نص خطاب فخامة الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية ، بمناسبة العيد الوطني التاسع عشر للجمهورية اليمنية 22 مايو.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين
الإخوة المواطنون..
الأخوات المواطنات..
يأبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج..
ونحن نحتفل بالعيد الوطني التاسع عشر للجمهورية اليمنية وإعادة تحقيق الوحدة المباركة يسعدني أن أزف إليكم أجمل التهاني والتبريكات بهذه المناسبة الوطنية الغالية التي يقترن بها ميلاد اليمن الجديد.. يمن الوحدة والحرية والديمقراطية والتنمية والنهوض الحضاري الشامل.. فالوحدة انجازٌ تاريخي عملاق وثمرة عظيمةً لنضالات شعبنا وتضحيات شهدائه الأبرار.. وهي التجسيد الحقيقي لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية الـ26من سبتمبر وال14من أكتوبر وتطلعات جماهير شعبنا اليمني من اجل التحرر من عهود الإمامة والاستعمار والتشطير وصنع المستقبل الأفضل.
فلقد عانى شعبنا في ظل التجزئة من الكوارث والصراعات الدموية سواء في ظل الصراع الشطري الشطري.. أو في إطار كل شطر, وجاءت الوحدة المباركة لتسدل الستار على تلك المآسي وترسم واقع الحرية والديمقراطية والأمن والأمان, وأصبح المواطن يعيش حراً آمناً على حياته وعرضه وماله وأصبح اليمن بوحدته قوياً ومستقراً ومزدهراً وعنصراً هاماً للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
الإخوة والأخوات..
إننا نحتفل في هذا العام بهذه المناسبة الوطنية الغالية في ظل ظروفٍ هامة وتحدياتٍ كبيرة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية الناتجة عن الأزمة المالية العالمية في ظل انخفاض أسعار النفط عالميا إلى جانب انخفاض الإنتاج في بلادنا وزيادة معدلات النمو السكاني بالإضافة إلى تلك الأحداث المؤسفة الناتجة عن أعمال الشغب والتخريب والتقطع من قبل بعض العناصر الخارجة عن الدستور والقانون.
وحيث سعت تلك العناصر المأزومة إلى محاولة النيل من الوطن وسلامته وإثارة الفتنة ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء والنعرات المناطقية والشطرية والعنصرية في محاولة بائسة لإعادة عجلة التاريخ في الوطن إلى ما قبل ثورة الـ26من سبتمبر عام 1962.. وال14 من أكتوبر عام 1963.. والـ22 من مايو عام 1990.. وعرقلة جهود التنمية, ولكن شعبنا بكافة فعالياته السياسية والاجتماعية والثقافية ومؤسساته الدستورية سوف يتصدى لكل من يحاول النيل من ثورته ونظامه الجمهوري ووحدته ونهجه الديمقراطي.
وأود أن أطمئن الجميع بأن لا خوف ولا قلق على الوطن وسلامته.. وان الوحدة راسخة رسوخ الجبال وهي وجدت لتبقى لأنها محمية بإرادة الله وكل الشرفاء المخلصين من أبناء الوطن.. وبدعم من أشقائه وأصدقائه.
وستبقى الوحدة اليمنية الشمعة المضيئة التي لن تنطفي, ونبراس الأمل لأبناء شعبنا وأمتنا العربية.. وأن أصحاب المشاريع الصغيرة لن ينالوا من الوطن وسوف يفشلون كما فشلوا في الماضي.
ان مشروعنا الوحدوي هو الحرية والديمقراطية والأمن والأمان والإستقرار والتنمية والتقدم والازدهار لكل أبناء الوطن؛ وهو اسمى واكبر من كل المشاريع الصغيرة والضيقة التي تلهث وراء مصالحها الذاتية والنزعات الأنانية وممارسة الفساد والإفساد.
وإنها لمناسبةٌ ندعو فيها كافة أطياف العمل السياسي ومنظمات المجتمع المدني في الساحة الوطنية إلى الحوار الوطني المسؤول باعتباره الوسيلة المثلى لمعالجة كافة القضايا التي تهم الوطن, ومهما كانت التباينات في الرؤى فإنها مقبولة طالما كانت في الإطار السلمي.. وتحت سقف الالتزام بالثوابت الوطنية بعيداُ عن اللجوء إلى العنف والتخريب.
ولقد وجهنا الجهات المعنية في الحكومة والسلطات المحلية.. بحل قضايا المواطنين من خلال مؤتمرات المجالس المحلية التي ستنعقد في عواصم المحافظات ابتداءً من أول شهر يونيو المقبل وستضم كل الفعاليات السياسية وأعضاء المجالس المحلية والعلماء والمشائخ والمثقفين والمكاتب التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني دون استثناء.
الإخوة والأخوات..
إن أمامنا خلال المرحلة المقبلة الكثير من المهام.. وفي مقدمتها إجراء التعديلات الدستورية؛ لتطوير النظام السياسي والإنتخابي.. والانتقال إلى نظام الحكم المحلي الواسع الصلاحيات, بالإضافة إلى التسريع بجهود البناء والتنمية.. وإيجاد مواردَ جديدة غير النفطية, وفي مقدمتها السياحة والأسماك والصناعة والزارعة والمعادن, وتشجيع المستثمرين للتوجه نحو إقامة المشاريع الإنتاجية التي تحد من البطالة وتخدم أهداف التنمية.
