حصلت النساء المشاركات في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن على نسبة كبيرة في رئاسة لجان عمل المؤتمر، فعلى الرغم من أن النظام الداخلي للمؤتمر يشترط وجود امرأة في هيئة رئاسة كل لجنة -والمكونة من رئيس ونائبين ومقرر- فإن النساء فزن بأكثر من مقعد في هيئة رئاسة بعض اللجان.
فقد حصلت ثلاث نساء على منصب الرئيس، وأربع أخريات على منصب نائب أول ومثلهن نائب ثان، وحصلت ثلاث نساء على منصب مقرر لجنة، ليصل العدد إلى 14 امرأة في هيئة رئاسة جميع اللجان، وهي نسبة كبيرة في بلد يصنّف على أنه مجتمع ذكوري لا يقبل بتمثيل المرأة.
وترى قيادات في مؤتمر الحوار أن حصول المرأة على تلك النسبة في قيادة لجان الحوار تعد نقلة نوعية للمرأة اليمنية في مجال الوصول للمناصب العليا في البلاد، بعدما كانت شبه مقصية من المشاركة في عهد النظام السابق.
بادرة فريدة
وقال ياسر الرعيني -نائب الأمين العام لمؤتمر الحوار- إن المرأة اليمنية أثبتت خلال الثورة السلمية أنها قادرة على صنع الكثير في سبيل إيجاد تغيير حقيقي في البلاد، مشيراً إلى أن تولي المرأة مناصب قيادية في مؤتمر الحوار يعد جزءاً من التغيير، وهي بادرة رائعة وفريدة في اليمن.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت، أن المرأة مُثلت في المؤتمر بما لا يقل عن 30%، كما مُثلت في هيئة الرئاسة ورئاسة اللجان، وكذلك لجنة المعايير والانضباط والتي تترأسها امرأة، مؤكداً على قدرة النساء اللاتي تم اختيارهن لرئاسة لجان المؤتمر على ضرب نموذج رائع في الإدارة والقيادة.
ودعا الرعيني النساء المشاركات بالحوار لمواصلة دورهن الرائد خلال مؤتمر الحوار وحمل قضايا المرأة بقدر كبير من المسؤولية وجعل اليمن نصب أعينهن وإمعان النظر في كل قضايا الوطن دون استثناء.
شروط مسبقة
من جانبه يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان أن حضور المرأة في الحوار جاء وفقاً لشروط مسبقة فرضت نسبة معينة للمرأة، ولم يكن ناتجاً عن ثقل المرأة ووجودها في الحياة المجتمعية.
وأشار في حديث للجزيرة نت، إلى أن فوز المرأة بقيادة لجان الحوار أتى نتيجة التوافق المسبق على ذلك الفوز بحسب النظام الداخلي للحوار بأن تكون المرأة ممثلة في رئاسة اللجان، ولم يكن ناتجا عن قوة حضور المرأة لكون المجتمع اليمني مجتمع ذكوري.
وأكد شمسان على الثقة الكبيرة بقدرات النساء اللاتي فزن بقيادة لجان الحوار، فالمرأة اليمنية أثبتت قوتها وشجاعتها ومشاركتها الفاعلة في الحراك المجتمعي السلمي، ومع ذلك لو أنها نافست منافسة حقيقية لقيادة اللجان لما كانت ستحصل على تلك النسبة الكبيرة.
ودعا شمسان المشاركات في الحوار إلى عدم الخضوع للصراعات بين الجماعات المُمثلة بالحوار والعمل بما تمليه عليهن ضمائرهن وبما يخدم المصلحة الوطنية.
من جهتهن عبرت المشاركات بالحوار عن سعادتهنّ بالحضور المتميز للمرأة في مؤتمر الحوار وبالتمثيل المشرف في لجان عمله.
نقلة نوعية
وقالت رئيسة لجنة الحقوق والحريات بمؤتمر الحوار أروى عثمان: "إننا نشعر بالسعادة لحصولنا على نسبة كبيرة في قيادة لجان الحوار ونعتبر ذلك نقلة نوعية تسهم في بناء اليمن الجديد".
وأكدت في تصريح للجزيرة نت، أن النساء أعطين حقهن بشكل كبير في المؤتمر، وما زلن يسعين للمزيد ويطالبن بنسبة أكبر تصل إلى 50% أي بالمناصفة مع الرجال، كما نصت على ذلك مواثيق حقوق الإنسان.
وأشارت أروى عثمان إلى أن الدور المناط بهن صعب ومركب في آن واحد، متمنية أن تسهم المشاركات في صياغة دستور جديد يضمن حق المرأة في المواطنة المتساوية مع الرجل وتغيير الكثير من المفاهيم الخاطئة بشأن المرأة.
وأشارت رئيسة لجنة الحقوق والحريات إلى أن من فزنّ برئاسة اللجان قادرات على الإدارة الجيدة لها كونهن يملكن ثقافة كبيرة وتأهيلا عاليا وخبرات واسعة، بالإضافة إلى ارتباطهن بالواقع والبيئة الاجتماعية في البلاد.
بدورها ترى عضو مؤتمر الحوار نادية عبد الله، أن النساء الفائزات برئاسة لجان المؤتمر قد يحققن النجاح وخاصة من وضعن في المواقع المتناسبة مع تخصصاتهن وخبراتهن.
واعتبرت في حديث للجزيرة نت، أن النساء لم يحصلن على حقهن الكامل في التمثيل بالمؤتمر.
وأضافت أنه رغم النسبة التي أعطيت للنساء، فقد غابت الكثير من النساء كالناشطات في ساحات الحرية وزوجات الشهداء وأمهاتهم وبناتهم، ومن كن يسهرن الليالي لعلاج الجرحى أو حراسة ساحات الحرية والتغيير وتنظيم المسيرات الثورية.
ودعت نادية عبد الله المشاركات بالحوار إلى استشعار المسؤولية الملقاة على عاتقهن، والسعي للإسهام في بناء الدولة المدنية الحديثة والترفع عن المصالح الشخصية والحزبية والمناطقية والطائفية وجعل مصلحة اليمن فوق كل شيء.