arpo14

باحثون: غياب الإدارة والتخطيط من أبرز التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني

بدأت الاثنين في صنعاء (25/10/2010) أعمال المؤتمر الاقتصادي اليمني (اليمن..الاقتصاد..المستقبل)، والذي ينظمه المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، بمشاركة عدد من الباحثين والمهتمين والمتخصصين ونخبة مميزة من رجال الاقتصاد والأعمال اليمنيين وضيوف من مراكز الدراسات العربية والدولية، ومن المقرر أن يستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام.

وفي الجلسة الافتتاحية ألقى الأستاذ الدكتور محمد أحمد الأفندي، رئيس المركز، كلمة رحب في مستهلها بالمشاركين في المؤتمر والحاضرين. وقال الأفندي في كلمته إن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في ظل احتفالات شعبنا بأعياد الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر والتي كان من أحد أهدافها العظيمة رفع مستوى الشعب اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وتحقيق العدالة الاجتماعية.

موضحا أن اهتمام المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية بالقضية الاقتصادية يأتي في ظل ظروف بالغة الحساسية تتصاعد فيها التحديات والمشكلات الاقتصادية التي تواجه اليمن، وهي تحديات تمثل نتيجة وسببا في آن واحد للتحديات والمشكلات السياسية والاجتماعية.

وأكد الأفندي أنه لم يعد خافياً على أحد ما يعانيه الاقتصاد اليمني من تحديات اقتصادية كبيرة أبرزها تفاقم مشكلة الفقر والبطالة، وتحدي قصور الخدمات الأساسية الاجتماعية والبنية التحتية، وتحدي نقص الموارد المائية، وأيضا تحدي ضعف مؤشرات التنمية البشرية، واستدامة المالية العامة للدولة، وتحدي النمو الاقتصادي الضعيف الذي يقابله نمو سكاني مرتفع، وتحدي الفساد الذي يلتهم الموارد ويفشل أية جهود حقيقية للإصلاح الشامل، بالإضافة إلى تحدي ضعف مناخ الاستثمار والذي يعزى لأسباب كثيرة اقتصادية وسياسية وأمنية.

وأشار الأفندي إلى أن التحديات والمشكلات الاقتصادية لا تقل شأنا عن قضايا ومشكلات بلادنا السياسية والاجتماعية والأمنية، وأن نقطة البداية في التعامل مع الشأن الاقتصادي لا يتم من خلال التهوين منها أو الإفراط في النظرة التشاؤمية، فالتهوين خداع لأمانة المسئولية والإفراط في التشاؤم حجب لحقيقة المشكلات، كلا الأمرين مضر بمنهج التعامل الصحيح في حل مشكلات اليمن.

وقال رئيس المركز: نحن اليوم أمام مفترق طرق في تصحيح مسار منهج التعامل مع القضية الاقتصادية والعودة بها إلى منهج النظر الوطني الجامع فقد آن الآوان أن يبلغ الحوار الوطني الشامل بين السلطة والمعارضة أقصى فاعليته وأصدق جديته في الوصول إلى رؤية جامعة ثاقبة توحد اليمنيين في تشخيصهم للاتجاهات الأساسية لمشكلاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسبل مواجهة هذه التحديات والمشكلات. مضيفا: اليمن أمانة في أعناقنا جميعاً ومسؤليتنا جميعاً للنهوض به سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحضارياً تحقيقاَ لأهداف الثورة اليمنية العظيمة ووفاء لتضحيات وجهاد أحرار اليمن منذ ثلاثينيات القرن الماضي الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم من أجل يمن حر ومزدهر وموحد في ظل حكم ديمقراطي شوروي عادل يحقق العدالة والإنصاف لكل اليمنيين.