وخلال احتفالاتنا بهذا العيد سوف يتم تدشين وافتتاح مشاريع إنمائية وخدمية بتكلفة تبلغ تريليون وسبعمائة وتسعة وعشرين مليار ريال وفي مقدمتها مشروع تصدير الغاز الطبيعي من مأرب عبر ميناء بلحاف الذي تبلغ تكلفته أكثر من خمسة مليارات دولار.
ونوجه الحكومة بسرعة إنشاء معامل لإنتاج الغاز للاستهلاك المحلي وتوليد طاقة كهربائية جديدة بقدرة ثلاثة آلاف وخمسمائة ميجاوات, والاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية, ومكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره, ومحاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة, وكذا الاهتمام بالشباب وتحصينهم بقيم الانتماء والولاء الوطني, والتركيز على التعليم النوعي والفني والمهني ومراجعة السياسات التعليمية من اجل ربط مخرجات التعليم بالتنمية.
الإخوة والأخوات..
إن نظامنا السياسي قائم على الديمقراطية التعددية.. وستظل الديمقراطية وسيلتنا للبناء ولا تراجع عنها مهما كانت السلبيات الناتجة عن الفهم الخاطئ من قبل البعض للديمقراطية, ونحث الجميع على ممارسة الديمقراطية بمسؤولية وبحيث لا تكون بابا مخلوعاً لإثارة الفتن ونشر السموم في المجتمع والإضرار بأمن الوطن ووحدته.
كما ندعو الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية في السلطة والمعارضة إلى الاصطفاف الوطني لمواجهة كل التحديات.. والعمل على تعزيز روابط الإخاء والوحدة والتلاحم الوطني, فالوطن ملك للجميع وبحاجة إلى جهود كل أبنائه المخلصين بدون استثناء.
كما ندعو الصحافة الرسمية والحزبية والأهلية إلى أداء دورها الوطني في ظل مناخات الحرية والديمقراطية, من أجل خلق وعي سليم.. ونشر ثقافة المحبة والإخاء والتعاون في المجتمع.
الإخوة الأعزاء..
لقد قطعت قواتنا المسلحة والأمن شوطاً متقدماً في مسيرة بنائها وتعزيز قدرتها الدفاعية والأمنية, ونثمن كل النجاحات الكبيرة التي حققتها المؤسسة الدفاعية والأمنية في مجال الحفاظ على الأمن والاستقرار.. ومكافحة الإرهاب والجريمة.. وأعمال القرصنة البحرية.. وضبط الخارجين على الدستور والنظام والقانون, وسنظل نولي منتسبي هذه المؤسسة الوطنية الكبرى الرعاية الكاملة وفاءً لتضحياتهم ولما يقدمونه من واجب وطني كبير.
الإخوة المواطنون..
الأخوات المواطنات..
يا أبناء امتنا العربية والإسلامية..
إن الواقع العربي الراهن يفرض علينا الخروج برؤية مشتركة للحفاظ على الأمن القومي العربي.. وإصلاح منظومة العمل العربي المشترك.. تلبية للتطلعات المنشودة لأبناء أمتنا العربية والإسلامية.
وإننا في الجمهورية اليمنية سوف نظل نعمل على خدمة قضايا أمتنا العربية والإسلامية وندعم كل الجهود الهادفة إلى تعزيز مسيرة التضامن العربي, وتوحيد الصف لمواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد الأمة, وسوف نعمل على تعزيز علاقات بلادنا مع كافة الدول الشقيقة والصديقة وبما يحقق المصالح المشتركة للجميع.. ونشيد في هذا الجانب بالتطور الذي شهدته العلاقات الأخوية بين بلادنا وأشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي.. وما يقدمونه من دعم سياسي واقتصادي من اجل امن واستقرار اليمن, ونثمن عالياً مواقف الدول الشقيقة والصديقة الداعمة لليمن وآمنه واستقراره ووحدته الوطنية.
و نؤكد مجدداً وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة.. وإقامة دولته على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف, وندعو كافة الفصائل الفلسطينية إلى نبذ الخلافات وتوحيد الصف خدمة للقضية الفلسطينية, كما نجدد مطالبتنا المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط على إسرائيل من أجل إنهاء الحصار المفروض على أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.
ونؤكد استمرار دعمنا لكافة الجهود المبذولة من أجل إحلال السلام والاستقرار في الصومال الشقيق, ونجدد تضامننا ووقوفنا إلى جانب السودان الشقيق للحفاظ على آمنه واستقراره ووحدته وسيادته وسلامة أراضيه, ونؤكد بأننا في الجمهورية اليمنية سوف نظل ندعم كافة الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب الذي يهدد الأمن والسلام الدوليين.. مرة أخرى, نجدد تهانينا لكم جميعاً بهذه المناسبة الوطنية الغالية, سائلاً الله العلي القدير أن يتغمد شهداء الوطن الأبرار بالرحمة والغفران..
وان يسكنهم فسيح جناته.
إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
سبأنت