جوازات سفر يمنية محظورة
توفي والد سامي جميل في أحد مستشفيات صنعاء بعد فشله في الحصول على جواز سفر من مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بهدف نقله إلى خارج اليمن لتلقي العلاج. فقد أصيب الرجل بتليّف في الكبد وأدخل إلى غرفة الإنعاش ليظل في غيبوبة طوال أيام. نصح الأطباء بنقله إلى الخارج لتلقي العلاج، وعندما ذهب جميل لاستخراج جواز سفر لوالده، اكتشف أنّ جوازات السفر الصادرة عن صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين غير مفعّلة ولا يمكن لحاملها دخول أي دولة. يقول: "هذا ما اضطرنا إلى السفر إلى مدينة مأرب (شرق) لاستخراج جواز سفر من خلال تقديم تقرير طبي بالحالة وما يثبت حاجة الوالد إلى السفر بصورة عاجلة". يشير إلى أنّ السفر إلى مأرب والإجراءات المطولة في استصدار جواز السفر كانت سبباً في وفاة والده.
الحكومة اليمنية كانت قد قررت في مارس/ آذار الماضي إلغاء جوازات السفر الصادرة عن المؤسسات التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين في إطار مساع لتجفيف مصادر تمويلهم. وقد أصدرت الحكومة الشرعية في عدن تعميماً إلى سفارات جميع الدول بعدم التعامل مع جوازات الحوثيين وهو ما جرى العمل به مباشرة.
في السياق نفسه، يصف المواطن إبراهيم كابع قرار الحكومة الشرعية بالمجحف. يشير إلى أنّ الحكومة الشرعية في عدن أو الحوثيين في صنعاء لم يتخذوا قراراً واحداً صائباً منذ بداية الحرب يخفف من معاناة المواطنين، فكلّ القرارات تزيد من أعباء المواطن. يردف: "يضطر كلّ مواطن يحتاج إلى جواز سفر إلى أن يقطع مئات الكيلومترات للوصول إلى محافظات أخرى يتحمل تكاليفها الباهظة في الوقت الذي لا يجد المواطن قوت عياله... هذه جريمة". يلفت إلى أنّ هناك رسوم استصدار جواز مرتفعة، بالإضافة إلى المبالغ التي يطلبها من يعملون على تسهيل استصداره.
يقول كابع إنّه اضطر إلى اصطحاب والدته كي تسافر معه إلى مأرب لاستصدار جواز السفر. وبعد معاناة طويلة استمرت خمسة أيام حصلوا على الجواز كي يسافروا إلى مصر، فاضطروا للسفر إلى مدينة عدن (جنوب) "بالرغم من المعاملة المريعة التي يتعرض لها أبناء الشمال هناك وخوفنا بسبب الاختلالات الأمنية". يشير إلى أنّ هذه الإجراءات التعسفية ترغم المواطن على السفر مرتين إلى مأرب ثم عدن أو حضرموت قبل مغادرته البلاد. ويطالب الحكومة الشرعية بالعدول عن قراراتها غير المنصفة والعمل على ايجاد حلول أخرى لا تزيد من معاناة المواطنين، على رأسها فتح مطار صنعاء وإبعاد مصالح المواطنين عن مشاكل السياسيين.
عن إلغاء الجوازات، يوضّح الموظف في مصلحة الهجرة والجوازات في صنعاء عماد محمد، أنّ "حكومة هادي (الرئيس عبد ربه منصور هادي) ألغت التعامل مع جوازات السفر الصادرة عن صنعاء بذريعة عدم الارتباط بقاعدة البيانات المخزّنة في صنعاء". يضيف أنّ هذا القرار كغيره تسبب في تعطيل عمل مرفق حكومي خدمي يلبي احتياجات المواطنين ويخفف من معاناتهم.
يقول إنّ المصلحة تعمل بحياد من أجل توفير خدمة عامة للناس "لذلك، فإنّ المسؤولية الأخلاقية تحتم على الجميع إبعادها عن الصراع السياسي". ويدعو إلى إيجاد آليات ووسائل للتنسيق بين فروع مصلحة الجوازات لحلّ هذه المعضلة بالتوافق مع الجهات الأخرى "وذلك لتلافي تداعيات هذا الوضع الصعب الذي يعيشه الناس، وإزالة المعاناة التي لحقت بالمواطنين من جراء هذا القرار".
في المقابل، يوضح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية اليمنية أنّ عملية إلغاء العمل بجوازات السفر الصادرة عن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تأتي في إطار مواجهة السوق السوداء التي دشنها الحوثيون لابتزاز المواطنين، والحدّ من إصدار جوازات سفر مزورة لأشخاص قد يتسببون في أعمال تخريبية في دول أجنبية.
يضيف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنّ "الجوازات كانت مورداً مالياً مهماً لتمويل حروب الحوثيين في أكثر من محافظة، كنتيجة للكثافة السكانية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم إذ جرى رفع سعر استصدار الجواز إلى مبالغ كبيرة تجاوزت 100 ألف ريال (400 دولار أميركي) بعدما كانت لا تتجاوز خمسة آلاف ريال". يشير إلى أنّ الحكومة الشرعية افتتحت مراكز لإصدار الجوازات في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة مأرب توفر جوازات السفر بأسعارها الرسمية.
وقد بدأت الحكومة اليمنية الشرعية، منذ منتصف العام الماضي، تفعيل مصلحة الهجرة والجوازات في عدد من المحافظات الخاضعة لها، وكذلك السفارات اليمنية في الخارج، بعدما ظلت المصلحة تحت قبضة الحوثيين لأكثر من عامين. ومنذ مطلع العام الجاري، بدأت دول برفض استقبال اليمنيين، الذين يحملون جوازات سفر صادرة من مناطق خاضعة للحوثيين، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وعدد من دول الخليج العربي.