كان الاعتقاد السائد في بداية العمليات العسكرية أن الحرب على اليمن ستمول نفسها بنفسها عن طريق ارتفاع أسعار النفط، وأن دول التحالف، خاصة الخليجية، لن تتحمل سوى الجزء القليل من التكلفة الضخمة التي تقدر بمليارات الدولارات، حيث إن ارتفاع أسعار النفط عالميا جراء الحرب الدائرة سيعود بالإيرادات الوفيرة على الدول المنتجة للنفط، خاصة دول الخليج أكبر منتج للنفط في العالم حيث تنتج وحدها نحو 17 مليون برميل يوميا، منها 10 ملايين من السعودية وحدها.
وتم طرح هذا السيناريو بناء على تجارب سابقة، فعندما تقوم حرب في بلد ما أو منطقة ما، فإن أسعار النفط تشهد قفزات في السوق العالمية بسبب زيادة المخاطر، وتزداد المخاطر حسب طبيعة الصراع والدول المتحاربة وموقعها الاستراتيجي، وما إذا كانت منتجة للنفط أو سلعة عالمية مهمة أم لا، حدث ذلك في حرب العراق الأولى والثانية والحرب التي قادها حزب الناتو ضد نظام معمر القذافي والحرب الأوكرانية وغيرها.
وزاد هذا الاعتقاد مع بداية شرارة الحرب على اليمن، حيث قفزت أسعار النفط حوالي 5% الخميس؛ وهو اليوم الأول للعمليات العسكرية التي قادها تحالف من 10 دول عربية، بعد أن أثارت الضربات مخاوف من حدوث صراع أوسع في الشرق الأوسط، تكون طهران أحد أطرافه الرئيسية، ويعطل إمدادات النفط للسوق العالمية.
إلا أن أسعار النفط عادت للانخفاض مرة أخرى، ودعم ذلك استبعاد تدخل إيران في حرب اليمن، وسيطرة التحالف على المجال الجوي اليمني، وضعف قدرة الحوثيين على المقاومة خاصة الجوية، وردود الفعل الإيجابية على نتائج الأيام الأولى للحرب، وتدخل تركيا وأميركا وباكستان لدعم التحالف.
وإزاء هذا الوضع فإن دول الخليج ستتحمل كاملاً تكلفة الحرب على اليمن، وربما يفسر ذلك قيام السعودية بسحب 100 مليار ريال من احتياطيها العام لتمويل العملية العسكرية، وتغطية عجز الموازنة الناجم عن تهاوي أسعار النفط، وفقدانها 60% من قيمتها في النصف الثاني من العام 2014 واستمرار هذا التراجع في العام الحالي.
ويظل سحب المملكة أموالا إضافية من الاحتياطي العام البالغ حاليً 730 مليار ريال متوقفا على عدة أمور، منها مدى استمرار العملية العسكرية في اليمن، وما إذا كان هناك تدخل بري من عدمه.