وعن الهدف الذي يسعى المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية لتحقيقه من مداولات هذا المؤتمر قال الأفندي: إننا نتوخى من مداولات هذا المؤتمر الاقتصادي تقليب وجهات النظر ومناقشة أبرز المشكلات والتحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن بمسؤولية مهنية ومنهجية علمية موضوعية وبما يمكن من التقييم السليم للسياسات والبرامج الاقتصادية والإسهام في ترسيخ مسار صحيح لمجابهة التحديات والمشكلات الاقتصادية.

وخاطب الأفندي الحاضرين قائلا: إننا ونحن نضع أمامكم برنامج وقضايا المؤتمر الاقتصادي الذي ينظمه المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية فإننا نتطلع أن يحقق أهدافه ومقاصده في الإسهام في بلورة رؤية مشتركة للقضية الاقتصادية ونحن في المركز على ثقة من أن تفاعلكم بالمشاركة والنقاش والتحليل خلال أيام المؤتمر الثلاثة ستعطي أكلها وستكون لها قيمتها في تحقيق أهداف مجتمعنا.

من جانبه، ألقى الدكتور عبدالعزيز الترب كلمة المشاركين، شكر في مستهلها منظمي المؤتمر، وقال: علينا أن نقف بمسؤولية أمام قضايانا بعيدا عن السياسات المتشنجة.

وتمحورت الجلسة الأولى من أعمال المؤتمر حول القطاعات الاقتصادية (القطاع الزراعي، قطاع النفط، قطاع الكهرباء). وقال الدكتور محمد الأفندي، رئيس المركز، والذي أدار الجلسة الأولى، إن هذه الثلاثة القطاعات تسهم بـ26% من الناتج المحلي.

ورقة العمل الأولى ألقاها الأستاذ الدكتور ناصر العولقي، وكانت بعنوان "القطاع الزراعي والسياسات الزراعية في اليمن: التحديات والفرص المتاحة"، قال فيها أن الزراعة اليمنية تتميز بتفاوت الخصائص المناخية والتضاريس مما ساعد على تنويع الإنتاج وديمومة إنتاج بعض السلع الزراعية على مدار العام. وأضاف: هناك مشكلة كبرى تواجه القطاع الزراعي الغذائي في اليمن وتتمثل في الزيادة المضطردة في إنتاج القات واستهلاكه، مشيرا إلى أن الثروة الحيوانية تعتبر واحداً من المكونات الرئيسية للقطاع الزراعي في اليمن.

وأوضح أن من أبرز المؤشرات على تفاقم أزمة الغذاء الانخفاض المستمر في نسب الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية، واختلال التوازن بين الصادرات والواردات الزراعية، وانخفاض المستوى الغذائي للمواطنين.

وأضاف: من الأخطاء المهمة التي ارتكبتها السياسة الزراعية في اليمن على مدى السنوات الماضية هو عدم إعطاء الاهتمام اللازم لأهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في اليمن ويقصد بذلك التوسع الكبير في زراعة القات واستنزاف المياه الجوفية لصالح القات والمنتجات الأخرى من الفواكه والخضراوات.

أما ورقة العمل الثانية فقد كانت بعنوان "تقييم المؤشرات الإنتاجية للنفط والغاز في اليمن" أعدها الدكتور رشيد صالح بارباع وألقاها بالنيابة عنه منصور البشيري. وقال بارباع في ورقته أن النفط يعتبر المصدر الرئيسي للدخل في اليمن ويشكل نسبة كبيرة في الموازنة العامة للدولة تشكل أكثر من 70%، ويلعب دورا هاما في التنمية الشاملة حيث يشكل النفط 90 – 92 % من قيمة الصادرات.

موضحا أن صناعة النفط والغاز تتميز عن غيرها من الصناعات بأنها تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة وتتسم عملية الاستخراج بمخاطرة في مرحلة الاستكشاف ومرحلة الإنتاج، هذه بالإضافة إلى إن المشرع في كل دولة يضع الإطار القانوني لتنظيم عمليات البحث والاستخراج ويتحتم على الشركات الالتزام به.

