كشفت السلطات الأمنية العليا في اليمن تفاصيل الاشتباكات المسلحة في جنوبي صنعاء أمس الثلاثاء، واتهمت مسلحي جماعة الحوثيين بالاعتداء على عدد من المنشآت الحكومية ونقاط التفتيش التابعة للجيش ما أدى إلى سقوط قتيل واصابة آخرين.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن مصدر مسؤول في اللجنة الأمنية العليا قوله إن "تلك العناصر الخارجة على القانون قامت بالاعتداء على محطة كهرباء منطقة حزيز والتمركز في عدد من المنشآت الحكومية والخدمية، وهاجمت نقطة تفتيش تابعة لمعسكر قوات الاحتياط، وتمركزت أمام معسكر السواد من الجهة الشرقية وحول نادي الفروسية، كما قامت باقتحام مدرسة الوحدة ومدرسة عبد اللطيف حمد، الكائنة أمام مستشفى 48 (العسكري) ومدرسة الحسين بمنطقة حزيز".
وأوضح المصدر أن "عناصر الحوثي استخدموا في الهجوم أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف آر بي جي نتج عنها مقتل شخص واصابة 15 آخرين من المواطنين، فضلاً عن إصابة أفراد من الأمن والقوات المسلحة تم إسعافهم في مستشفى 48 ، بالإضافة إلى إحراق طقم عسكري وانقلاب آخر".
وأكد المصدر أن "الأجهزة الأمنية والعسكرية تمكنت من التصدي لهؤلاء العناصر وأخرجتهم من مدرستي الوحدة وعبد اللطيف التي تمركزوا فيهما، في حين فرت تلك المجاميع الخارجة عن القانون ودخلت إلى بعض المباني المطلة على خط الأربعين شمال شرق محطة حزيز".
وفي الوقت الذي دعا فيه المصدر الأمني المواطنين إلى "عدم السماح للعناصر الخارجة عن القانون الدخول إلى المباني والمساكن الخاصة بهم"، أكد أن "الأجهزة الأمنية والعسكرية ستقوم بالرد على مصادر النيران، حفاظاً على الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمواطنين".
في المقابل، اعتبر القيادي في جماعة "أنصار الله"، علي العماد، أن "أحداث منطقة حزيز التي استمرت حوالي نصف ساعة فقط، كان "المقصود منها توفير مادة اعلامية لمواكبة حالة الحنق الشعبية من السلطة بسبب مجزرة مجلس الوزراء بحق الثوار".
وأضاف العماد في تصريح نقله موقع "أنصار الله" التابع للجماعة أنه "تحركت من معسكر السواد دبابتان و15 طقماً عسكرياً باتجاه أماكن المخيمات آخر نهار اليوم (الثلاثاء) وحال وصولها قامت بإطلاق النار بشكل عشوائي وفوضوي، وزاد أنها انسحبت بشكل سريع وكأنها افتعلت الصراع لإحداث ضجيج يستفاد منه من قبل إعلاميي السلطة حتى يبرروا قتل الثوار السلميين".
وكان المدخل الجنوبي لصنعاء قد شهد مواجهات مسلحة بين الجيش والحوثيين، وهو أول صِدام مسلح على مداخل صنعاء منذ تصعيد جماعة الحوثي احتجاجاتها في العاصمة وأطرافها.
ويأتي الصدام متزامناً مع سقوط سبعة قتلى أثناء محاولة الحوثيين اقتحام مقر الحكومة وإذاعة صنعاء وسط المدينة.
ومع ازدياد خطورة الأوضاع الميدانية، اتفقت ردود أفعال أبرز الأحزاب السياسية على إدانة العنف ودعت إلى تجنب أسبابه دون أن تحمل المسؤولية طرفاً بعينه.
وطالب حزب "المؤتمر الشعبي العام" الذي يترأسه الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، "بتشكيل لجنة تحقيق في أحداث الثلاثاء في صنعاء"، مؤكداً "عدم انحيازه إلى أي من أطراف الصراع"، معتبراً أن "أي موقف لقيادات في الحزب ينحاز إلى طرف لا يمثل المؤتمر وحلفائه".
