آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

يا جنوبي صح النوم.. 7/7 آخر يوم

هناك أمارات عديدة على انعدام الخيال السياسي السليم لدى كثير من مسطري شعارات الحراك.. من بينها: ياجنوبي صح النوم.. 7/7 آخر يوم، والذي انتشر منذ أشهر في مواقع ومنشورات تابعة للحراك.

أولاً: سيكون تأثير الشعار سلبياً حينما لا يكون 7/7 آخر يوم.. وبالطبع هو ليس آخر يوم..

ثانياً: إحياء مصطلح 7/7 من حيث المبدأ ليس موفقاً لأن ما نعرفه وكذا ما حاول الحراك إقناعنا به هو أن أبناء الجنوب كانوا هم من هزم الانفصال في 94، وأنه لو كان هناك 4% من المواطنين في المحافظات الجنوبية في 94 مع الانفصال لما انتهت المواجهات خلال 60 يوماً.. والستون يوماً نفسها كانت مجرد مسافة الطريق لكي يحكم جيش التحالف الوحدوي قبضته على أرجاء اليمن، قبل أن يعلن في 7/7 عن انتهاء المواجهات بدخول عدن. بالتالي يمكننا القول (بنغمة مناطقية) إن 7/7 هو يوم انتصار الجنوب على بعض من بنيه الذين ارتدوا عن الوحدة لأسباب شخصية..

وبالتالي من الصعب على الرأي العام الاقتناع بالشيء ونقيضه، لأن هذا في علم المنطق يعد أعلى مراتب الزندقة.. من الصعب التسليم أن الجنوب هو الذي انتصر في 7/7 وهو الذي انهزم.. وراجعوا إذا شئتم تصريحات الشيخ طارق الفصلي وغيره ممن كانوا يومها في مقدمة صفوف "الشرعية"..

ينطبق مثل هذا الوقوع اللإرادي في فخ التناقض على اطروحة كان يرددها الحراك في السنة الأولى من الغليان، وهي أن الشمال لم يعد فيه "يمنيون" وإنما خليط من بقايا الفرس واليهود والأتراك والجراكسة وأن اليمنيين الحقيقيين هم في الجنوب فقط.. ثم لما أصبح الحراك في قبضة الديناصورات المحنطة أصبح اليمن هو الشمال، بينما الجنوب والشرق جنوب عربي. (أحد الكتاب العرب في مقال منشور في "نشوان نيوز" قال: يا جماعة الحراك احنا متعاطفين معكم، لكن والله ما تقدروا تقنعوا واحد عربي بالانفصال وبالجنوب العربي ولو أعطيتوه ملايين الدولارات).

بعد 7/7 أساءت السلطة استخدام الحكم وفشلت في إدارة البلاد، وهي اليوم تدفع ثمن فشلها، ويدفع الشعب ثمن مداهنته لها.. وبسبب الأنانية لا تريد السلطة، وكذا لا تريد الأطراف الذين قصروا في الزحام على فرص الحياة الجديدة أن يدفعوا الثمن.. وبالتالي فإن الغريم المعنوي السهل الذي يمكن رمي التهم على كاهله هو الوحدة.. والوحدة كمعطى قيمي إيجابي لا يتحمل وزر السلطة التي فشلت في إدارة الشأن العام..

وهنالك ما لايجب إغفاله، وهو أن تركز شعارات وشخوص وتواريخ الحراك، في منحاه الأخير، على ذكريات حرب 94 (علي سالم البيض، 7/7، 21 مايو... الخ) هو دلالة واضحة على أن طرفاً ما تمكن من سرقة الحراك وأن المسألة أصبحت اليوم مسألة تصفية حسابات بين أكثر من "علي".

ولقد قلنا مسبقاً أن ظهور البيض أحرق الحراك.. من زاوية نظر عميقة، لكنه حتى أكبر المتشائمين من ظهور البيض لايريد التورط في إحراج الرجل والتبرؤ منه، لأن في ذلك هدية للسلطة لا تستحقها..

سيكون من المشرف لحراك جنوب اليمن أن يفضي إلى تغيير السلطة وسياسات السلطة، على أن السلطة فاشلة في كل شيء باستثناء قدرتها على اختراع مقومات البقاء.. لهذا اخترقت طروحات الحراك (دون أن يشعر) وجعلته حراكاً مضاداً للوحدة ومتبنياً لنهج التصعيد المسلح، وهي بالتالي تضرب أربعة عصافير بحجر واحد:

- جعل الشعب يتغاضون عن أخطائها لأنهم خائفون على شيء أكبر وهو الوحدة..
- الإدانة الأخلاقية والحضارية والقانونية والشعبية للحراك، لأنه عنصري، يدعو إلى التمزيق والتفرقة، ويستعمل الإرهاب والشغب، ويتبنى ثقافية الكراهية.
- إحراق المعارضة في معركة بكماء.. ولعل من دقيق الإشارة اليوم أن الحراك له الفضل الوحيد في إيقاف زعم المعارضة المتكرر أن الشارع في قبضتها، وأنه يختارها دائماً لولا التزوير!.
- أما العصفور الرابع فهو إمكانية إقرار أحكام طوارئ غير معلنة. وكذا إنعاش العلاقات اليمنية الخليجية وملء الخزينة بالمساعدات "للوقوف في وجد المؤامرة التي تستهدف الجميع"!

وللأسف، يتقن الحراك الوقوع في الفخ، وتتقن السلطة سحب كافة الأطراف إلى مربع الشغل غير النظيف وتوسيع دائرة الملوثين والمدانين..

قبل أيام تراسلت إحدى قريباتي مع جارة لها من أبناء شبوة أصبحت تسكن في عدن.. (كيف حالك يا انفصالية.. وانتي كيف حالك يا دحباشية.. والله مشتاقة لك موت، وكيف حال العيال.. كيف حال بثينا..... الخ). الذي يرى تفاصيل المحادثة التي تمت برسائل SMS يدرك أن الوحدة بخير.

لقد فقدت لفظة الانفصال قدرتها على الإثارة، وأصبحت مفردات التعبئة وسيلة للتندر، وهنا تكمن عبقرية الشعب فقد انتهت المحادثة أعلاه (بين الانفصالية والدحباشية) بالدعاء أن يحفظ الله اليمن ووحدة أهل اليمن، وأن لا يؤاخذنا الرحمن بما فعل السفهاء منا.. آمين.

أخيرا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل عمل شرّة، ولكل شرة فترة".

Back to top button