يعرف جيدا الشيخ حمد بن جاسم من يقف وراء الحملة ضده في الكويت واتهامه بتقديم الدعم المالي أو الرشاوى لأطراف كويتية تارة، وتدخله في ما هو حاصل في الكويت تارة أخرى، واتهام قطر طورا بالرسالة الهاتفية للنائب وليد الطبطبائي التي أعلن فيها من ساحة الإرادة ان الشيخ جابر المبارك هو آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك.
ورغم كل الحملات، يصر رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم على «عدم الرد» بل ويتمنى «ألا يصدر» منه رد، لأن «العلاقة المميزة والمتميزة مع الكويت هي الأولوية، وكذلك الحفاظ على التوافق والاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي، أما قضية الرد فلكل حادث حديث»، ولثقته أيضا بأن «غالبية الكويتيين يعرفون الهدف من استغلال هذه القضية».
يملك الشيخ حمد من القدرة التعبيرية ما يجعله يدافع عن مواقفه بالشكل الأمثل فيطلب ممن يروجون هذه الاتهامات «تقديم أي دليل حتى لو لم يكن دليلا تقبله المحكمة، فهذا الكلام هو كذب جملة وتفصيلا»، بل ويصف هذا التدخل - إذا صح - بأنه «تدخل سافر في شأن كويتي داخلي»، معتبرا ان «بعض الجهات تخلق مشكلة كي تحوّل الأنظار وتشتتها عن المشكلة الحقيقية»، ومشددا على ان «قطر لديها سياسة واضحة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة (...) ونحن من الناس الذي يتمنون دائما للكويت الاستقرار وهدفي كان وما زال وسيبقى تطوير العلاقة».
وبينما يستغرب أن يتم ترويج قصة تدخله «بهدف (انقاذ) وضع معين في الكويت»، يؤكد ان «الدعم المالي أو الرشاوى لأطراف كويتية (كلام فاضي) أعرف من يقف وراءه».
وإذ يبدي الشيخ حمد في حوار مع «الراي» الثقة «في حكمة القيادة الكويتية وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وفي رؤيته وإدارته للأمور»، يرى انه «لا بد من الحوار البناء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت لحل كل الأمور بهدوء»، مشيرا إلى ان «في الكويت دستور تم التصويت عليه ويجب على كل الاطراف احترام هذا الدستور».
وأكد على ان «الحديث عن ان قطر لا عمل لديها سوى خلق المشاكل يحتاج إلى اثبات»، مشيرا إلى ان «الاستقرار والتنمية واضحان في قطر بفضل سياسة الأمير والموضوع فهو يتحدث عن نفسه».
وشدد الشيخ حمد على ان «لا مشكلة لقطر مع أحد ونحن مع حرية الشعوب في اختياراتها وأن تقرر هي من يحكمها»، مؤكدا ان «والكلام عن دعم قطر للإخوان المسلمين ما هو إلا إشاعات».
وفي موضوع الأزمة السورية، قال الشيخ حمد ان الرئيس السوري بشار الأسد «يعتقد نفسه مختلفا عن الآخرين، وكأنه يرى أن ما حصل في الدول الأخرى حصل منذ مئتي أو ثلاثمئة سنة»، مبينا ان «لم يتبقَ أمام الأسد الا أن يتخذ قرارا شجاعا بالتسليم المنظم لسلطة منظمة، شريطة ألا يكون هناك انتقام من طرف ضد طرف».
وفيما نفى الشيخ حمد بن جاسم «الاشاعات عن ان قطر لم تعد تستقبل أو توظف لبنانيين من الطائفة الشيعية بسبب مواقف حزب الله»، أكد انه «لو حصل اليوم ما حدث في 2006 في لبنان ورغم كل الاختلاف في وجهات النظر فإن قطر ستتخذ القرار نفسه لإعادة اعماره».
وعن الفيلم المسيء للإسلام وردود الفعل التي رافقته، رأى انه «لا مصلحة للإدارة الأميركية في التورط بالفيلم المسيء»، غير مستبعد «وجود جهات تقف وراء هذه الفتنة».
واشار إلى أهمية «السوق الخليجية المشتركة الذي يضم مجالات استثمارات ذات عوائد أكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي»، داعيا إلى بحثه وتفعيله الذي «يحتاج إلى قرار».
