دشن رئيس هيئة رئاسة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، في عدن جنوبي اليمنن، عيدروس قاسم الزُبيدي، اليوم، أعمال الاجتماع الأول لما يعرف ب"لجمعية الوطنية المكونة من 303 أعضاء يمثلون مختلف المحافظات.
وخلال التدشين "أدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي وأعضاء الجمعية الوطنية الجنوبية، القسم المشترك، متعهدين بالمضي بخطوات ثابتة صوب استكمال أهداف الثورة الجنوبية واستعادة وبناء الدولة الجنوبية الحديثة وفقاً للضوابط والقوانين".
ألقى الزبيدي كلمة قال فيها انه "لشرف عظيم وكبير لنا جميعاً تدشين أعمال الجمعية الوطنية الجنوبية في ظل هذه الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية العصيبة، وشرف عظيم ان نتحمل المسؤولية معاً, وبالكيفية التي تليق بتضحيات شهدائنا الأبرار.. وفاءً منا لدمائهم الطاهرة الزكية, ووفاءً لجماهير شعبنا الجنوبي العظيم ونضاله البطولي.. ووفاءً لحقنا المشروع في الاستقلال وبناء دولتنا الجنوبية الحرة المستقلة وعاصمتها عدن".
وأشار إلى أنه "قد كانت العاصمة عدن سباقة في العمل البرلماني على مستوى الجزيرة العربية, واحتضن برلمانها المنتخب في مطلع النصف الأخير من القرن الماضي جميع الأعمال التشريعية المتعارف عليها في البرلمانات العريقة مجسداً روحاً حضارية متطلعة إلى مواكبة العمل المؤسسي الديمقراطي, قبل أن تعصف بهذه البلاد الطيبة الأحداث والصراعات المتعددة التي تعلمونها جميعا". ولفت إلى أنهم اليوم "وبعزيمة اكيدة واصرار كبير يرسون من جديد لبنات العمل المؤسسي حتى وان كانت البلاد تشهد الكثير من الأحداث الحاسمة, ولكن اصرارهم على نهج العمل المؤسسي دليل اكيد على ثقتهم بالانتصار لجميع القيم والأهداف الاستراتيجية التي ناضلوا من أجلها الجميع" وقال: لا شك أنكم تعلمون أن اختياركم لعضوية الجمعية الوطنية قد تم وفقاً لمعايير كثيرة ولم يتم عبثا أو بطرق عشوائية, وأكد أنه كان بودهم أن تضم هذه القاعة الكثير من الشخصيات والكفاءات الوطنية الجديرة بالتواجد بينهم اليوم, ولكنهم على يقين تام بأن أعضاء الجمعية قادرين على تجسيد تواجدهم وطموحاتهم بل وطموحات وآمال شعب الجنوب.
وأكد ثقة "رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة وجميع أعضاء الجمعية الوطنية، وقال: كونوا على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة عليكم، وانه لشرف ما بعده شرف، وثقوا بأننا سنقف معكم في جميع ما يمكن أن يساعدكم على انجاز مهامكم الوطنية على أكمل وجه.
وأضاف: لقد كنا في الجنوب العربي ومنذ انطلاق العمليات العسكرية لعاصفة الحزم جزءاً رئيسياً وفاعلاً فيها بجميع مكوناتنا السياسية والعسكرية والاجتماعية, وأثبت شعب الجنوب خلال الأشهر الأولى أنه كان فاعلاً في ميادين القتال، محققا انتصارات عسكرية حاسمة شهد بها العدو قبل الصديق, ولا أبالغ إن قلت أن الانتصارات التي حققتها المقاومة الجنوبية بمساعدة وعون دول التحالف العربي والتي على إثرها اندحرت جميع ميليشيات الحوثي وقوات صالح من أرضنا الطاهرة قد فاقت كل التوقعات.
كما قال: وفي الحقيقة أن جميع تلك الانتصارات ما كان لها أن تكون لولا توفيق الله سبحانه وتع إلى وإيماننا العميق بهدفين رئيسيين يتمثل أولهما في تطابق تام وكامل بيننا وبين الأشقاء في دول التحالف العربي فيما يخص خطورة التواجد الإيراني في بلادنا العربية مع ما يمكن أن يمثله ذلك من تهديد حقيقي للأمن القومي العربي بشكل عام والأمن القومي لدول الخليج العربي بشكل خاص, خاصة وقد أثبتت إيران من خلال ممارساتها وسياساتها أنها دولة توسعية ذات أطماع قومية تحاول أن توجد لها نفوذاً في بلادنا العربية بغطاء ديني طائفي مقيت.
