وجه الرئيس عبدربه منصور هادي خطاباً هاماً إلى جماهير الشعب في اليمن والأمة بمناسبة عيد الأضحى المبارك دعا جميع أبناء الوطن وقواه السياسية إلى التمسك بالنجاحات التي تحققت حتى الآن في التسوية السلمية والبناء عليها لإنجاز المزيد .
وأكد الرئيس أن التجربة اليمنية في التعامل مع رياح التغيير التي هبت على دول المنطقة كانت فريدة وتجلت فيها الحكمة اليمانية وقدمت كل الأطراف خلالها تنازلات كبيرة حقنا للدم اليمني الغالي.
وقال :" وبفضل الله ثم بحكمة العقلاء وبعون الأشقاء والأصدقاء تمكنت اليمن من الإفلات من دائرة العنف والتشرذم و تطبيق مبدأ التداول السلمي للسلطة والشروع في تحقيق آمال وتطلعات الشعب في التغيير والبناء بصورة سلسة وسلمية أكدت العمق الحضاري الراسخ للشعب اليمني العظيم".
وأهاب رئيس الجمهورية بجميع أبناء الوطن وقواه السياسية إلى النأي عن الخطاب السياسي والإعلامي الحاد والمتشنج الذي لا يخدم مصلحة الوطن وأمنه واستقراره ووحدته والسلم الاجتماعي.
وقال :" نحن في أمس الحاجة إلى خطاب إعلامي عقلاني يجمع ولا يفرق ويبني ولا يهدم, يركز على القواسم المشتركة وليس على نقاط الخلاف ويعمل على التقريب بين وجهات النظر المتباينة بما يساعد على معالجة النزعات المذهبية و القبلية والمناطقية, فتوحيد الكلمة وجعلها منارة للضمير الوطني الحي يرسخ الالتزام السياسي بمصالح الوطن العليا, فضلا عن كون ذلك يعد من متطلبات استكمال التسوية السياسية وضرورة للحد من مظاهر التوتر السياسي والأمني التي لا تساعد في خلق أجواء مناسبة لإجراء حوار وطني شامل يرسم معالم النظام السياسي لليمن الجديد".
وتطرق الأخ الرئيس في خطابه إلى عدد من القضايا والتطورات على الساحة الوطنية .. وفي ما يلي نشوان نيوز يعيد نشر نص الخطاب : -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ
كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}, والصلاة والسلام على الصادق الأمين خاتم الأنبياء
والمرسلين وهادي البشرية إلى سواء السبيل.
الاخوة المواطنون ..
الاخوات المواطنات ..
يسعدني أن أتوجه اليكم داخل الوطن وخارجه وإلى كل أبناء أمتنا العربية
والاسلامية بأصدق التهاني وأزكى التبريكات بمناسبة حلول عيد الأضحى
المبارك ..هذه المناسبة الدينية الجليلة والغالية على نفس كل مؤمن ومؤمنه
أعادها الله على شعبنا وأمتنا وقد تحقق كل ما نتطلع إليه من استقرار
ونماء وازدهار, ونسأله تع إلى أن يشملنا جميعا برحمته وتوفيقه في هذه
الأيام المباركة ويسدد على طريق الرشد والخير خطانا ويحقق آمالنا
وتطلعاتنا إلى ما فيه استقرار ورفعة وعزة شعبنا وأمتنا أنه سميع مجيب.
كما يطيب لي إن أتوجه إلى جميع ضيوف الرحمن في هذا اليوم المبارك في عرفات الله بالدعوة الخالصة بأن يكون حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا بأذن الله تع إلى .. في تلك الرحاب المقدسة وفي ذلك المشهد الإيماني المهيب الغني بالدلالات والمعاني العميقة في أعظم صور الخضوع لله والإذعان لمشيئته والتسليم بالعبودية له لا شريك له.