وعبر الحزب في بيان في ختام اجتماعه مساء أمس الثلاثاء عن "إدانته لكافة أشكال العنف أو التلويح به من أي طرف كان أو جعل صنعاء ساحة حرب أو تصفية للحسابات"، داعياً كافة الأطراف "إلى إنهاء كافة مصادر التوتر في صنعاء وبقية المحافظات أو أية أعمال تحول دون حركة موظفي وعمال المؤسسات".
وفي السياق نفسه، نفى الرئيس السابق صالح، الاتهامات الموجهة إليه في وسائل إعلامية بالوقوف "وراء الاعتصامات أو الدعم لأعمال العنف والإرهاب من عناصر تنظيم القاعدة".
واعتبر مصدر في مكتب صالح في بيان ذلك من "المزاعم الكاذبة والمفضوحة سبق نفيها وتفنيد أكاذيبها ويتم تزويرها لأهداف سياسية مكشوفة لا تخفى على لبيب".
ودعا المصدر من وصفها "تلك الأطراف المتآمرة والتي لم تستفد من دروس الماضي وما قادت إليه الوطن من كوارث متزامنة منذ أزمة 2011 وحتى الآن إلى تقديم أدلتها، إذا كانت تمتلك مثل تلك الأدلة والبراهين لتطلع الرأي العام عليها بدلاً من أساليب الدس الرخيصة والمكشوفة".
[b]الاشتراكي: الدعوة لتجنب الحرب بالوكالة[/b]
من جانبه، دعا الحزب "الاشتراكي اليمني" جميع القوى السياسية إلى التوقف بمسؤولية أمام كافة المتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية وتطويقها بالعمل السياسي.
وطالب الحزب في بيان له ب "وقف التنابذ والشحن الإعلامي غير المسؤول"، مشدداً على "عدم المساس بالعمل السلمي سواء بالقمع أو بالتصعيد غير المسؤول"، مؤكداً دعمه "الاحتجاجات السلمية غير الملتبسة بأي شكل من أشكال العنف".
وقالت الأمانة العامة للحزب "لا بد من الإشارة في هذا الظرف الحساس إلى حقيقة جوهرية وهي أن اليمنيين هم وحدهم من يستطيعون حماية وطنهم من الحروب التي تدار بالوكالة في أكثر من بلد لصالح أطراف وقوى خارجية تعمل على تصفية ما بينها من حسابات في بلاد الآخرين".
[b]الإصلاح: التحلق حول مائدة حوار صادق[/b]
وفيما لم يوضح حزب "التجمع اليمني للإصلاح" موقفاً رسمياً تجاه التطورات، طالب رئيس الحزب، محمد عبد الله اليدومي، في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بتحكيم "العقل" وتغليب المصلحة العامة للوطن قولاً وعملاً.
ودعا إلى النأي عن "أساليب (اللف والدوران)، مطالباً ب"الجلوس بإخاء ووطنية على مقاعد الرغبة في البحث عن حلول لمشاكلنا وقضايانا المتباينة فيما بيننا وتحلَّقنا بجدًّ حول مائدة حوار صادق ورافض لأي كلمة أو موقف قد يستدرجنا من حيث لا نعي ولا ندرك إلى الاحتكام إلى شريعة الغاب".
وأضاف اليدومي الذي لم يشر إلى أحداث رئاسة الوزراء، أن "هذه بلادنا جميعاً أمانة في أعناقنا، ولا يستطيع أحد منا أن يدَّعي وطنية أكثر من غيره ولا أن يتفرد بها دون الآخرين"، داعياً إلى "الاستفادة من "دروس العبرة" التي أوضح أن "سورية أبرزها وأقساها، وأكثرها مأسوية وبؤساً، ونراها في كل يوم، وهي تكاد تتلاشى من أمام أعيننا أرضاً وسكاناً ونظاماً ومعارضة، من دون أن يحرك العالم ساكناً لإنقاذها من مأساتها ومن خطورة القادم من الأيام والذي قد يكون أكثر رعباً وإيلاماً".