تفاقمت الاوضاع سوا في مدن ومحافظات العراق اثر القتال الدائر بين القوات الحكومية والمجموعات المسلحة المختلفة .
مما دفع الآلاف من سكان مدينة الفلوجة ومحافظة الانبار إلى النزوح إلى مناطق أخرى وسط شح في بعض المواد الغذائية والوقود لاسيما الغاز السائل والبنزين والنفط الابيض.
وجاء نزوح السكان بعد أن أقرت السلطات الحكومية بفقدانها السيطرة على تلك المدن والتي باتت في أيدي مسلحين تابعين لتظيم القاعدة وجماعات من مسلحي العشائر.
حيث شنت مقاتلات عراقية امس الأحد غارات على مواقع مفترضة لمسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار .
وقال مسؤولون محليون في الرمادي إن المقاتلات استهدفت مواقع في الأحياء الشرقية بالمدينة, وتحدثوا عن مقتل 25 شخصا يشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
لكن مصادر أخرى أكدت لوكالة أسوشييتد برس مقتل 22 جنديا عراقيا و22 مدنيا وجرح نحو ستين آخرين في معارك امس الأحد.
وبعد ساعات من تلك الغارات الجوية, قصف الجيش بالمدفعية منطقة البوفراج التي تقع في محيط مدينة الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار.
كما أشار شهود عيان ومصادر صحفية من الفلوجة إلى وقوع قصف مدفعي وبقذائف الدبابات على مناطق البوفراج وزوبع في محيط الفلوجة والحي العسكري داخلها.
وافاد أحمد الجميلي الصحفي المقيم في الفلوجة إن المدينة كانت عرضة للقصف منذ يوم الاثنين الماضي، مشيرا إلى تجدد قصف كثيف امس الأحد شمل أحياء العسكري شرق المدينة، والشهداء غربها ونزال والأندلس وسطها، فضلا عن حي الجغيفي شمال المدينة.
واضاف أن الجيش يستخدم معسكرا يعرف باسم طارق في ضواحي الفلوجة الشرقية منطلقا لهجماته.
وأكد أن "آلاف العوائل قد نزحت من بيوتها إلى القرى المجاورة خوفا على حياتها، إذ تعاني المدينة من شح في المواد الغذائية وامدادات الوقود".
وكان الفريق رشيد فليح القائد البارز في عمليات الجيش العراقي في الأنبار قال أنه يحتاج " إلى يومين أو ثلاثة" لطرد المسلحين من الفلوجة والرمادي.
وتحدث شهود عيان عن تفاقم المعاناة الإنسانية للسكان المدنيين، لا سيما في مناطق التماس بين الأطراف المتقاتلة في المنطقة، حيث بدأ شح في بعض المواد الغذائية والوقود لاسيما الغاز السائل والبنزين والنفط الابيض.
وأكدوا وجود حركة نزوح واضحة بين سكان مدينة الرمادي نتيجة تفاقم هذه الاوضاع وخوفا من تطورات القتال.
وتفجرت الأزمة في الأنبار نهاية الشهر الماضي إثر اعتقال القوات العراقية النائب أحمد العلواني، ونزعها خيام الاعتصام بالرمادي في عملية قتل فيها شقيق العلواني الذي تتهمه الدولة بالقيام باعمال إرهابية، مما أدى إلى توتر كبير وغضب لدى الأهالي، اعقبه ظهور تشكيلات مسلحة في المدن، وتحديدا ظهور مسلحي تنظيم "داعش" الذين سيطروا على بعض الأحياء في مدينتي الفلوجة والرمادي ومحيطهما.
واندلع القتال بالرمادي وامتد إلى الفلوجة وبلدات أخرى بالمحافظة, وشاركت فيه عشائر رافضة لتدخل الجيش, و"الصحوات" الموالية للحكومة, بينما تتحدث تقارير عن سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية على بعض المواقع في المحافظة.
ونقل مراسل بي بي سي في بغداد عن مصادر صحفية بان اشتباكات ومعارك عنيفة دارت في منطقة ذراع دجلة شمال قضاء الكرمة شرق الفلوجة وان الطيران الحربي والطيران العمودي يقصفان مناطق ذراع دجلة ومنطقة الرعود شمال العاصمة بغداد.
وتتبع منطقة الرعود لقضاء الكرمة شرق الفلوجة في محافظة الانبار وتتاخم مناطق شمال غرب بغداد.
وتأتي هذه التطورات في وقت عرضت فيه كل من الولايات المتحدة وإيران تقديم دعم عسكري للقوات الحكومية العراقية في قتالها مع القاعدة ولكن من دون ارسال قوات عسكرية.
حيث أعرب فيه الجنرال محمد حجازي نائب رئيس الأركان الإيراني عن استعداد بلاده لاسداء النصح للعراق بشأن معركتها مع تنظيم القاعدة وامدادها بالمعدات العسكرية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن حجازي قوله "نحن مستعدون لامدادهم بالنصح والمعدات إذا طلبت بغداد ذلك لكننا نعلم أنهم ليسوا بحاجة لقوات على الارض".
وكان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قال إن بلاده ستساعد السلطات العراقية في حربها ضد المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة في محافظة الأنبار لكنه شدد على عدم اعتزام واشنطن إرسال قواتها إلى العراق مرة أخرى.
واضاف كيري إن بلاده تشعر بالقلق مما يجري في الأنبار، معربا عن ثقته بنجاح الحكومة العراقية والعشائر المتحالفة معها في معركتها ضد تنظيم القاعدة، حسب قوله.
وأوضح في تصريحات بالقدس حيث يقوم بجولة في الشرق الأوسط أن المعركة الجارية أكبر من أن تقتصر فقط على العراق وإنما لها ارتباطات إقليمية، مشيرا إلى أن ما يجري في سوريا يؤثر على استقرار المنطقة.
يذكر ان رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي عرض امس الأحد مبادرة تشمل سحب الجيش من المدن وإطلاق سجناء لإنهاء الأزمة.
وقال علاوي الذي يرأس ائتلاف "القائمة الوطنية" إنه يتعين سحب الجيش من المدن ونشر قوات الأمن الداخلي فيها, وتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين في الأنبار وغيرها من المحافظات.
ودعا في هذا الإطار إلى إطلاق السجناء الأبرياء, ووقف الحملات التحريضية والتصريحات الاستفزازية.
وحذر علاوي من أن العراق مقبل على "صراع شنيع" في حال استمرت الأزمة, وحث الوزراء غير الأعضاء في "ائتلاف دولة القانون" بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي على الاستقالة في حال استمر التصعيد من جانب الحكومة.
وتعليقا على المبادرة, قال عدنان السراج العضو في ائتلاف دولة القانون للجزيرة إن رئيس ائتلاف الوطنية طرف غير محايد, وبالتالي لا يمكنه تقديم مبادرات.
وكان المالكي أعلن بعيد بدء القتال في الأنبار تصميمه على الاستمرار في العملية العسكرية التي يقول إن الغرض منها القضاء على المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة هناك.