تقارير ووثائق

"غنائم" القاعدة في اليمن: سلاح ثقيل يهدّد الدولة

لا شيء مغرياً للجماعات المسلّحة كسلاح ثقيل يسقط بيدها في صورة “غنائم” سهلة ممن تسميهم حكومات “الطاغوت”. هذا الوضع ينطبق تماماً على تنظيم “القاعدة” في حضرموت شرقي اليمن الذي يسيطر على مدينة المكلا مركز المحافظة منذ إبريل /نيسان الماضي.
فقد استولى التنظيم إثر سيطرته على المدينة على كميات من السلاح الثقيل معظمها من معسكر “اللواء 27 ميكا”، أحد أكبر المعسكرات في محافظة حضرموت، والذي يضم أنواعاً مختلفة من السلاح.
وإلى جانب سلاح معسكر “اللواء 27″، سقط في يد “القاعدة” “اللواء 190” جوي ومقرّ المنطقة العسكرية الثانية، فضلاً عن معسكر الحرس الجمهوري، والنجدة ومبنى فرع القوات الخاصة. وبالتالي، فإن الأسلحة التي استولى عليها من جميع هذه المعسكرات كفيلة بامتلاك التنظيم ترسانة من الأسلحة قد تشكل خطراً على مستقبل البلاد.
وعانى التنظيم خلال السنوات الماضية من قلّة موارده لتمويل عملياته العسكرية، لكن سيطرته على المكلا وفرت له السيولة المالية والسلاح الكفيل باستمرار مواجهته للدولة.
وقال مصدر في المنطقة العسكرية الثانية إن السلاح الذي استولى عليه التنظيم يتنوع ما بين مدافع صغيرة، وعدد من الدبابات بعضها خارج الجاهزية، وقذائف “آر بي جي”، فضلاً عن سلاح “كلاشينكوف”، ومعدلات 23، وأكثر من مليون طلقة من الذخيرة نهبها عناصر التنظيم من مخزن السلاح في “اللواء 27 ميكا”، إضافة إلى تروس حربية استولوا عليها من “اللواء 190” جوي.

ولفت المصدر نفسه إلى وجود سلاح يصعب على التنظيم التعامل معه كونه يحتاج إلى خبراء عسكريين. لكنه أشار إلى أن التنظيم يلجأ إلى تصنيع العبوات والقنابل من المواد المتفجرة التي يستخرجها من السلاح الثقيل، فضلاً عن مواد متفجرة جاهزة آلت إلى التنظيم.
وأوضح المصدر أن التنظيم يستفيد من سلاحي الكلاشينكوف والمعدلات أكثر من أي نوع آخر من السلاح نظراً لسهولة التعامل معهما. وأكد أنّ التنظيم كان قد نقل غالبية السلاح إلى خارج مدينة المكلا، باتجاه بعض المناطق النائية خلال الفترة الماضية. وكانت مصادر محلية قد أشارت إلى أن التنظيم كان قد أغرق سوق السلاح بكميات كبيرة من أنواع الأسلحة كالكلاشينكوف إبان سيطرته على المكلا.
تهديد مستقبلي
وقد دأب تنظيم “القاعدة” خلال الخمس سنوات الماضية على تنفيذ عمليات عسكرية تستهدف بالذات قوات الجيش المنتشرة في وادي حضرموت، مستخدماً في الغالب العبوات الناسفة، مستغلاً الانفلات الأمني الذي تعاني منه البلاد.
غير أن امتلاك التنظيم السلاح الثقيل يعني أن عملياته ضدّ القوات المسلّحة تتوسع نوعاً وكماً، ما يجعل الحكومات المقبلة أمام تحد كبير، وخصوصاً أن السنوات الماضية كشفت عجز الدولة عن الحد من نفوذ “القاعدة” قبل أن يقع في يده السلاح الثقيل.
وكانت أهم العمليات التي نفذها تنظيم “القاعدة” خلال السنوات الماضية اقتحامه مقرّ المنطقة العسكرية الثانية بالمكلا في عام 2012 لمدة يومين، قبل أن يقتحم مدينتي سيئون والقطن ويتوجها أخيراً نحو مدينة المكلا التي سيطر عليها وأكمل فيها شهره الخامس، معزّزاً قوته العسكرية المستندة إلى السلاح الذي استولى عليه.
وبالنظر إلى كمية السلاح التي آلت إلى التنظيم يمكن القول إنه قد يبدأ بمرحلة نقل معاركه من الأودية والجبال وتفجير العبوات الناسفة إلى داخل المدن عبر أسلوب حرب الشوارع.
في هذا السياق، يقول الخبير العسكري في شؤون النزاعات المسلحة، علي الذهب، إن “قدرة القوة المادية التي استولى عليها التنظيم من معسكرات الجيش في حضرموت، مسألة نسبية”. ويستبعد أن يتوسع التنظيم في المحافظات المجاورة بما يشبه حال تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في العراق، لأسباب عديدة.
ويضيف أن “كميات السلاح التي باتت بيد (القاعدة) تضع اليمن في مصاف الدول الهشة، وسيكون لأي مواجهة مع التنظيم، بغية استعادة حضرموت، ثمن كبير، من القوة البشرية والمادية، فضلاً عن انعكاس ذلك على جوانب التنمية التي هي، بالأساس، متعثرة منذ خمس سنوات”.
ويشير إلى أن “استثمار السلاح من قبل التنظيم، سيكون من خلال الحفاظ على الوضع الراهن، ريثما يتوفر وضع ملائم يمكنهم من التوسع وبلوغ دولة التمكين التي تحكيها أدبياتهم واستراتيجياتهم”.

ويستبعد الذهب أن تندلع مواجهة قريبة مع “القاعدة” لاستعادة المناطق الواقعة في قبضته، في حضرموت.
من جهته، يرى عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية، فهد سلطان، أن (القاعدة) حتى اللحظة لا يزال يشكل خطراً على مستقبل اليمن وأمنها واستقراها، على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقاها خلال الفترة الماضية.
ويشير سلطان في حديث إلى أن كمية السلاح التي حصل عليها التنظيم منذ أبريل/ نيسان الماضي من عدد من المعسكرات بمحافظة حضرموت زادت هي الأخرى من خطورته.
ولفت إلى أن “القاعدة” يشعر بأن انتصار الجيش وإسقاط الانقلاب سيوجهان الأنظار إليه مباشرة، ما يدفعه إلى توسيع هجماته. ووفقاً لسلطان فإن التنظيم قد يعمل على إسقاط المحافظة بالكامل بالنظر إلى حجم السلاح الذي بات يملكه، بما يدفع الجيش إلى التفكير جيداً بموضوع “القاعدة” في هذه الأثناء وحماية المدينة من أي تمدّد أو فراغ يمكن أن يستثمره.

زر الذهاب إلى الأعلى