أكد مختصون يعملون في القوة الجوية العراقية، أن سلاح الجوّ العراقي يمرّ بأسوأ مراحله، بعد أن كان قوة ضاربة يُحسب لها حساب في المنطقة، وتمكن منذ تأسيسه في عام 1931، من تطوير قدراته وطياريه، والاعتماد على طاقم كبير من الخبراء العراقيين في إدارة شؤون القوة الجوية العراقية، لتتحول بعد احتلال العراق في 2003 إلى قوة تعتمد على الخبرات الإيرانية.
وأثارت أخطاء فنية ارتكبها طيارون عراقيون، أخيراً، تساؤلات الشارع العراقي، عن هوية الطيارين العراقيين، ومدى علمهم وخبراتهم في هذا المجال، في ظلّ مرور العراق بظرفٍ صعب، يتمثل في سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على حوالي ثلث أراضيه.
ومن بين الأحداث التي أذهلت العراقيين، قيام طائرات عراقية بقصف مواقع للجيش العراقي، وإنزال أسلحة ومؤن لـ"داعش" في مرات سابقة، علّلها مسؤولون في سلاح الجو، بأنها "وقعت عن طريق الخطأ". وكان أبرز الأحداث الغريبة، قصف طائرة عراقية مساكن داخل بغداد، في 6 يوليو/تموز الماضي، أدت إلى مقتل وإصابة مواطنين، وتدمير عدد من المنازل. وعزت الحكومة العراقية الأمر إلى وجود خلل فني، لا ذنب للطيار فيه.
وكشف مختصون من داخل القوة الجوية العراقية لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من الخطوات التي اتخذتها الجهات المسؤولة، أضعفت قدرات القوة الجوية العراقية، من بينها الاعتماد على الخبراء الإيرانيين، واختيار طيارين موالين لأحزاب السلطة".
وخلص تحقيق أُسند إلى مجموعة من الخبراء العراقيين، أخيراً، حول سبب سقوط صاروخ على منطقة سكنية في بغداد، كان مقرراً أن تُسقطه الطائرة على مواقع لـ"داعش"، إلى أن "اعتماد خبراء إيرانيين في القوة الجوية العراقية، كان من أكبر الأخطاء التي أدت إلى تدهور سلاح الجو العراقي".
ويشير التحقيق في مقتل المدنيين، إلى أنه "عند عودة الطائرة إلى القاعدة، يتوجب على الطيار أن يقوم بحركة دوران فوق المنطقة القريبة من القاعدة الجوية، ليتمكن من الهبوط على المدرج المخصص". ولفت إلى أنه "في أثناء التفاف الطائرة، استجاب جهاز الإطلاق متأخراً لأمر الطيار، فوقع بالخطأ على بيوت سكنية في المنطقة القريبة من القاعدة".
وأكد أن "عدداً غير قليل من الخبراء العراقيين يعملون في صفوف القوة الجوية حالياً، لكن الاعتماد يبقى على الإيرانيين الذين هم أقلّ خبرة منا بكثير". وأوضح المصدر أنه "لدينا خبرة كبيرة في التعامل مع الطائرات، وبيننا الكثيرون من أصحاب الخدمة الطويلة، ممّن اعتُمد عليهم لأعوام خلت، ومنهم من عمل وقت الحرب مع إيران (1980 1988)". ولفت إلى أن "الخبراء الإيرانيين يتلقون مرتبات شهرية، أعلى بكثير من رواتب العراقيين، إذ يصل راتب الخبير الإيراني إلى 4 آلاف دولار، فيما يتلقى الخبير العراقي راتباً بقيمة 800 دولار".
في السياق ذاته، قال ضابط في القوة الجوية العراقية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "قبول المتقدمين للاختبار ليصبحوا طيارين لا يتم وفق ما يحرزه المتقدم من نقاط تفوقه على أقرانه، بل من خلال انتمائه لحزب من أحزاب السلطة، على أن يعزز هذا الانتماء بوساطة قوية من أحد السياسيين البارزين".
وذكر أن "عدداً من الذين أحرزوا نقاطاً عالية في الاختبارات، لم يتأهلوا، فيما تأهل آخرون، بعضهم لم يتمكن من جمع نقاط كافية، كونهم عززوا اختباراتهم بوساطة قوية، من شخصيات نافذة في الحكومة العراقية وأحزاب السلطة".
وعن أخطاء الطيارين العراقيين، ذكر ضابط في القوة الجوية العراقية، برتبة ملازم لـ"العربي الجديد"، "أن طيارين عراقيين قصفوا، في وقت سابق، مواقع تابعة للجيش العراقي، وفي مرات أخرى أنزلت الطائرات العراقية مؤناً وأعتدة لمسلحي تنظيم داعش في مناطق القتال".
وأضاف "كان ذلك كله عن طريق الخطأ، وقلة مهارة الطيار، كانت وراء هذه الأخطاء الجسيمة"، وتابع: إن أي إجراءات عقابية لم تتخذ في حق هؤلاء الطيارين؛ كونهم ينتمون لأحزاب نافذة، ومدعومين من شخصيات لها ثقل كبير في الحكومة".