كما حركته السياسية الصاخبة وديناميكيته اللافتة، يجيب رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم بصراحته المعهودة على مختلف الشؤون المحلية والاقليمية والعالمية، موقف قطر منها ودورها فيها:
• شيخ حمد بصراحتكم المعهودة. كل ما حصل اضطراب سياسي داخلي في اي دولة قريبة لقطر أو بعيدة عنها يقال فورا ان لسموكم دورا فيه. واحدة من اثنتين إما ان قدراتكم خارقة وإما ان الاوضاع في هذه الدول هشة. أين الحقيقة؟
- طبعا، أعتقد ان المواطن العربي اليوم لم يعد بمثل هذا الغباء الذي تنطلي عليه فيه هذه الإشاعات. إذا حصلت أي مشكلة قريبة أو بعيدة اليوم، فلا شك أن لها أسباباً وتؤدي إلى نتائج.
وعادة هناك بعض الدول التي تخترع مشكلة كي تبعد الاسباب الحقيقية عن الصورة، ونحن في قطر لدينا سياسة واضحة وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وهذه سياسة ثابتة أرسى دعائمها سمو الأمير وسمو ولي العهد وليس لدينا أي تغيير فيها.
وإذا كان لدينا أي رأي فنحن نقوله ونعلنه بوضوح، ولكن في الشأن الذي يخصنا أو نستشار فيه، أو نكون جزءا منه كمجلس التعاون الخليجي وقضاياه.
أما الحديث عن ان قطر لا عمل لديها سوى خلق المشاكل أو غيره، فهذا موضوع يحتاج إلى اثبات. وأي شخص يكذب في مثل هذا الموضوع فيجب أن تكون الكذبة مقنعة، وأنا ردي الواضح ان سياستنا واضحة وهي تمني قطر الخير والازدهار والاستقرار للجميع، ونحن لا نتدخل أبداً في شؤون الغير.
• في الكويت هناك منظومة متكاملة سياسية وتجارية واعلامية تتهمكم دائما ومباشرة بتحريك الاوضاع في الكويت ودعم الطرف المعارض مهما كان لونه سواء كان ليبراليا من خلال دعمه ماليا واعلاميا أو سواء كان اسلاميا من خلال دعمه سياسيا وماليا. سؤالي من شقين: الاول هل هذا صحيح؟ الثاني ما السبب الذي يدفع هذه المنظومة للتركيز على شخصكم؟ اكيد هناك سبب؟ ارجو الا تكون الاجابة: «اسألهم ولا تسألني».
- في الحقيقة أنا استغرب ولا أستغرب. وقلت في اجابتي على السؤال الأول ان بعض الجهات تخلق مشكلة كي تحوّل الأنظار وتشتتها عن المشكلة الحقيقية.
نحن من الناس الذي يتمنون دائما للكويت الاستقرار، والكويتيون أنفسهم يعرفون سواء رجال أعمال أو غيرهم ان ابواب قطر مفتوحة للتجارة وتنمية الاقتصاد مع الكويت. وأنا زرت الكويت أكثر من مرة وهدفي كان وما زال وسيبقى تطوير العلاقة معها تنفيذا لتوجهات القيادة القطرية بضرورة وجود علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون كافة.
أنا أحترم الشعب الكويتي، وأحترم خياراته، وأعرف انه يُفرق الخبيث عن الطيب، ولكن هناك أناس بسطاء في كل مكان تنطلي عليهم بعض المشاكل، وما يقال عن تدخلي في ما هو حاصل في الكويت يحتاج إلى دليل (اي دليل حتى لو لم يكن دليلا تقبله المحكمة)، فهذا الكلام هو كذب جملة وتفصيلا، وانا أعرف الجهات التي زرعت هذا الموضوع والأهداف التي تسعى لها، ولكن هذه الاهداف قصيرة. وإذا كانوا واثقين فليقدموه للدولة باعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية للكويت، وهو حسب قرارات الجامعة العربية ومجلس التعاون وجميع الاعراف يُقال عنه تدخل سافر في شأن كويتي داخلي.
ولذلك أنا جاهز لسماع أدلتهم على هذا «التدخل السافر»، أو ليقدموا منطقا في الكلام غير ما يقال (نادى فلان، كلم فلان...).
