تعرض وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه الحكومة والمتمردون الشيعة بقيادة الحوثيين في شمال اليمن منذ تسعة أشهر للتقويض بسبب الاشتباكات المتفرقة بين المتمردين ورجال القبائل الموالية للحكومة وتأخر التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق.
وكانت محافظة صعدة الشمالية في اليمن قد عانت من ست جولات من النزاع منذ عام 2004 بين القوات الحكومية والمتمردين، مما تسبب في نزوح حوالي 270,000 شخص. وقد وضعت الهدنة التي تم التوصل إليها في فبراير حداً لستة أشهر من القتال العنيف، وأعقبها اتفاق وقعه الجانبان في شهر أغسطس في قطر.
وعلى الرغم من أن الاتفاق الذي تم برعاية قطرية نص على نقل جميع السجناء الحوثيين إلى محافظة صعدة استعداداً لإطلاق سراحهم، والتزام المتمردين بإرجاع المعدات العسكرية التي استولوا عليها بالمقابل، إلا أنه لم يتم تنفيذ أي من الشرطين بعد.
ويعتقد محمد عبد الحميد، وهو شيخ قبيلة من محافظة إب، التي تقع على بعد 200 كيلومتر جنوب العاصمة صنعاء، أن كلا الجانبين غير جاد في التزامه بالاتفاق، حيث قال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد تم التوصل إلى أكثر من ست اتفاقيات، ولكن لم يدم أي منها لفترة طويلة". وأضاف أن الهدنة دعت إلى فتح الطرق التي أغلقها المتمردون، ولكن هناك تقارير تفيد باستمرار نصب الكمائن على الرغم من وقف إطلاق النار.
بدوره، قال ضيف الله سليمان، وهو عضو المجلس المحلي في صعدة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المتمردين يستهدفون المواطنين الذين يعتقد بأنهم موالون للحكومة،" مضيفاً أن الهجمات كانت شائعة بشكل خاص في الجزء الشرقي من المحافظة المجاور لمحافظة الجوف.
من جهته، أفاد محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين أن الحكومة فشلت في الوفاء بتعهدها بإطلاق سراح جميع المقاتلين المحتجزين بموجب العفو العام الذي أعلنه الرئيس علي عبدالله صالح في مايو بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لوحدة اليمن قائلاً أنه "لم يتم الإفراج سوى عن بضع مئات فقط".
كما اتهم في بيان له الحكومة بعدم إحراز تقدم "بشأن قضايا أخرى، كقضية الأشخاص الذين اختفوا وإعادة الإعمار والتعويضات ووقف حملة الاعتقالات وتسليح الميليشيات" مضيفاً أن الجماعات الموالية للحكومة "لا تتردد في قتل نسائنا وأطفالنا".
من جهة أخرى، اتهم طارق الشامي، المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، الحوثيين بخرق هدنة فبراير بشكل مستمر. وأضاف "إنهم يرفضون إلقاء أسلحتهم، والتوقف عن التدخل في شؤون السلطة المحلية". وقال لطف نصاري، المسؤول الأمني بوزارة الداخلية، أن الحكومة أفرجت عن جميع المتمردين الذين كانوا مؤهلين للحصول على الإفراج بكفالة ووافقت على إعادتهم إلى قراهم. "أما الذين لم يحضروا الكفالة [وهي عبارة عن ضمانات تجارية من رجال أعمال من ذوي السمعة الحسنة وتأييد شيوخ بارزين] فما زالوا رهن الاحتجاز".
التعويض
وبموجب الوساطة القطرية، تم تشكيل لجنة محلية مكونة من زعماء القبائل وشخصيات بارزة لمراقبة امتثال الجانبين لوقف إطلاق النار. وفي ظل توسع الاضطرابات الانفصالية في الجنوب، يعتقد الصحفي اليمني ناصر الربيعي أن هناك إرادة سياسية أقوى من ذي قبل داخل الحكومة لانهاء الصراع الدائر في الشمال، ولكن التأخر في دفع تعويضات للمدنيين الذين تضررت منازلهم من جراء القتال ينذر بالخطر، وهو أمر مرتبط بعملية السلام.
وقد قدر صندوق إعادة إعمار صعدة التابع للحكومة أن منازل ومزارع ما بين16,000 و17,000 أسرة تضررت منذ عام 2004 في محافظتي صعدة وعمران، وقد بدأ الصندوق بتسديد تعويضات لـ1,100 أسرة في أغسطس، ولكن التقدم كان بطيئاً.
وتقدر الحكومة تكلفة القتال من أغسطس 2009 إلى فبراير من هذا العام بنحو 850 مليون دولار. وقال الربيعي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الإعمار يحتاج إلى كمية ضخمة من الأموال ولكن "الحكومة فقيرة، وإذا لم يحصل المواطنون على التعويضات التي تعهدت بها الحكومة، فسيعتبرونها ضعيفة وستتوسع قاعدة دعم الحوثيين".
وأضاف محمد العماد، الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة صعدة أن "الصندوق بحاجة ماسة إلى الدعم المالي من الدول والمنظمات المانحة للوفاء بالتزاماته المالية".