وقال بارباع أن اليمن تعد من المناطق الجاذبة للاستثمارات النفطية لأهميتها من الناحية الجيوبترولية، حيث تقع بجانب أغنى حقول البترول واكبر احتياطياته في العالم وكذلك موقعه الجيوغرافي المطل على البحرين الأحمر والعربي، والناحية الجيولوجية، حيث تعتبر من المناطق ذات الآفاقية النفطية الجيدة، إذ تتواجد في أحواضها الرسوبية نظام بترولي متكامل. أضف إلى ذلك المرونة والاعتدال لاتفاقيات المشاركة في الإنتاج.

وحول واقع الاستكشاف والإنتاج النفطي والغازي قال بارباع في ورقته أن مساحة الجمهورية اليمنية تنقسم إلى قطاعات استكشافية وإنتاجية حيث وصل عدد القطاعات الإنتاجية اليوم إلى 12 قطاع بمساحة كلية تقدر بـ21957 كم2 أما الاستكشافية فعددها 37 قطاع بمساحة تقدر بـ195780 كم2. وعدد القطاعات التي تنتظر المصادقة فهو قطاع واحد أما القطاعات المفتوحة فهي 50 قطاعا.

وأكد أن الدراسات الجيولوجية في كثير من الأحواض دلت على إن هناك إمكانات واسعة للمزيد من الاكتشافات النفطية سواءً في الأحواض المنتجة أو غير المنتجة، مما يدلل على ذلك فقد تم مؤخرا اكتشاف الغاز تحت ضغط مرتفع في أحد أجزائه حوض خليج القمر في محافظة المهرة، وهذا الاكتشاف يشكل دليلاً حقيقياً على وجود تلك الإمكانات البترولية في منطقة لم يظهر فيها النفط قبل ذلك ولم يعرف الكثير عن نظامها البترولي ويفتح الاكتشاف أفاقاً واسعة وآمالا كبيرة وحافزا إيجابياً للتنافس في أعمال البحث والتنقيب من قبل الشركات.

وتمحورت ورقة العمل الثالثة في الجلسة الأولى حول "واقع ومستقبل قطاع الكهرباء في الجمهورية اليمنية" ألقاها الأستاذ نبيل محمد الطيري، قال في مقدمتها: تمثل مشكلة الكهرباء أحد المشاكل التي تواجه الاقتصاد اليمني، لما لها من آثار وتداعيات على مستوى رفاهية وحيوية المجتمع. وكذلك لما لها من آثار سلبية على القطاعات الإنتاجية والصناعية ومن ثم على النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن. ولذلك فقد أولت الحكومة قطاع الكهرباء اهتماماً ملحوظاً في السياسات والخطط التنموية.

وأوضح الطيري أن مؤشرات قطاع الكهرباء تظهر أن القدرة التوليدية للمحطات الرئيسة والفرعية بلغت 1060.63 ميجاوت (م.و) عام 2006 وارتفعت إلى حوالي 1330.11 (م.و) عام 2009، ويتوقع أن تصل عام 2010 إلى 1566.6 (م.و). كما بلغ إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية عام 2009 حوالي 6748.93 جيجا وات في الساعة بمعدل نمو متواضع بلغ حوالي 3.1% عن عام 2008، يظهر الاختلال في عدم القدرة على زيادة الطاقة الإنتاجية في ظل تزايد الطلب على الكهرباء في اليمن وتزايد قدرات التوليد الكهربائية، ويمثل إنتاج الطاقة الكهربائية بالبخار المصدر الأول والذي بلغت نسبته حوالي 39% من إجمالي إنتاج المحطات الرئيسة للمنظومة الموحدة عام 2009، فيما يمثل الديزل المصدر الثاني وبنسبة 25.9% عام 2009.