وجدد الزبيدي "الالتزام التام بالمضي قدماً مع دول التحالف العربي في الحرب على هذا المشروع الإيراني التوسعي الطامع في بلادنا العربية، وذكر أن الهدف الثاني لهم في الجنوب العربي الذي جعل من مشاركتهم ضمن حرب عاصفة الحزم مشاركة فاعلة وحاسمة يتلخص في إيمانهم العميق بعدالة القضية الوطنية (قضية الجنوب)، وحقهم المشروع بل وواجبهم جميعا في الانتصار لها وصولاً إلى تحقيق الاستقلال التام وبناء الدولة الجنوبية الحرة المستقلة, ولقد كان هذا الهدف الوطني الاستراتيجي الدافع الرئيسي للمقاتل الجنوبي, وسر النجاح الأول للانتصارات العسكرية ولازال حتى الآن يتجسد في تضحيات أبطال القوات المسلحة الجنوبية على مختلف الجبهات, وهو هدف وطني مشروع ناضل وسوف يناضل من أجله شعب الجنوب بجميع فئاته مهما كانت الصعوبات والتضحيات".
وقال رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي الرئيس عيدروس الزُبيدي: وفي هذا الصدد نود أن نلفت نظر الأشقاء في دول التحالف العربي والمندوب الدائم للأمم المتحدة السيد / اسماعيل ولد الشيخ إلى الحقائق التالية:
أولاً: إن تجاهل (قضية الجنوب) على النحو الذي سارت عليه العملية السياسية في صنعاء منذ انطلاق ما سمي بالحوار الوطني وما تمخض عنه من نتائج, يعتبر نوعاً من الخداع للنفس وهروباً من مواجهة الحقائق المتعلقة بجوهر هذه القضية باعتبارها قضية وطن وشعب وهوية, ولا يمكن أن يشكل هذا التعامل السطحي مع القضية مدخلاً حقيقياً لحلها.
ثانياً: إن النهج الذي سارت عليه المفاوضات السياسية بإشراف الأمم المتحدة في المرحلة التي تلت عاصفة الحزم – مع تفهمنا للأولويات التي تحدث عنها ولد الشيخ – إلا أننا لا نرى في تأجيل البحث عن حل لهذه القضية أسلوباً يمكن أن ينتهي بها إلى نجاح باعتبار أن حلها أولاً مسألة سابقة لبقية القضايا وليس العكس.
ثالثاً: ربما ستلاحظون أن المتغيرات على الساحة اليمنية تتو إلى تباعاً بما ينتج عنها من غياب لقوى وظهور قوى أخرى تبعاً لنتائج المستجدات السياسية والعسكرية ولكن هذا العيار الذي ينطبق على مختلف القوى اليمنية لا ينطبق على ممثلي (قضية الجنوب).. لأن قوى الجنوب تمثل قضية وطن وشعب وهوية وليست قوى سياسية متصارعة على السلطة في صنعاء.
رابعاً: ان قيام دولة الجنوب المستقلة على كامل ترابنا الوطني بحدود ما قبل 22 مايو 1990م يعتبر مكسباً كبيراً للأمن القومي العربي بشكل عام وحاجزاً منيعاً امام التواجد الإيراني ومحاصراً له, كما انه يعتبر منسجماً مع الموقف الخليجي التاريخي الذي عبر عنه بيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في مدينة أبها السعودية يومي 5 ,6 يونية 1994م، والذي نص صراحة على: أن الوحدة التي رحبت دول المجلس بقيامها لا يمكن أن تستمر الا بتراضي الطرفين.. ونحن في هذا السياق نأمل من الأشقاء التعامل مع قضيتنا على هذا الأساس.
خامساً: اننا في الوقت الذي نقدر فيه ظروف ومتطلبات الصراع العربي مع المشروع الإيراني والأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم التي نؤكد أننا جزء منها, ومع تفهمنا لما يمكن أن ينتج عن ذلك من تحالفات سياسية لدول التحالف تقتضيها الضرورة إلا أننا نتأمل ألا تكون تلك التحالفات على حساب قضيتنا الوطنية التي هي قضية وجود ومصير، وفي نفس الوقت فاننا ننفتح على جميع الأصوات العاقلة في اليمن التي تتفهم لقضيتنا الوطنية وتقر بحقنا في الاستقلال أو تقرير المصير على الأقل, مع ما يمكن أن يثمر عنه ذلك من شراكة حقيقية قائمة على المصالح ما بين الدولتين في عدن وصنعاء برعاية خليجية وبما يشكل في مجموعه ضامناً أكيد للأمن القومي الخليجي وطارداً للتواجد الإيراني بكل أشكاله.