• كيف تفسر شخصيا الزج باسمك وباسم قطر في كل تطور داخلي كويتي؟
- للأسف التفسير بالنسبة لي اصبح واضحا أكثر، فأنا رئيس وزراء أمثل قطر دولة وأميرا، ولكن المستهدف هو حمد، فقد (تظبط) هذه التهمة وتباع، لأن هناك نشاطا لدولة قطر ومن ضمنه هذه القضية، فأنا لدي صداقات أعتز بها في الكويت، ولكن كما ذكرت أنا أحترم ذكاء الشعب الكويتي، فهذا الموضوع للأسف لا يقف وراءه أطراف اعلامية فقط بل أطراف أخرى أيضا بثت هذا الموضوع لأهداف أعرفها جيدا، ولكن أستغرب أن يكون ذلك الهدف هو ل «انقاذ» وضع معين في الكويت.
• أليس هناك شيء من الصحة، ولو بسيط، على أرض الواقع لهذا الاتهام؟
- أنا طلبت أن يقدموا أي دليل واضح على ما يشاع - ولو واحدا في الألف - ليستطيع أي شخص أن يقول في الكويت أو قطر فعلا ان هذا الاتهام هو صحيح.
• وصلت الأمور حد القول ان النائب وليد الطبطبائي عندما كان يعلن رفض أي رئيس وزراء من ذرية مبارك كان يقرأ رسالة نصية على هاتفه النقال وصلته من قطر؟
- الموضوع سهل، فإذا كان ذلك صحيحا، فالمخابرات الكويتية يمكنها اكتشاف ذلك، كما أني لا أعرف رقم هاتفه ولا يعرف رقم هاتفي، وأعتقد اني قابلته مرة واحدة في حياتي... والسلام، فإذا كنت أقوم بإعطائه التعليمات عبر الرسائل الهاتفية فيفترض ان بيننا معرفة شخصية أو أكثر من ذلك، ولكن لا شيء من ذلك ابدا.
• في موضوع متصل. كمسؤول خليجي وسياسي ومراقب ومتابع. كيف تنظر إلى وضع المعارضة الكويتية سقفا سياسيا لها هو ان يكون الشيخ جابر المبارك آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك، وما رأيك في القول ان الامارة للصباح والحكومة للشعب؟
- نثق في حكمة القيادة الكويتية وعلى رأسها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وفي رؤيته وإدارته للأمور، وفي الكويت دستور تم التصويت عليه، ويجب على كل الاطراف احترام هذا الدستور. وأي موضوع سياسي داخلي يقرره الكويتيون أنفسهم ولا يحق لنا أو لغيرنا التدخل فيه، ولا بد من الحوار البناء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لحل كل الأمور بهدوء.
الديموقراطية الكويتية كانت الأولى في المنطقة، وهناك من خاف منها أو رفضها، والبعض اعتبر انها سيئة، واليوم لا يوجد شخص في دول مجلس التعاون يريد ديموقراطية فوضى، ولكن يريد الشورى ونظاما يرتكز على أسس واضحة لا تؤدي للفوضى.
ولا أعرف من نلوم في هذا الموضوع، فأنا لست مطلعا على جميع الأمور.
• سمو الرئيس، ليتسع صدركم. ألم تدعموا أطرافا في الكويت ماليا؟
- الدعم المالي أو الرشاوى كلام فاضي، وأنا أعرف من يقف وراء هذه الدعايات وأهدافها. ليس لدي سوى بعض الصداقات في الكويت بغض النظر عن العلاقات الرسمية التي تربطني بالكويت والتي تحول دون أن أكون حرا أكثر لأبين بالضبط من يقف وراء هذه الإشاعات، فنحن حريصون على علاقات متميزة بين قطر والكويت شعبيا وحكوميا، وأعتقد ان الكويتيين، رسميا وشعبيا، يملكون من الذكاء ما يمكنهم من معرفة الحقيقة من الإشاعة.
• إلى متى ستبقى ساكتا عن هذه الاتهامات والهجوم عليك؟ هل ستكتفي برفع القضايا؟
- يؤسفني هذا الموضوع، ولكن عندما أسمع ما يقال للناس في الكويت, أقول إذا كان ذلك سيحل المشكلة فلا مانع لديّ، ولكن أهم شيء أن يعرف الشعب الكويتي الشقيق أن ثمة قضايا في الكويت معالجتها أهم ويجب عدم تشتيت افكار الناس في الخيال.