وقال الطيري أن الدعم الحكومي المقدم لقطاع الكهرباء يمثل حوالي 0.33% من إجمالي النفقات العامة للدولة عام 2009، ويمكن تفسير ارتفاع العجز عام 2008 نتيجة ارتفاع الفاقد في الطاقة الكهربائية والذي يبلغ تكلفته حوالي 8 مليار ريال وارتفاع المديونية إلى 13 مليار ريال وهذا يبين سبب ارتفاع متوسط كلفة الوحدة المباعة.

أما جلسة العمل الثانية التي رأسها الأستاذ علي لطف الثور (رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى) فقد تطرقت إلى محور السياسات المالية والنقدية، وفي الجلسة قال الأستاذ الدكتور سيف العسلي في ورقته المعنونة ب"سياسات الإنفاق العام" إن فشل برامج إصلاح المالية العامة في اليمن والتي بدأت في منتصف تسعينيات القرن الماضي، يعود وبشكل أساسي لعدم السعي لإحداث إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي حقيقي. فالإصلاح المالي ركز على الجوانب الفنية فقط. ولذلك فإنه لضمان نجاح أي إصلاح مالي في المستقبل فإنه لا بد من ربطه بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المناسبة.

وأشار العسلي إلى أن النفقات الجارية تمثل النسبة الأكبر بين مكونات النفقات العامة في اليمن، وبنسبة تصل إلى أكثر من 90% من إجمالي النفقات في عام 2008. وتمثل النفقات على المرتبات والأجور نسبة كبيرة تصل في المتوسط إلى أكثر 30% من إجمالي النفقات العامة، وما يقرب من 50% من النفقات الجارية.

موضحا أنه على الرغم من هذه النسبة الكبيرة للنفقات على القوى البشرية، إلا أنها لا تشير إلى تحسن في مستوى الخدمات العامة. ويرجع ذلك إلى عدد من الأسباب أهمها: التضخم الكبير في حجم القوى البشرية، والازدواج الوظيفي، ومقاومة التقاعد.

وأضاف: كما لا يوجد أي تناسب بين النفقات على المرتبات والأجور والإنفاق على المواد المساعدة. فقد كانت النفقات المساعدة في عام 2006 تمثل 11% من إجمالي النفقات العامة، ثم انخفضت إلى أقل من 7% في عام 2008. وكذلك الحال بالنسبة للنفقات الرأسمالية التي ظلت ثابتة عند 19% من النفقات العامة خلال الفترة من 2006 وإلى 2008.

أما الإيرادات العامة في اليمن، فقد أكد العسلي أن الإيرادات الضريبية في اليمن تمثل ما يقل عن 20% من إجمالي الإيرادات العامة، أو ما يقارب 7% من الناتج المحلي الإجمالي. وتمثل عائدات الملكية (إيرادات النفط والغاز) في اليمن المصدر الأساسي للإيرادات العامة في اليمن. إذ إنها تمثل ما لا يقل عن 75% من الإيرادات العامة أو حوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تمثل المساعدات والهبات الخارجية أقل من 4% من إجمالي الإيرادات العامة. وإن تصنيف اليمن المتدني لا يمكنها من الحصول على أي قروض تجارية.

موضحا أن الزيادة الكبيرة في النفقات العامة في اليمن كانت نتيجة للزيادة الكبيرة في الإيرادات العامة وخصوصا الإيرادات النفطية. وإن زيادة الإيرادات العامة قد التهمتها النفقات الجارية وعلى وجه التحديد، كما أن الزيادة في الإيرادات النفطية كانت تؤدي إلى إلغاء الموازنة المقرة والسماح بالإنفاق خارج الموازنة وعلى مجالات لا وجود لها في الموازنة (الاعتماد الإضافي)، والذي كان في الغالب يتناقض مع توجهات وبنود الموازنة العامة، كما أن النفقات السلعية ظلت في تناقص.

