نظم المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) أمس أمسية ثقافية حول المركز التجاري والصناعي في اليمن قبل الإسلام.
ناقشت الأمسية التي شارك فيها نخبة من الأكاديميين والباحثين والمهتمين ورقة عمل مقدمة من أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عمر العمودي تناول من خلالها أهمية مركز ومكانة اليمن التجارية والصناعية والزراعية في عصورها المزدهرة القديمة قبل الإسلام.
واستعرض الدكتور العمودي إبداعات الإنسان اليمني القديم في مختلف الجوانب، اقتصادية، صناعية، عسكرية، مدنية، التجارية بحرية، برية، والزراعية التي حقق من خلالها القوة والازدهار والمنعة .. مستشهداً بما تغنى به كبار الشعراء والفرسان و المؤرخين العرب والرومان واليونان أمثال وبيلونوس الذي قال في وصفه لليمن "إنها أغنى بلاد الأرض قاطبة حيث يتوارد إليها كنوز الشرق والغرب معاً" كما وصف نظمها وشرائعها بالنضوج السياسي والاجتماعي وأنها قد بلغت الغاية في مضمار الحكم النيابي التمثيلي.
واشار إلى تفرد اليمن كوسيط مهيمن على التجارة البحرية باعتبارها المركز التجاري الأول على البحرين العربي والأحمر وحلقة الوصل بين الشرق والغرب فضلا عن سيطرتها على طرق التجارة البرية من خلال إقامة الحاميات العسكرية عبر الجزيرة العربية وصولاً إلى بلاد العراق والشام ومصر وروما وبلاد اليونان عبر بصرى وتدمر والبتراء وغزة .
وتطرق إلى الأطماع الأجنبية التي استهدفت اليمن ابتداء بالبطالسة اليونان مرورا بالرومان وانتهاء بالأحباش والتي سعت جميعها إلى وضع حد لمكانة اليمن التجارية والسياسية والعسكرية في محاولة إخضاعها لهيمنتها ونفوذها.
وأكد الدكتور العمودي أن تمسك اليمانيون بوحدتهم وولائهم لوطنهم وبحثهم عن العلم والمعرفة وحكمهم الرشيد كان أساس تميزهم وازدهارهم على مر العصور الأمر الذي تثبته النقوش والمراجع التاريخية.
وشدد على أبناء اليمن استمداد العزيمة والعزة والطاقة والشموخ من الإباء الأوائل لإعادة بناء اليمن والإنسان الجديد المتسلح بالعلم والمعرفة والتقنيات المعاصرة القادر على تجاوز كل الإشكاليات والمعوقات الموروثة من عهود الظلم والاستبداد المتراكمة من عهود الطائفية والإمامة الكهنوتية والاستعمار البغيض.
ولفت إلى أن موارد اليمن المادية والبشرية مؤهلة لصنع مجدها الجديد في ظل وحدة أبنائها وفي ظل دولة الوحدة والديمقراطية وسيادة الدستور والقانون والنظام باعتبار أن لا شيء يستعصي على الشعوب والدول إذا توفرت لها الإرادة والإيمان والعزيمة.
وكان الدكتور العمودي تطرق إلى أسباب تسمية اليمن والتي منها "اشتقاقه من اليُمن والبركة ، نسبة إلى يامن أو أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يعرب بن قحطان ، وقوعها على يمين الكعبة" .. وقال " الغالب أن لفظ اليمن عند عرب الجزيرة وقبائلها المختلفة قديماً وحديثاً يراد به الجنوب ويراد بالشام الشمال وهذه التسمية هي تسمية موجودة في مختلف بلدان ومدن الجزيرة العربية".