• يعني تعرف من يحرك الحملة ضدك لكنك لا تريد أن ترد؟
- العلاقة المميزة والمتميزة مع الكويت هي الأولوية، كذلك الحفاظ على التوافق والاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي، أما قضية الرد فلكل حادث حديث، وأتمنى ألا يصدر مني رد، وأنا واثق أنا غالبية الكويتيين يعرفون الهدف من استغلال هذه القضية.
• تتحدثون دائما عن خيارات الشعوب لكن هل هذا الامر متاح في قطر؟ اين الانتخابات للمجالس؟ اين صناديق الاقتراع؟
- سمو الأمير أوضح في خطابه ان النصف الثاني من 2013 ستشهد انتخابات في قطر، وقالها سموه في خطاب رسمي في مجلس الشورى.
• اسمح لي ان اكون صريحا اكثر. يقولون ان قطر تدعم كل التحركات الشعبية والحزبية في دول المنطقة لكنها تبقى في منأى عنها... هل هذا صحيح؟ ولا نسمع سوى ان اشاعات عن انقلابات عسكرية في قطر أو غيره...؟
- هذا الأمر، جزء منه يعود إلى التطور التكنولوجي الذي يسهم في انتشار الاشاعات، ولكن نحن نسمع هذه الاشاعات التي يظهر غالبها في الصيف (ونحن مصيفين) وترسل ك(نكت) لنا.
ولكن لله الحمد، فالاستقرار واضح في قطر بفضل سياسة سمو الأمير وكذلك التنمية، وليس ثمة داعٍ للحديث عن هذا الموضوع فهو يتحدث عن نفسه.
• هناك دول خليجية في طليعتها الإمارات العربية وإلى حد ما المملكة العربية السعودية تبدي معارضة شديدة لحكم الإخوان المسلمين، أما قطر فترى أنه لا مشكلة لها مع هذا الموضوع بل يقال إنها تدعم الإخوان في الوصول إلى الحكم.. ألا ترى أن ذلك سيؤثر سلبا على علاقاتكم بدول الخليج من جهة ومن جهة أخرى على التعاون الخليجي بشكل عام؟ وألا تتخوفون من اتهامكم بأنكم تتدخلون في الشؤون الإماراتية أيضا؟
- أقولها صراحة قطر ليس لها مشكلة مع أحد، فنحن على علاقة متوازنة مع كل الأطراف، وأعتقد أن هذا لا يؤثر على علاقتنا بدول الخليج العربية، ونحن دائما نعلنها صراحة ولا نخفيها إننا دائما مع حرية الشعوب في اختيارها، لأن الشعوب هي التي تقرر في تلك الدول من يحكمها، ما داموا لجأوا إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يحكم، أما بخصوص اشاعات الدعم الواضح للإخوان المسلمين في مصر فأكرر إننا لدينا علاقات متوازنة مع الجميع، ودائما قطر تؤكد ذلك، وموقفنا في دعم أي فريق ليس سريا وانما واضح تجاه القضايا كافة، ومن هنا فأنا أعتقد أنه لا توجد دولة من دول مجلس التعاون لا تحترم وجهات نظرنا تجاه القضايا مثلما تحترم قطر وجهات نظر الجميع.
• هل تتوقع شيخ حمد أن يمتد ما يعرف ب«الربيع العربي» إلى دول الخليج؟
- أنا على يقين أن كل شيء له مسبباته، والجميع يعرف أن الربيع العربي حصل في الدول التي اشتعلت فيها ثورات مثل تونس ومصر وليبيا، قامت لأسباب الجميع يعرفها جيدا، لذلك علينا كدول أن نرجع إلى تلك الأسباب، ولذلك أرى أن شهادتي مجروحة في هذا الأمر لأنني جزء من منظومة الحكم في قطر، كل ما يمكن قوله إنني على يقين أن المواطن الخليجي يعرف الاستقرار وينشده ودائما يرغب في التنمية.
• شيخ حمد أنتم متهمون بأنكم تدعمون من خلال علاقة تنظيمية أو مؤسساتية التنظيم العالمي للإخوان المسلمين. فما ردكم على تلك الاتهامات؟
- لا أقول إلا أن ما يتردد بهذا الشأن ما هو إلا اشاعات أسمعها كما تسمعونها، ونحن نعرف جيدا من يروجها ويقف وراءها.