من جانبه، ألقى الدكتور محمد فرحان ورقة بعنوان "تقييم أذون الخزانة وبدائلها في الجمهورية اليمنية..دراسة تحليلية للفترة 2010 - 1996" قال فيها أن حجم الإصدار لأذون الخزانة بالقيمة الفعلية شهد تطوراً ملحوظاً خلال الفترة من ديسمبر 1995 حتى مايو 2010، إذ ارتفع حجم الإصدارات بالقيمة الفعلية من (39,360) مليون ريال في ديسمبر 1996، إلى (1,617,524) مليون ريال في ديسمبر 2009، بمعنى أن حجم الإصدار خلال هذه الفترة زاد بحوالي أربعين ضعفاً، وبمعدل نمو سنوي يتراوح بين (173.8 %) في العام 1997، و(6.9- %) في العام 2009.

موضحا إصدارات أذون الخزانة ساهمت في خفض معدل التضخم السنوي خلال السنوات الأولى من الإصدار، حيث انخفض المعدل من 62.5% عام 1996 إلى (4.6%) عام 1998م، إلا أن الحكومة وكما هو ملاحظ من الجدول لم تستطع من خلال الاستمرار في إصدارات أذون الخزانة أن تؤثر إيجاباُ في تخفيض نسبة التضخم السنوي، حيث عاود معدل التضخم الارتفاع بعد ذلك ليتراوح فيما بين (8%) و(12.5%).

وقال فرحان أن أذون الخزانة استنفدت أغراضها وفشلت على الأقل منذ العام 1998 في تحقيق الأهداف التي قررها القانون، وبالتالي فإننا بحاجة إلى ابتكار وطرح أدوات مالية بديلة يمكن أن تحقق الأهداف السابقة التي قررها القانون، ولعل من أهم تلك الأدوات ما يُعرف اليوم بالصكوك الإسلامية والتي تم تطبيقها في كثير من بلدان العالم بما فيها غير الإسلامية.

وفي الجلسة ذاتها، ألقى الأستاذ على الوافي ورقة بعنوان "السياسات الضريبية" قال فيها: إن عملية التقدم الاجتماعي والاقتصادي مرهونة بدرجة كبيرة بقدرة الحكومة على توليد مصادر مالية كافية لتمويل برامج الخدمات العامة والمشروعات التنموية المختلفة، وتشكل الضرائب في اليمن نحو 16% من الإيرادات العامة كمتوسط خلال الفترة 2004-2009 ونحو العامة 6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الفترة، بينما تمثل الحصيلة الضريبية أكثر من 30 % من الناتج المحلي الإجمالي كمتوسط في الدول المتقدمة ونحو 15% في الدول النامية، وهذا يعني أن هناك هدراً كبيراً في الطاقة الضريبية التي يمكن تحصيلها وبما يعادل نسبة 9% من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يمثل نسبة 150 % من حجم الحصيلة الضريبية الحالية في اليمن، وهذا الوضع يؤكد أن هناك حاجة ماسة لمراجعة السياسات المالية، وأثرها على النشاط الاقتصادي، وتأتي السياسات الضريبية في مقدمة السياسات المالية التي يجب مراجعتها وتقييم آلية عملها ومدى سلامة المكونات الأساسية للنظام الضريبي القائم.

وأوضح الوافي أن مقدرة الحكومات على تحقق إيرادات ضريبية أعلى لا يعتمد في المقام الأول على طبيعة التشريعات، وإنما يعتمد أكثر على كفاءة وتكاملية الأجهزة الضريبية التي تقوم بتطبيق التشريعات، كما أن الإصلاح الضريبي المطلوب هو الذي يؤدي إلى زيادة مساهمة الفئات والشرائح ذات الدخول العالية في المجتمع، وإعفاء ذوي الدخل المحدود من الضرائب، كما يؤدي إلى دعم وتطوير الاستثمارات الإنتاجية التي تسهم في معالجة البطالة ويؤدي إلى تصويب الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني. مشيرا إلى أن التوسع في منح الإعفاءات الجمركية والضريبية قد أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من مئات المليارات من الريالات سنوياً.

