احتفل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح هذا الاسبوع بمرور 20 عاما على حكمه اليمن الموحد لكن ما يدعو إلى الاحتفال لا يذكر في دولة ترزح تحت ضغط الانفصاليين والعنف الطائفي وتهديد تنظيم القاعدة.
وتملأ اللافتات المؤيدة للوحدة شوارع العاصمة صنعاء كتب عليها القوة في الوحدة والوحدة في القوة وهي بمثابة تحذير هادئ لليمنيين بالا يتحدوا الدولة التي تتمتع حكومتها بدعم غربي ولها تاريخ في سحق المعارضة.
لكنها ايضا تبرز التحديات التي تواجهها الحكومة بما في ذلك الصراعات مع المتمردين الشيعة بشمال البلاد والانفصاليين الجنوبيين وتنظيم القاعدة والتي قد يتطور اي منها ليهدد استمرارية الدولة. يفاقم من كل هذا الاقتصاد المتداعي.
وقال كريستوفر بوسيك الخبير بمعهد كارنيجي للسلام الدولي "هناك التحديات لليمن التي نقضي كل وقتنا في الحديث عنها وهي الجنوب والقاعدة والحرب في صعدة لكن هناك ايضا الاقتصاد الفاشل ونضوب الموارد والنمو السكاني والبطالة.
"هذا هو ما سيقهر الدولة. لن يكون الارهاب أو التحديات الامنية التقليدية."
وتعجز الحكومة اليمنية الفقيرة تقريبا عن تلبية احتياجات ومطالب معظم ابناء شعبها في مجتمع يحمل معظم أفراده السلاح ويتزايد استياؤه وفي أحيان ينقل صراعاته إلى الشارع.
وتقول وكالات اغاثة تابعة للامم المتحدة ان واحدا من بين كل ثلاثة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعاني من جوع مزمن فضلا عن ارتفاع شديد في نسبة البطالة حيث ان اكثر من نصف السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما بلا عمل مما يعني أن قلة هي التي تستطيع أن تعول نفسها.
وتضم صفوف الفقراء نحو 270 الف شخص نزحوا من جراء القتال في شمال البلاد ولم يعد معظمهم إلى ديارهم على الرغم من هدنة في فبراير شباط لانهاء الحرب التي اشتعلت منذ عام 2004 . ويزيد اللاجئون من الصومال الذي يمزقه الحرب من الضغط.
وقال دبلوماسي غربي في صنعاء "هذا النظام يركز على بقائه وليس هناك شك في هذا."
ويقترب العنف بين القوات الحكومية والانفصاليين في الجنوب من أسوأ مستوياته منذ الحرب الاهلية عام 1994 ولم تنج حملة ضد تنظيم القاعدة الذي يتخذ جناحه الاقليمي من اليمن مقرا له الا جزئيا.
واتحد شمال وجنوب اليمن عام 1990 تحت زعامة صالح الذي تولى الحكم في شمال اليمن السابق عام 1978 . ويشعر كثيرون في الجنوب الذي توجد به معظم المنشآت النفطية اليمنية بأن الشماليين يغتصبون مواردهم ويحرمونهم من هويتهم وحقوقهم السياسية.
وكثيرا ما تلجأ صنعاء للوسائل العسكرية لسحق المعارضة لكن الحكومة في الاونة الاخيرة بدت مستعدة لتفعل كل ما يحتاجه الامر بما في ذلك الحديث مع معارضين في الجنوب اذا كان هذا يعني استمرارها في الحكم.
في نهاية المطاف ليس بالضرورة أن يتحول اليمن المقسم إلى دولتين شمالية وجنوبية بل الارجح أن يقسم إلى عدد من الكيانات مما قد يؤدي إلى وقوع المزيد من أعمال العنف بين الفصائل الجنوبية وربما حرب أهلية تزعزع الاستقرار.
وقال نيكول ستراك من مركز أبحاث الخليج في دبي "بالنسبة لصالح فان وحدة اليمن غير قابلة للتفاوض والدفاع عنها أولوية قصوى. وسيحول الرئيس كل الموارد اللازمة لمنع الانفصال."
وفي كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى يوم الجمعة أراد صالح فيما يبدو استرضاء معارضيه معلنا عفوا عن نحو 300 مسجون من الحوثيين والانفصاليين الجنوبيين والصحفيين قائلا انه يريد فتح العملية السياسية في اليمن أمام الجميع.
وعلى الرغم من أن المعارضة اليمنية رحبت بالخطوة على نطاق واسع وان كان ببعض التشكك فان وسائل الاعلام الجنوبية كان لها رأي اخر.
وكتب صحفي على موقع للمعارضة الجنوبية على الانترنت ردا على كلمة صالح "يجب الاعتراف بقضية الجنوب والتعامل معها كما هي في الواقع وليس كما تريد الحكومة تسويقها للعالم الخارجي."
ولا يريد حلفاء صالح الخارجيين الاقوياء انقسام اليمن خاصة وأن جناح تنظيم القاعدة يحاول أن تكون عودته من اليمن حيث تتمتع القبائل القوية بالكثير من النفوذ.
وقال تيودور كاراسيك من معهد التحليل العسكري للشرق الادنى والخليج "من الواضح أن المجتمع الدولي يحبذ أن يكون اليمن موحدا. الانفصال مجددا سيكون صادما للغاية للبلاد والمنطقة."
وتدعم الولايات المتحدة وبريطانيا الوحدة اليمنية. اما السعودية التي كانت تدعم الجنوب في حرب عام 1994 فتدعم الان حكومة صالح ومقرها صنعاء.
وبلغ القلق الدولي بشأن انعدام الاستقرار في اليمن أوجه في ديسمبر كانون الاول حين أعلن تنظيم القاعدة عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة.
وقال ديفيد بندر من مجموعة يوراسيا "تقسيم الدول إلى نصفين يصيب الجميع بالتوتر... هذا لن يخلق سوى مناخ اكثر فوضى ولامركزية في جنوب الجزيرة العربية وهذا أمر لا يرى اي أحد فائدة فيه."
وأضاف "فيما يتعلق بوجود اي دعم للجنوب فانني لا أعلم من أين سيأتي هذا. سيكون هناك دعم هائل للشمال لمنع انفصال الجنوب."
و إلى جانب انعدام الامل تقريبا في زيادة الدعم الدولي لقضيتها فان الحركة الانفصالية الجنوبية باليمن منقسمة وفقيرة بدرجة لا تجعل منها مصدر تهديد خطير للحكومة.
وكان اليمنيون قد أيدوا الوحدة كرد فعل طبيعي معتبرين أنها ضرورية لمستقبل البلاد. وقال محمد وهو تاجر منسوجات وبن من صنعاء "نحتاج إلى الوحدة. اذا لم تكن هناك وحدة فلن يكون هناك أمن."