• المجالس بالأمانات، لكن الأمانة تقتضي أيضا أن يعرف الرأي العام القصة من مهندسها لا من وسائل الإعلام المختلفة. التقيتم صدام حسين قبل احتلال العراق ماذا كانت كلمتك له وأين تحديدا وصلتم إلى قناعة بأنه انفصل عن الواقع؟ والأمر نفسه بالنسبة إلى القذافي وبالنسبة إلى بشار الأسد؟
- نعم أنا التقيت صدام حسين وكان ذلك في العام 2003، وكان ذلك قبل الإطاحة به، يومها أعلنت له موقف قطر الواضح، والمتمثل في التأكيد على أن الحرب من قبل أميركا وحلفائها ستتم، وأن عليه أن يختار الآن بين بقائه وبقاء العراق، وأشرت إليه بضرورة وجود فترة انتقالية اتفقت معه على تفاصيلها كافة... نعم تفاصيل، سيأتي يوم من الأيام أكشف عنها، كل ما يمكن قوله إننى قدمت له أفكارا وتلك الأفكار رد عليها عزت الدوري عندما جاء لحضور فعاليات المؤتمر الإسلامي الذي عقد في قطر، وأؤكد أن رده على تلك الأفكار كان بالإيجاب، وبالفعل بعد الرد الذي حمله الدوري سارعت لمقابلة الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جورج بوش الابن، ولكن قرار ضرب صدام كان قد اتخذ، وفي هذا الصدد لا أريد أن أتحدث الآن عن تفاصيل أكثر عما دار في هذا اللقاء، لكنني أتوقع أننا في حاجة لمراجعة النفس في المنطقة العربية كلها.
أما بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد، أيضا التقيته، أما القذافي فلم ألتق به لكن دار بيننا اتصالات عدة، قدمت له من خلالها النصح لكنه لم يستمع إلى النصح المقدم له، لأنه كان من الواضح أن كل واحد من هؤلاء الزعماء يعتقد في قرارة نفسه أن له وضعا يختلف عن الآخرين، وخير دليل على ذلك الآن بشار الأسد يعتقد نفسه هو الآخر مختلفا عن الآخرين، وكأنه يرى أن ما حصل في الدول الأخرى حصل منذ مئتي أو ثلاثمئة سنة، أنا أعتقد أن كل رئيس يجنب بلده الدمار والقتل فهو شجاع وهناك مرحلة مهمة يمكن التوصل فيها إلى حلول بين هذا الرئيس وشعبه، المهم أن تكون هناك حلول حقيقية للنظر في طلبات الشعب التي يريد الإصلاح، وأنا على يقين أن الرئيس الذي لن يقوم بالإصلاح بشكل كامل فسوف يعرض بلده قبل أن يعرض نفسه للخطر.
• هل تجزمون بأن لا حل لسورية في ظل بقاء الأسد في السلطة؟
- أنا أعتقد أنه بعد سيلان الدم فلم يتبق للرئيس بشار الا أن يتخذ قرارا شجاعا، وهو التسليم المنظم لسلطة منظمة، شريطة ألا يكون هناك انتقام من طرف ضد طرف.
• التقيتم المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي. هل ترون أن ثمة فرصة لنجاح مهمته أم يمكن أن تكون هذه المهمة بمثابة مهلة جديدة لاستمرار القتل والدمار؟
- نحن على ثقة تامة في الأخضر الإبراهيمي لكننا في الوقت نفسه لا نثق في الطرف الأخر، ولذلك أخشى أن يكون هناك استخدام سيئ لهذه العملية يخلف مزيدا من القتل، ومع ذلك فإننا نأمل أن يكون هناك حل على الرغم من صعوبة الأوضاع هناك.
• قائد الحرس الثوري الإيراني أعلن ان ثمة عناصر من الحرس موجودة فعلاً في سورية ولبنان ولكن كمستشارين فقط، ما رأيكم؟
- سمعنا هذا الخبر، ولا أعرف مدى صحته، ولكن ما نتوقعه ونتمناه أن تكون إيران جزءا من الحل في سورية. ونحن لدينا علاقات وثيقة وصريحة مع إيران وكما نتفق في اشياء نختلف في أخرى.
