كل شيء في قضية عمر الفاروق يوحي بأن خلف الاكمة الكثير وان في الجو اكثر من الغيوم فجأة، وبعد سكون إرهابي طويل على مستوى العمليات الدولية المتعلقة بأمن الطائرات والإرهاب على المستوى الدولي خرج علينا النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب أو في الواقع أخرج علينا ببدعة إرهابية جديدة تتمثل في مساحيق التفجير المخبأة في الملابس الداخلية!
أي أن على المسافر العربي والمسلم إذا أراد إجتياز نقاط التفتيش في مطارات الدنيا مستقبلا أن ينزع سرواله لكي يتم التأكد من صلاحيته الأمنية! وهي كما تعلمون عملية مرهقة للغاية تدفع بالمرء إلى ان يسافر بالملابس الداخلية فقط لا غير تجنبا للتأخير ولمذلة الشكوك والهواجس والريبة!
لا أدري لماذا ينتابني شعوراً جارفاً بأن عملية هذا "الزعطوط" النيجيري هي مجرد فبركة إعلامية واستخبارية مخطط لها بطريقة بدائية ومستهلكة وقديمة شاهدنا بعض الملامح منها في بعض أفلام الجاسوسية و"الأكشن" الهوليوودية لأن تلك العملية وبالطريقة التي جرت بها توحي بأن هناك خطة استدراج بهدف الفرقعة الإعلامية وبأهداف سياسية أخرى أوسع مدى تتعلق بتوسيع مساحة وميادين الحرب ضد الإرهاب في صفحته الثانية.
فكل المعطيات عن هذا الطفل النيجيري تثير الشكوك وعلامات الاستفهام والتوجس فكيف استطاع عمر عبد المطلب التنقل والسفر من اليمن جنوبا وحتى بريطانيا شمالا ثم الحصول على "الفيزا" الأميركية الصعبة المنال لشعوب العالم الثالث ومن ثم محاولة تفجير الطائرة التي انطلقت من أمستردام بعد أن هبطت في مطار ديترويت الأميركي وليس في الجو كما تقتضي ترتيبات العملية الانتحارية إن كانت هناك فعلا ثمة محاولة من هذا القبيل؟
والعجيب والمثير للدهشة والإستغراب أيضا أن أجهزة المخابرات الغربية تدعي أنها تمتلك معلومات تفصيلية عن ذلك الشاب النيجيري وعن تطرفه وتحذيرات والده من سلوكياته! ومع ذلك فهو يتحرك وينتقل ويطير بحرية مفرطة ويسوح في أقطار الأرض ويترك على راحته حتى اللحظة الأخيرة ثم تنفجر القضية على مستوى مؤسسة الرئاسة الأميركية.
من مشاهداتي الخاصة في دول الغرب أستطيع التأكيد ان العديد من مخابرات الدول الغربية تجتذب المتطرفين وتوفر لهم كل أسباب الأقامة واللجوء وإصدار جوازات ووثائق السفر وحرية التحرك وعقد الإجتماعات والتواصل مع الخلايا الأخرى. كل تلك الأعمال تراقب بدقة وحرفنة وعندما يريدون تحقيق هدف إعلامي أو سياسي أو أمني معينا تفتح الملفات مرة واحدة..
ففي النرويج مثلا هناك وجود واضح للكثير من الجماعات الأصولية المتطرفة ومنهم وزراء سابقون في حكومة "طالبان" الأفغانية ، كما أن هناك لاجئين يعتنقون أفكارا أصولية متزمتة ويعلنون عدائهم الصريح للغرب وقيمه يتواجدون ويتركون بحرية في مختلف الدول الأوروبية من دون أن يحدث أي شيء مريب لأن القبضة الاستخبارية تهيمن على كل التحركات ولا تترك أي شيء للصدفة..
ولكنهم يصبحون مادة للإعلام المحلي مع كل تصعيد إعلامي معين تجاه تلكم الجماعات فمثلا قبل الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما لأوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام أعلنت الشرطة النرويجية الإعتقال التحفظي لاحد الأصوليين الباكستانيين ويدعى "باتي" حتى إنتهاء الزيارة ومغادرة الرئيس الأميركي للنرويج إذن كل شيء تحت السيطرة إلا إذا كانت هناك أهداف خاصة ومعينة ساعتها يرفع القمقم عن غطاء صندوق العفاريت وتفتح الملفات كل شيء في قضية عمر الفاروق عبد المطلب النيجيري توحي بأن خلف الأكمة ما ورائها، وبأن في الجو أكثر من الغيوم والعواصف! إنه الإرهاب حسب الطلب.