مفتتح: "الرجال انواع.. رجل ينظر في الامور قبل ان تقع فيصدرها مصدرها.. ورجل متوكل لا ينظر فإذا نزلت به نازلة شاور أهل الرأي وقبل قولهم ورجل جائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطيع مرشداً!!"
الخليفة عمر الفاروق".
ما يزيد عن 150 قضية نشر هي فاتحة البدء للمحكمة الخاصة بقضايا الصحافة والتي استحدثت مؤخراً.. وصدر بها قرار جمهوري.
لقد صرحت, لعدد من وسائل الاعلام التي طلبت رأيي في الامر, بأن مشكلتنا ليست في وجود محكمة خاصة بالصحافيين وقضايا النشر والرأي.. ومازلت أقول وأؤكد وأزيد بأن مشكلتنا ليست بأن يحاكم الصحافي وكتاب الرأي أمام محكمة خاصة أو جنائية أو محكمة أمن دولة.
لكن مشكلتنا الكبرى ومشكلة كل اليمنيين بمختلف ألوان طيفه السياسي والمدني والحقوقي والاجتماعي تكمن في غياب الاستقلالية الكاملة والكافية والحقيقية لسلطة القضاء بحيث تغدو بالفعل "ملاذاً لكافة المواطنين دون استثناء كسلطة مستقلة وحكم عادل فوق كل السلطات بما فيها التنفيذية والعسكرية والتشريعية".
تلك المأساة باهضة الثمن.. يتشارك كل اليمنيين في دفع فواتيرها من أمنهم وحياتهم وآمالهم وتطلعاتهم.. وفي ظل قضاء غير مستقل ونزيه.. وتعدد مصادر القرار.. وتنامي مراكز القوى والنفوذ.. وتغييب دولة المؤسسات واختلال القانون.. وترسيخ الفوضى.. وتعزيز قنوات الفساد.. وتقوية أدوات الإفساد.. وسحق المواطنة.. وتسييد النخيط والهنجمة.. وسيادة قبائح المنتصر ونزات المكتسح..!! تصبح ممارسة أي مهنة, وعلى رأسها مهنة الصحافة والاعلام والعمل السياسي الناضج.. مهمة محفوفة بالمخاطر والشتائم والترهيب والتحريض وتهم العمالة والتخريب واستهداف "الثوابت"!!
ولاشك ان الجميع "قيادة وشركاء منظومة ديمقراطية وحركة حقوقية وعمل مدني وفعل سياسي" يتقاسمون مسؤولية ما اصبح عليه الحال.
غير ان المسؤولية المضاعفة تقع على عاتق ولي الامر.
ماذا أريد أن أقول؟!
* ما أود قوله والتأكيد عليه ان المسؤولية الكبرى والالتزام الأكبر يقع على عاتق الجالس على قمة هرم الحكم ممثلاً بالرئيس علي عبدالله صالح الذي احتفل الجمعة 17 يوليو2009 بالذكرى الـ31 لاستلام الحكم.. مدشناً العقد الرابع من حكم يعد الاطول في العالم بقرنه الجديد!!
ولعل ما يجعل مسؤولية الرئيس كبيرة ومضاعفة ان ذكرى الـ17 من يوليو تحل هذا العام واليمن يعيش قلاقل ومظاهر تشوه حاضره وتهدد بقايا مستقبله.. وتقرب البلاد ارضاً وانساناً من هاوية لا تبق ولا تذر..تلك القلاقل تجاوزت من الخطأ إلى الخطيئة ومن التظاهر إلى الحقد والكراهية بين اليمنيين بعضهم ضد بعض.. تمرد واقتتال ودعوى للانفصال.
• فهل تدرك يا فخامة الرئيس, ويا أيها القائد الاعلى للقوات المسلحة والامن.. ويا رئيس الحزب الحاكم.. ويا زعيم كل السلطات.. كم اصبح حالنا بائساً ومستقبلنا يائساً!!
• هل تدرك كم انت ملزم بمعالجة جراح التهبت وفتنة ايقضت.
* يجب عليك ان تدرك ان المكابرة لم تعد مجدية وتبسيط الأحداث وتتفيهها لم تعد كذلك هي الاخرى, كما لم يعد مثيراً للاعجاب أو الدهشة "اسطوانة الحكم على رؤوس الثعابين"!!
*عليك يا صاحب الفخامة ان تدرك "ان ترتيب السلام" خير من توفير أجواء الاقتتال ودفع اصحاب المظالم إلى التمرد والحروب وحمل السلاح طلباً للانصاف ورد الحقوق.. فقد ضاق الناس وبلغ السيل الزبى!
.. وعليك الآن استعمال الحكمة والحنكة.. وان تستحضر مسؤوليتك كرئيس لكل اليمن واليمنيين.. عليك ان تمنح مستشاريك وكتبة تقارير "كله تمام يا فندم"!! اجازة قسرية .. ابعثهم في رحلة استجمام جماعية إلى أي من البلدان التي تعودوا واعتادوا السفر اليها والاستثمار فيها.
قم بذلك وافتح نوافذ قلبك للجميع اجعل عينيك هي معينك وأذنيك واسطتك.. ابعد خاصتك فإنهم والله قد خصخصوك!!
* واني هنا صادق في النصح مخلص في التذكير.. ودعني كمواطن يعشق اليمن آمناً مستقراً.. ويؤمن بحتمية وضرورة ان تكون كرامة ابنائه موفورة.. وآدميتهم مصانة دعني هنا اقول لك وبالصوت المجروح "يا فندم الاوضاع ليست تمام" فهناك:
- نهب مستمر لمقدرات البلد وثرواته.
- مواطنة غير متساوية واقصاء وإلغاء للآخر.
- مراكز نفوذ متنامية وعصابات تعيث بالارض فساداً.
- اقطاعيات ودويلات تعبث بمصائر الفقراء.
- فساد منظم اصبحت له انياب واظافر واجهزة وادارات ومندوبون في كل مكان.
- فقر ومرض وبطالة متزايدة ومحسوبية مستقوية بالوظيفة العامة.
- اعتداءات واختطافات وتصفيات سياسية وعشائرية وجهوية قذرة.
- آهات واوجاع وقهر سكن الافئدة وخيم بالخوف على الارواح.
نعم يا فندم كله ليس تمام..
والأمور ليست سابرة!!
* إشارة الختام: للشاعر الفرنسي "جاك بريفر":
عندما كان "نابليون" شاباً
كان هزيلاً جداً
وضابط مدفعية..
وفيما بعد أصبح إمبراطورا
فأخذ بطنه يضخم
واخذ كثيراً من البلاد..
وفي اليوم الذي مات فيه
كان بطنه ما يزال ضخماً..
لكنه هو.. غدا اصغر"!!