الورقة الأخيرة في اليوم الأول من المؤتمر كانت بعنوان "الإيرادات العامة غير الضريبية" ألقاها الأستاذ منصور البشيري، وفيها أشار إلى أنه مع التراجع الكبير في إنتاج النفط الخام في اليمن من حوالي 146 مليون برميل عام 2005 إلى حوالي 96 مليون برميل فقط في عام 2010م وتراجع حصة الحكومة من النفط، إلا أن الإيرادات النفطية حققت معدل نمو سنوي متوسط موجب بلغ 13.5%، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب أهمها: تزايد أسعار النفط على المستوى العالمي خلال السنوات 2005 وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2008، دخول مشروع الغاز الطبيعي المسال مرحلة الإنتاج والتصدير بداءاً من الربع الأخير من عام 2009، قيام الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية والغاز المستهلك محلياً أكثر من مرة خلال الفترة 2005 – 2010م، وتزايد الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية جراء الزيادات السكانية، وتزايد النشاط الاقتصادي.

وأضاف:على الرغم من تراجع الإيرادات النفطية خلال العامين 2009 – 2010 إلا أنها ما تزال تمثل أكثر من نصف الإيرادات العامة للدولة، وبلغت في المتوسط السنوي للفترة حوالي 66% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة، كما يأتي أغلبها من عوائد التصدير للنفط والغاز الطبيعي وبنسبة 37,5% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة خلال الفترة، تليها الإيرادات من مبيعات النفط والغاز في السوق المحلية وبنسبة سنوية متوسطة بلغت 29,2% من الإيرادات العامة، مع العلم أن مبيعات النفط والغاز في السوق المحلية قد حققت نمواً سنوياً متوسطاً بلغ ضعف متوسط النمو السنوي للإيرادات النفطية من الصادرات.

وفي تعقيبه على ورقة الدكتور رشيد بارباع، قال الدكتور مصطفى عبداللطيف سروري أن اليمن سعت إلى استخراج النفط من منطلق الحاجة إلى المال وليس إلى الطاقة، وأنها اعتمدت كليا على شركات الاستكشاف الأجنبية، مشيرا إلى أن أعلى نسب الإنتاج كانت خلال الفترة 2001 - 2003 ، فيما بدأ الإنتاج في الانخفاض منذ العام 2004، موضحا أن سبب الانخفاض في الإنتاج يعود إلى عدم وجود رؤية استراتيجية، وعدم حصول اكتشافات جديدة، بالاضافة إلى عدم وجود تقييم واقع الاستكشافات.

وقال سروري أنه منذ بداية الانتاج النفطي تم إحراق كميات كبيرة من الغاز في قطاع مأرب، وأنه لم يتم إنشاء كيان خاص بالغاز حتى الآن، كما أنه لم يتم العمل علة تخزين الغاز لتوليد الطاقة، مشددا على ضرورة وجود تقييم شامل ومحدث لواقع الاستكشاف في مجال الغاز.

من جانبه، قال الدكتور محمد صالح قرعة في مداخلته أن خصخصة قطاع الكهرباء ستؤدي إلى خسائر سياسية واقتصادية واجتماعية سيعاني منها الوطن.

أما الأستاذ على سيف حسن فقد أشار إلى أنه لا يوجد حديث عن قطاع الطاقة الكهربائية للتنمية، وحتى الاستهلاك المنزلي فنحن بحاجة إلى ضعف الإنتاج الحالي.

إلى ذلك، قال الشيخ علي عبد ربه القاضي، عضو مجلس النواب، أن فشل القطاع الزراعي يكمن في عدم التوجيه والتخطيط للمزارعين المنتجين، كما أن ارتفاع أسعار الديزل يعود بالضرر على المزارعين وعلى الوطن بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى