arpo28

خطر حرب مذهبية يهدد وحدة اليمن

وسط غياب تام للدولة في اليمن، يتواصل القتال المذهبي في محافظة صعدة شمالي البلاد بين جماعة الحوثي الشيعية والجماعة السلفية، ويتم حشد الآلاف من الاتباع المسلحين لخوض غمار حرب مذهبية لم تشهد مثلها البلاد منذ مئات الأعوام.

ومع قبول السلطات المركزية، مرغمة، بسيطرة الحوثيين على محافظة صعدة وأجزاء من محافظة عمران وحجة والجوف، عقب هزيمة الجيش في الجولة السادسة من الحرب التي شنها نظام حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الحوثيين الذين تحدوا سلطته، بات السلفيون الجيب المقاوم للسلطة التي تستند على إرث مذهبي ونظام حكم الأئمة الذي سيطر على شمالي البلاد.

تدخلات خارجية
وفي ظل تراجع دور القوى السياسية المدنية، وتنامي قوة تنظيم القاعدة والجماعات الداعية للانفصال في الجنوب، وعجز واضح في قدرة النظام الجديد على استعادة السيطرة على مناطق البلاد، والانفلات الأمني، فضلاً عن اتساع رقعة الفقر والبطالة، تنامى دور القوى الإقليمية في الشأن الداخلي لليمن بصورة غير مسبوقة.

وباتت إيران اليوم اللاعب الأقوى والمنافس للجميع، حيث أصبحت جماعة الحوثي التي تبسط نفوذها على جانب من خط الحدود مع المملكة العربية السعودية، قوة عسكرية وسياسية كبيرة، كما أصبح لطهران حلفاء جنوبيون يدعون إلى الانفصال، بزعامة نائب الرئيس السابق علي سالم البيض.

عنصر قوة
وبما أن الرئيس عبد ربه منصور هادي لا يزال يلعب دور الوسيط والطرف المحايد بين القوى المتصارعة، كما أن مؤتمر الحوار لم يتمكن من وضع حلول للمشكلات التي تواجهها اليمن، فإن القوة الدينية المسلحة أصبحت الأكثر حضوراً وفاعلية، ما يهدد بجر اليمن نحو حرب مذهبية مدمرة، إذ إن تنظيم القاعدة والقوى الإسلامية السنية لن تقف مكتوفة الأيدي على تفوق الحوثيين على السلفيين، والشروع في اجتياح منطقة دماج التي يتمركزون بها منذ نحو ثلاثين عاماً.

ويقول رئيس تحرير صحيفة «الشارع» نايف حسان، إن «هذا الحشد يضاعف أزمة الهوية الوطنية اليمنية، ويعزز من حضور حالة الفرز القائمة على المذهبية».

ويضيف حسان: «في هذه الفترة، التي تطغى عليها النزعات المريضة والعفنة، يجدر باليمنيين البقاء بعيداً عن الحرب المذهبية المرتقبة، وحالة التحشيد التي تقام من أجلها وعلى هامشها، ذلك أن تجنب هذه الحرب، وعزل مسعريها، هو حماية لليمن ولهويتها الوطنية، الأهم والأبقى من هوياتنا المذهبية والطائفية الضيقة».

مشهد ضبابي
ويشكو السلفيون مما يسمونها اعتداءات الحوثيين على دار الحديث السلفي، الواقعة في منطقة دماج صعدة، تصاعد تبادل الاتهامات بين الجانبين.

وقبل يومين، قال رئيس لجنة الوساطة الرئاسية يحيى أبو أصبع، إن اللجنة لم تتمكن من تحديد أي الجانبين يقوم بالخروقات وإطلاق الرصاص. والمعنى في هذا، أن هناك حالة ضبابية تستدعي الحذر قبل تحديد أي موقف حيال ما يجري، الأمر يتطلب العمل على إيقاف إطلاق النار، لا التحشيد لحرب واسعة.

ومع ازدياد الدعوات والفتاوى الداعمة للقتال على أسس مذهبية، فإن السلطات والقوى السياسية المدنية، مطالبة بالتدخل فوراً لاحتواء الموقف، ولجم فتاوى التكفير المضادة، ودعوات الاقتتال المتواصلة، ووضع حد للتدخل الخارجي وتمويل الجماعات المذهبية المتناحرة.

بنعمر يأسف
بدوره، أعرب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بنعمر، عن أسفه لسقوط قتلى وجرحى، وتصاعد العنف في دماج، داعياً جميع الأطراف إلى «الوقف الفوري لإطلاق النار، واعتماد لغة الحوار لحل الخلافات».

وقال في تصريح خاص ل «البيان» إن «ما يحصل في دماج ليس من مصلحة أي من الأطراف»، مضيفاً أن اليمن «قطع شوطاً مهماً في عملية التسوية، ونحن في المرحلة الأخيرة من مؤتمر الحوار الذي تمت فيه مناقشة كافة القضايا، ومنها قضية صعدة». وأضاف بنعمر: «نحن على تواصل مع جميع الجهات، ونراقب الوضع عن كثب، ونطلب من جميع الأطراف أن تستجيب لندائنا، وهناك لجنة رئاسية لمتابعة الوضع، نتمنى تفعيلها، حتى تتمكن من تحقيق وقف فوري لإطلاق النار، لأن ذلك هو المهم».

قيم سياسية
يرى الكاتب جمال حسن أن الصراع الطائفي في اليمن «يحتشد وتتهاوى معه القيم السياسية لشكل الدولة، وتستبيح الطائفية بوحشيتها كل ما هو وطني». ويقول حسن: «أعتقد أن الحوثي قام بأعمال همجية استفزت السلفيين، حتى وعندما نختلف مع الآخرين أو نناهض أشكالهم، لا يجب أن نستبيح الدم، فما قام به الحوثي من هجوم، كان استباحة للدم». ويضيف: «كذلك يمارس السلفيون عنفاً في التسميات».

زر الذهاب إلى الأعلى