حيث توافد المؤمنون من كل أنحاء الأرض في مشهد إيماني واحد بدعاء واحد ورداء واحد ليكونوا رغم إختلاف ألسنتهم وأعراقهم وأوطانهم أمة واحدة كما أمر الله تع إلى ورسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ..لا فضل فيها لعربي على أعجمي ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح.
إن ذلك المشهد التعبدي العظيم والحشد الإنساني المنقطع النظير في رحاب عرفات الله, يصور قيمة التلاحم العقيدي الذي يربط الإنسانية في بوتقة الإخاء والمحبة ويجمعها برابط الإيمان ويعلي قيم التسامح والإعتدال
والوسطية وينهى عن الغلو والتطرف حتى تستحق الأمة الإسلامية صفة
الشهادة على الناس كما قال عز وجل (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيداً)صدق الله العظيم
لذلك فان الغلو والتطرف والإرهاب يعتبر من الظواهر الشاذة والخطيرة
في حياة أمة الإسلام وهي آفة نكراء موجهة ضد المسلمين كافة والعقيدة
الإسلامية خاصة .
ولقد عانت بلادنا نتيجة هذا الداء الوبيل الشيء الكثير.. وكانت آخر العمليات الإرهابية الغادرة والجبانة التي تضاف للسجل الإجرامي لتنظيم القاعدة ما حدث من اعتداء آثم على اللواء 115 مشاه في محافظة أبين وما نتج عنه من استشهاد وجرح عدد من الضباط والجنود من أبناء قواتنا المسلحة والأمن الأبطال الذين تصدوا لهذا الاعتداء الجبان ببسالة منقطعة النظير وافشلوا المخطط الإرهابي الدنيء الذي كان يهدف إلى حصد اكبر عدد من الارواح و إلحاق اكبر ضرر ممكن بالمعسكر.. حيت تتجاهل تلك العناصر الإرهابية الضالة فيما ترتكبه من جرائم قتل وسفك دماء، حرمة دم المسلم متغاضية عن قوله تع إلى : {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً
فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} صدق الله العظيم
فقتل الأبرياء سواء من المسلمين أو غيرهم ليس من الدين في شيء بل هو فساد في الأرض يغضب الخالق عز وجل ويؤدي إلى سخطه.
ونحن نؤكد هنا مجدداً بأن بلادنا ستواصل جهودها الدؤوبة دون كلل أو ملل في محاربة الإرهاب واستئصال شأفته, ولقد برهنت قواتنا المسلحة والأمن وبالتعاون مع كل الشرفاء قدرتها على الإضطلاع بمهامها وأداء واجباتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحققت نجاحات باهرة.
الإخوة المواطنون
الأخوات المواطنات
إن واجبنا في هذه المرحلة الهامة والدقيقة الإكثار من العمل والإنجاز
والتقليل من الكلام والخطابات ...ولذلك فإني استسمحكم في الضرورة التي
أدت لكثافة خطاباتي الموجهة إليكم خلال الفترة المنصرمة التي احتشدت
فيها أعيادنا الدينية والوطنية حيث لابد لي أن أتوجه فيها إليكم بما يجب من الكلمات إنطلاقاً من موقعي كرئيس للجمهورية، إلا أن ما يتحقق من إنجازات على أرض الواقع يجعلني أطلب منكم تفهم ما استسمحكم فيه.. لذلك فإن علينا جميعا التمسك بالنجاحات التي تحققت حتى الآن في التسوية السلمية والبناء عليها لإنجاز المزيد ..فالتجربة اليمنية في التعامل مع رياح التغيير التي هبت على دول المنطقة كانت فريدة تجلت فيها الحكمة اليمانية وقدمت كل الأطراف خلالها تنازلات كبيرة حقنا للدم اليمني الغالي وبفضل الله ثم بحكمة العقلاء وبعون الأشقاء والأصدقاء تمكنت اليمن من الإفلات من دائرة العنف والتشرذم و تطبيق مبدأ التداول السلمي للسلطة والشروع في تحقيق آمال وتطلعات الشعب في التغيير والبناء بصورة سلسة وسلمية أكدت العمق الحضاري الراسخ للشعب اليمني العظيم.
