارية التي تنتهك قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية".
وتشهد جامعة صنعاء توقفاً أكاديمياً لافتاً بسبب سلسلة التطورات الإدارية التي تتجه بالعملية التعليمية نحو الاستقطاب السياسي الحاد، واحتمال بدء الكيانات الأكاديمية الدولية مراقبة الأداء الأكاديمي في الجامعة، ما سيؤثر في تصنيفها الأكاديمي مستقبلاً.
يؤكد عضو الهيئة الإدارية لنقابة التدريس في الجامعة، الدكتور هشام ناجي، أنّ الجامعة معطَّلة حالياً بسبب الإدارة غير الرشيدة لرئاستها التي يقول إنّها أثبتت عجزها في إدارة مؤسسة عريقة مثل جامعة صنعاء. ويضرب ناجي أمثلة لمثل تلك التداعيات الخطيرة: "بالإضافة إلى إضراب الأساتذة، يضرب الموظفون بسبب مشاكل إدارية في التعيينات المسيَّسة وغير الملتزمة بالمعايير الأكاديمية. وهو ما سيؤدي إلى انهيار الجامعة. وما لم يجرِ تدارك الأمر فسوف يُفاجأ اليمنيون بإغلاق الجامعة نهائياً".
يشير ناجي إلى مستجدات في القضية: "تتابع النقابة تطورات مسألة صرف الرواتب المتأخرة، وتواجه هذه المتابعة مرحلة عسيرة نتيجة استمرار الصراع السياسي والأمني في البلاد. لكن، هناك بصيص أمل بعد تلقينا وعوداً بصرف راتب شهر قريباً". يلفت إلى أنّ الإضراب ما زال قائماً على صعيدي الأساتذة والموظفين. ويحمّل ناجي السلطات في صنعاء مسؤولية تأثر الطلاب سلباً جراء عدم إجرائهم امتحانات الفصل الأكاديمي الأول للعام الجاري.
وكانت أزمة السيولة المالية في البلاد قد أثّرت على اليمنيين ومن بينهم الطلاب الذين تأثر أداؤهم العلمي سلباً. فهناك طلاب غير قادرين على شراء الكتب وغيرها من متطلبات التعليم الأساسية، ناهيك عن قيمة المواصلات اليومية نتيجة عدم صرف رواتب معيلي أسرهم، وبالتالي لم يعد لديهم استعداد كاف لخوض الامتحانات أو استيعاب المحاضرات، بحسب ناجي.
وتخللت العام الأكاديمي الجاري منذ بدايته بعض الانتقادات الحادة والملاسنات المباشرة بين نقابة التدريس في جامعة صنعاء وإدارة الجامعة على خلفية الممارسات الاستثنائية التي مررتها الأخيرة. وهو ما أدى إلى ارتباك الوضع التعليمي، خصوصاً أنّ الطلاب لم يتمكنوا من حضور أكثر من شهرين ونصف منذ بداية العام الدراسي في سبتمبر/ أيلول الماضي.