كان النجم الكبير في الفترة الأخيرة قد أصيب بجلطة، ثم تعافى منها وقاومها بحلوله ضيفاً في فيلم "زهايمر"، مع رفيق دربه عادل إمام، حيث قدّم مشهداً مؤثّراً للغاية نال عنه شهادة تقدير، ومن بعدها تراجعت صحة سعيد، فآثر البقاء في بيته، وصار يرفض أن يقوم بأدوار صغيرة لا تليق بمسيرته الفنية.
أشرفت على رعايته طوال تلك الفترة زوجته الممثلة الشابة شيماء فرغلي، التي نالت نصيباً كبيراً من النقد، حيث اتِّهمت بأنّها تمنع عنه الزيارة وتعذّبه، كونها أصغر منه بأربعين سنة، والحقيقة مخالفة تماماً لذلك، بحكم معرفتي بكلّ من شيماء وسعيد صالح، الذي رُشِّح للمشاركة ضيفَ شرفٍ في مسلسل "المرافعة" إلى جانب فاروق الفيشاوي وباسم ياخور، وتأليف تامر عبد المنعم، لكنه لم يطلّ على جمهوره بسبب حريق شقّته في المهندسين وتعرّضه لحروق طفيفة، وكذلك زوجته شيماء التي سارعت لإنقاذه من الموت وسط النيران.
سكن سعيد في الأشهر الأخيرة في شقّة بمنطقة الشيخ زايد، وكنت كلما اتصل به للاطمئنان عليه يقول لي: "الحمدلله مستورة"، وتعلّق زوجته شيماء بدورها بعبارة: "ربّنا ما بيعملش حاجة وحشه".
كانت أمنية صالح في الفترة الأخيرة أن يعود إلى معشوقته، خشبة المسرح، الذي يعتبره أصل الفنون، لأنّه قدّم على خشبته أروع المسرحيات، ومنها تلك التي تسبّبت باعتقاله عدّة مرات، إذ هاجم الأنظمة الساسية القمعية، وأصرّ على أن "عهد الملك فاروق كان من أرقى العهود التي شهدتها مصر".
أمِلَ الفنان الراحل أن تتحسّن صحّته، ويعود إلى شقته في منطقة المهندسين التي أمضى فيها نصف عمره، وأن يقدّم عملاً مسرحياً يحتوي على إسقاطات سياسية ويتطرّق للوضع الذي يعصف بالأمّة العربية، لكنّ المنيّة وافته قبل تحقيق أحلامه، فرحل بصمت وهو الذي أسعد الملايين بأدواره المميّزة، وزرع في قلوب كلّ من عرفهم البسمة.