وعلينا جميعا مواصلة السير في هذا الطريق الآمن لإستكمال تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي مثلت طوق النجاة وحالت دون الانزلاق إلى مهاوي الحرب الأهلية الطاحنة ونزعت فتيل الصراع معتبرين من كل ما حولنا من أحداث مؤسفة.
إن ما تبثه وسائل الإعلام من مآسي ومحن في أكثر من مكان، يوجب علينا المراجعة والتقييم وبمسؤولية وطنية لما نمر به في وطننا الغالي والنأي عن الخطاب السياسي والإعلامي الحاد والمتشنج الذي لا يخدم مصلحة الوطن وأمنه واستقراره ووحدته والسلم الاجتماعي, فنحن في أمس الحاجة إلى خطاب إعلامي عقلاني يجمع ولا يفرق ويبني ولا يهدم, يركز على القواسم المشتركة وليس على نقاط الخلاف ويعمل على التقريب بين وجهات النظر المتباينة بما يساعد على معالجة النزعات المذهبية و القبلية والمناطقية, فتوحيد الكلمة وجعلها منارة للضمير الوطني الحي يرسخ الالتزام السياسي بمصالح الوطن العليا, فضلا عن كون ذلك يعد من متطلبات استكمال التسوية السياسية وضرورة للحد من مظاهر التوتر السياسي والأمني التي لا تساعد في خلق أجواء مناسبة لإجراء حوار وطني شامل يرسم معالم النظام السياسي لليمن الجديد، ذلك النظام الذي يعول عليه للانتقال باليمن إلى مصاف الأمم الحية حيث تمسك الشعوب بمصائرها بأيديها بعيدا عن تسلط الفرد أو القبيلة أو السلالة بما يرسخ مبدأ سيادة الشعب وحكمه لنفسه من خلال دولة مدنية حديثه تقوم على بناء مؤسسي متين يشيد معالم دولة النظام
والقانون ويحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ويوفر شروط ومبادئ |
الحكم الرشيد ويصون تماسك الشعب ووحدته الوطنية بما يترجم ويحقق
شروط ومبادئ الحكم الرشيد وتطلعات شعبنا اليمني الأبي .
ونحن هنا نسجل بالغ الشكر والتقدير للدول الراعية للمبادرة الخليجية
وآليتها التنفيذية المزمنة والمتمثلة بالدول ذات العضوية الدائمة بمجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي ونسجل بالغ الشكر والتقدير للاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي وكل الحريصين على أمن واستقرار ووحدة اليمن.
ولعل الجميع يدرك بأننا قد أنجزنا في طريق إخراج اليمن إلى بر الآمان
إنجازات كبيرة ورائعة وقد شرعنا في اتخاذ القرارات التي تنهي انقسام
الجيش والأمن وتعمل على توحيده على أسس وطنية ومهنية بحيث لا يكون تابعا لفرد أو قبيلة أو حزب ويكون ولائه لله وللوطن وللشعب ويتبع قيادة موحدة في وزارة الدفاع والداخلية وفقا للدستور والقانون ومضامين المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المتفق عليها من جميع الأطراف .. وذلك بهدف توحيده على أسس وطنية وتوفير أسباب النجاح لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي حرصنا على إشراك الجميع فيه دون استثناء بهدف إيجاد الحلول الوطنية لكل القضايا بما فيها القضية الجنوبية لحلها حلاً عادلا وشاملا، وكذلك إيجاد الحلول الناجعة لمشكلة صعده وإصلاح القضاء وتحقيق استقلاله وتحقيق العدالة الانتقالية وإصلاح الاقتصاد وإيجاد الآليات التي تكفل القضاء على الفساد وتحقق الحكم الرشيد.