سادساً: لقد أثبت الشعب الجنوبي أنه شعب محب للسلام والاستقرار.. تواق لأن يعيش على أرضه بحرية ووئام مع محيطه العربي والإقليمي, مؤكداً في كل مرة قدرته الكبيرة على محاربة التطرف والارهاب بكافة أشكاله وأنواعه, ومقدماً نفسه كضامن حقيقي للمصالح الإقليمية والدولية المشروعة التي تعتمد على وجود استقرار حقيقي في هذه البقعة الجغرافية بمياهها ومداخلها البحرية الهامة.
وقال: اسمحوا لي عبركم أن أوجه تحياتي واحترامي وتقديري إلى جميع رجالنا الأبطال في جبهات القتال الذين يقدمون فيها أسمى وأغلى التضحيات, ويرسمون بدمائهم الطاهرة ملامح دولتنا الجنوبية الحرة المستقلة, وعبركم أيضاً اتوجه بالتحية إلى شعبنا الجنوبي العظيم.. إلى مصدر فخرنا وبأسنا واعتزازنا وكرامتنا.. مؤكدين لهم بأننا على درب الوفاء والعهد الذي قطعناه على أنفسنا أمامهم ماضون غير متخاذلين وأننا على وعدنا معهم سائرون.
وأضاف الزُبيدي: أننا نقدر وبشكل مسؤول حالة القلق التي تسود أوساطكم إزاء المتغيرات والأحداث السياسية والعسكرية التي استجدت خلال الأيام الماضية, ولكننا نؤكد لكم أننا سنكون بعون الله في مستوى الثقة التي اوليتموها لنا وهي دين وعهد في رقابنا لكم, وكل ما نرجوه منكم في هذه المرحلة المفصلية التحلي بالصبر والثبات والبعد عن الوقوع في الكمائن التي تنصب لكم من قبل أعداء الجنوب وقضيته, والتي تستهدف أولاً وأخيراً وحدتنا الوطنية الجنوبية، خاصة وقد أفلست هذه القوى وباءت كل محاولاتها السابقة بالفشل ولم يتبقى لها اليوم سوى سلاح وحيد وهو ضرب وحدتنا الوطنية فلا تمكنوهم من ذلك أبداً.
وأكدوا أنهم جسدوا خلال أصعب المراحل قدراً عالياً من روح التسامح والتصالح فيما بينهم وهي قيم تمثل الأرضية الصلبة لوحدتهم الوطنية, والتي لا يمكن أن يتنازلون عنها أو يضحون بها, وهي في نفس الوقت تفتح باباً واسعاً للقبول بالآخر الجنوبي الذي يحترم خيار شعب الجنوب وتضحياته الجسيمة، وأنهم في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي معنيين قبل الآخرين بحتمية القبول بالآخر الجنوبي تجسيداً لروح العمل الديمقراطي، وواثقين بأن الشرفاء من أبناء الجنوب حتى أن تباينت وجهات النظر معهم انما يشكلون لهم قوة وسنداً, مؤكدين على أن الحوار هو الوسيلة المثلى والطريق الحضاري لردم الهوة بين المتباينين في العمل الوطني.
وقال الزُبيدي مخاطباً أعضاء الجمعية الوطنية، الجنوب أمانة في أعناقكم، فكونوا خير من يمثله، وخير من يحافظ عليه، حافظوا على مبادئكم، أثبتوا على مواقفكم، ابنوا سياجاً من العدالة والإتزان والحكمة، ارفعوا راية هذا الوطن عالياً، صونوه بكلماتكم وقراراتكم وأرواحكم، وأن الجنوبيين ينتظرون منكم الكثير، فكونوا على قدر من المسؤولية، وبالعمل سوياً، سنجتاز الصعاب متكاتفين ومتماسكين، سنصل إلى الضفة الأخرى حيث الأمان والسلام والإستقلال، ولا يسعني في الختام إلا أن أتوجه إليكم بالشكر الجزيل على روحكم الوطنية العالية، كما أشكر القيادات العسكرية والأمنية الجنوبية الحاضرة معنا هنا في هذه المحطة التاريخية الهامة, كما أتنمى لكم في هذا الاجتماع الافتتاحي وما يلحقه من أعمال كل النجاح والتوفيق".