• بماذا تفسرون التردد الأميركي في الملف السوري وعدم اتخاذ الرئيس أوباما مواقف حاسمة كما هو الأمر بالنسبة لمصر وليبيا. مع أن ما يحدث في سورية فاق ما حدث في كل دول ما يسمى بالربيع العربي؟
- أعتقد انه في النهاية سيكون هناك حل لمصلحة الشعب السوري، ولكن متى وكيف؟ فهناك الانتخابات الأميركية على الأبواب وأيضا هناك مواقف مختلفة لدول أخرى، لكن أتوقع ان الجميع سيجد في النهاية ان عليه اتخاذ قرار لمصلحة الشعب السوري.
• كان صاحب السمو امير قطر اول زعيم عربي يزور لبنان بعد حرب يوليو الاسرائيلية. ذهب إلى الضاحية المدمرة والجنوب وكانت قطر اكثر من ساعد اللبنانيين في اعمار قراهم المدمرة وسمع سموه مدحا وثناء من حزب الله وحركة امل ما لم يسمعه في دولة اخرى. فجأة وبسبب الموقف القطري الداعم للثورة السورية انقلبت النغمة وبدأ الهجوم على قطر. لماذا في رأيك تغلب بعض الفصائل اللبنانية مصالح المحور الإيراني السوري على مصلحة جمهورها بالدرجة الاولى ولبنان عموما؟
- ما أعرفه انه لو حصل اليوم ما حدث في 2006 في لبنان لا سمح الله - ورغم كل الاختلاف في وجهات النظر - فإن سمو الأمير سيتخذ القرار نفسه لإعادة اعمار ما دمرته اسرائيل، فالقرار الذي اتخذه الأمير هو من مبدأ لا يتزعزع أو يتغير مع المواقع.
والقرار الذي اتخذته قطر بالمساعدة نعتقد ان مساهمة منا في اعادة اعمار ما دمرته اسرائيل مي مواجهة مقاومة باسلة في لبنان، ولسنا نادمين على أي موقف، وموقفنا في الأمم المتحدة مع لبنان ومع المقاومة هو موقف ثابت ومبدئي، واختلاف وجهات النظر أو العواطف بخصوص موضوع سورية، فنحن أيضا كانت لنا علاقات متميزة معها ولكن لن تكون على حساب الشعب السوري. وأعتقد ان من يختلفون معنا أو يتفقون في لبنان أو غيره، فإن التاريخ سيكون هو الحكم في هذه الأمور.
• كيف هي علاقاتكم مع الغالبية اللبنانية الحاكمة اليوم بقيادة حزب الله؟
- علاقتنا مع حزب الله ليست سيئة ولكن ثمة اختلاف في وجهات النظر، ونحن وجهة نظرنا واضحة. قد تختلف مع صديق لك أو عدو أو أي طرف، ولكن علاقاتنا الرسمية من خلال الدولة اللبنانية وليس أي حزب، فنحن قمنا بمساعدة الشعب اللبناني وليس اي حزب.
• هل صحيح ان قطر لم تعد تستقبل أو توظف لبنانيين من الطائفة الشيعية الكريمة بسبب مواقف حزب الله وبعض ما يطلق عليهم «شبيحة الاسد» في لبنان؟
- هذا غير صحيح.
• سمو الشيخ، ما هو تفسيرك للتظاهرات التي حصلت كرد فعل على الشريط المسيء للنبي؟ ولماذا ارتفعت بشكل منسق اعلام «القاعدة» في الدول التي شهدت سقوط ديكتاتوريات؟ هل تعتقدون بوجود «مايسترو» حرك الموضوع؟
- لو كانت هناك كلمة أكثر من سيئ لقلتها في الفيلم المسيء، فما حدث إساءة غير مبررة وغير مقبولة لكل مسلم، ولكن يجب أن نبحث عن جذور هذه العملية التي أريد بها فتنة بين الأقباط في مصر وبين المسلمين.
ولا أستبعد وجود جهات تقف وراء هذه الفتنة. وكي نكون واقعيين، لا مصلحة للإدارة الأميركية في التورط بهذا الموضوع، وأنا متأكد ان لا علاقة لها به، وعلينا أن نفكر ملياً في التوقيت واخراج التوقيت وانتاج الواقع الشعبي الذي أُريد له أن يكون تصادمياً، أقول ذلك وأنا أرى ان من صنع هذا الفيلم شخص لا قيم لديه بل افكار شيطانية.