الأخوة المواطنون
الأخوات المواطنات
لقد عدت أوائل شهر أكتوبر الحالي من جولة خارجية طويلة كما تابعتم تكللت بالنجاح الكبير وأعادت لليمن مكانته التي تليق به في المجتمع الدولي، حيث لقينا ترحيباً استثنائياً واستقبالاً مميزاً في كل الدول التي زرناها، ولقد وجدت من كل الدول التي زرتها تصميماً كبيراً في الاستمرار بقوة في دعم ومساندة الشعب اليمني والوقوف إلى جانبه حتى وصوله إلى بر الأمان ونزع كل فتائل التوتر والانفجار.
إن العالم بأسره يقف معكم _يا أبناء شعبنا اليمني العظيم_ في لحظة لا تتكرر كثيراً في التاريخ الإنساني وعليكم أن تدركوا القيمة الثمينة لهذه الفرصة وأن لا تدعوها تضيع من بين أيديكم أو تسمحوا لأحد بأن يتلاعب بها ويدفع بكم إلى أتون الخطر والصراع الداخلي .
وأود التأكيد هنا إننا على موعد مع فجر جديد سيشرق على اليمن بالخير الكثير والأمن والاستقرار، فها نحن نحصل ولأول مرة من أشقائنا وأصدقائنا على تعهدات قاربت الثمانية مليارات دولار إضافة إلى ما تبقى من تعهدات مؤتمر لندن, وهذا يجعلنا نقف على مشارف نهضة تنموية حقيقية إذا أحسنا التعامل معها والاستفادة منها.
ولذلك فإن على الحكومة متابعة ما أسفر عنه اجتماعي أصدقاء اليمن في الرياض ونيويورك بوتيرة عالية وكذا العمل على ترسيخ السلام وتهيئة
الأجواء للحوار ومواصلة السير قدماً لتنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة
الخليجية بما يحقق كافة الأهداف المنشودة .
إن ما قدمه الأشقاء والأصدقاء لليمن من منح ومساعدات لاشك أنها ستعين الحكومة لمواصلة جهودها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني والتركيز على توفير الخدمات للمواطنين وتطبيق معايير ومبادئ الحكم الرشيد وترشيد الإنفاق والشفافية في الأداء واعتماد قانون حرية الحصول على المعلومات الذي سوف يساعد على تجفيف بؤر الفساد ومنابعه.
وعلينا أن نتذكر دائماً أن الذاكرة الجمعية للشعوب تكون دائماً في مصلحة من يشمرون عن سواعدهم للبناء ويصنعون السلام ويقدمون مصلحة شعبهم ووطنهم على كل طموح ذاتي أو سلطة فانية.
يا أبنا قواتنا المسلحة والأمن البواسل..
أتوجه إليكم بالتهاني والتحايا المستحقة جنودا وصفا وضباطا وقادة وانتم ترابطون في كل المواقع والثغور وتؤدون واجبكم ومهامكم بكل تفاني وإخلاص ونكران ذات, ولقد برهنتم في كل الظروف إنكم المؤسسة الوطنية الرائدة والشريك الفاعل في صنع التحولات والتغيير وحماية المنجزات.
ولهذا فإننا نؤكد اننا سنظل نولي هذه المؤسسة كل الاهتمام والرعاية ونعمل من أجل إنهاء انقسامها وتطوير قدراتها وإعادة هيكلتها على أسس وطنية لما يعزز من مسيرة البناء النوعي المتطور ويرقي مستوى منتسبيها ويطور من قدراتها الدفاعية والأمنية في مختلف الظروف والأحوال.
وختاماً نبتهل إلى الله ونسأله أن يوفقنا إلى المضي بالبلد إلى بر الأمان
ويمنحنا نور البصيرة ونفاذها بما يحقق للوطن قوته وازدهاره ورفاه أبنائه.
وكل عام وانتم بخير ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.