عودة الكويت إلى سابق عهدها مهمة رجال الكويت
• بعد النجاح الذي حققتموه في الاستثمارات التي دخلت دولة قطر فيها. سواء كانت الفندقية أو غيرها. تبرز آراء تفيد أن دولة قطر تفوقت على تجربة الكويت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي...هل ترون أن قطر في موقف تنافسي أم تكاملي في الجانب الاستثماري مع الدول الخليجية...وكيف يمكن (من باب وجهة نظركم الأخوية طبعا) أن تعود إلى الكويت إلى سابق عهدها في هذا المجال؟
- عودة الكويت إلى سابق عهدها مهمة رجال الكويت من خلال اتفاقهم وتوصلهم إلى ما يدعم الاستقرار وتوحيد الرأي.
أما بالنسبة للاستثمارات الخليجية التنافسية، فالسوق العالمي ضخم ويستوعب الجميع وكل أموال الخليج، ولكن ثمة سوق لم يتم تفعليه إلى الآن وهو السوق الخليجية المشتركة الذي يضم مجالات استثمارات ذات عوائد أكبر بين دولنا، وإلى الآن لم نرقَ لهذا الموضوع بالشكل المطلوب، وهو أمر يحتاج إلى بحث وإلى قرار.
شركات قطرية تشتري في سوق الكويت
• هل هناك فرص استثمارية جديدة معروضة عليكم أو هل هناك صفقات مهمة في صدد الانجاز قريبا... ما وما هو حجمها إن أمكن؟
- الجهات المختصة لدينا تدرس دائما الأمور الجديدة، ولكن بسبب الأمور القانونية لا يتم الاعلان عنها إلى أن تتم.
• بعد النجاح الذي حققته دولة قطر في استثمارها في الشركة الوطنية للاتصالات الكويتية يتردد في أكثر من مناسبة عن اهتمام مؤسسة قطر للاستثمار بالاستحواذ على حصة في مؤسسات مالية كويتية...هل هناك جديد على هذا الصعيد وهل يمكن أن تخوضوا في مفاوضات للحصول على حصص؟
- نحن كجهاز استثمار لم نعمل فعلا على هذا الموضوع، لكن أعرف ان ثمة شركات قطرية تشتري في سوق الكويت، وهذا جزء من التكامل، وكذلك ثمة شركات كويتية تشتري في قطر، وأعتقد ان هذا الأمر إيجابي ومصدر قوة لدول مجلس التعاون.
دعم بعض أبناء «الأسرة»... نكتة ولا نتدخل في اختلاف وجهات النظر
• البعض أعلن أخيرا ان حمد بن جاسم يدعم بعض أبناء الأسرة الحاكمة ماليا؟
- هذه نكتة. أنا أعرف عدداً من أبناء الأسرة وهذا أمر طبيعي لأننا نعتبر أنفسنا أسرة واحدة، وأقدرهم كأشخاص، وإذا كانت هناك خلافات في وجهات النظر والمواقف، فمهما وصل الأمر، ليس جيدا اظهار تفضيل فلان على فلان، فهذا موضوع يخص الأسرة ونحن نحترم قرارها في أي موضوع داخلي ولا نتدخل في هذا الموضوع.
استثمارات قطرو«السوالف» و...«الحسد»
• ظهرت دولة قطر كلاعب رئيسي على الساحة الاستثمارية الاقليمية والدولية... البعض يرى أن جانبا من الاستثمارات التي نفذها جهاز الاستثمار لديكم حمل جانبا استعراضيا أكثر منه استثماريا... هل حققت هذه الاستثمارات الغاية المرجوة منها؟
- بالنسبة للمشاريع الاستثمارية، فالحمد لله تسير وفق خطة مرسومة، ليس الهدف منها الاستعراض بقدر ما هو لتحقيق عوائد مالية تحقق إيرادات إضافية لقطر، والهدف منها بالطبع حفظ هذه الأموال للأجيال القادمة. أما الحديث فهو جزء من الحديث الدائر في مجتمعنا، وهو طبيعي.
• تقصد «الحسد»؟
- لنقل انها «سوالف» أحسن.