وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أشارت، أول من أمس، إلى «ازدياد عدد اللاعبين المنشغلين في نزاعات اليمن»، وتحدثت عن «توقعات وشروط» لاستمرار دعم الحكومة اليمنية. الاحتفاء باليمن بدأ، وفي نهاية الشهر الجاري سيجتمع قادة دول غربية في لندن لمواجهة التطرف في اليمن الذي اصبح في نظر الدول الغربية «حاضنة وملاذاً آمناً للإرهاب».
الجميع رحب بالاهتمام الغربي باليمن، وتفاءل بمعالجة سياسية واقتصادية للازمة اليمنية مع الإرهاب. ولكن، ظل القلق من نوع هذا الاهتمام وتفاصيله ومستقبله، فالهرولة الأميركية إلى اليمن بدأت من زاوية عسكرية، فتصدر الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية في المنطقة، المشهد، وأصبحنا نسمع مصطلحات عسكرية خبِرنا نتائجها المفزعة في العراق وأفغانستان، فضلاً عن ان واشنطن لا تعرف سوى منطق القوة في تعاملها مع ظاهرة الإرهاب في المنطقة، وهي مارست عنفاً مضاداً في هذين البلدين، وبعد سنوات من القتل والدمار والفشل الذريع، بدأت تتحدث عن حلول أخرى.
إذا قررت الإدارة الأميركية دعم اليمن بالوجود العسكري، على طريقتها في أفغانستان والعراق، فهذا يعني ان واشنطن تسعى إلى «أفغنة اليمن»، وتدمير تعاطف شعوب المنطقة وأنظمتها مع النظام السياسي في صنعاء، والتحريض على زيادة التطرف والإرهاب في الجزيرة العربية والقرن الأفريقي. ولعليّ لا أبالغ إذا قلت ان اي تدخل عسكري في اليمن، ولو كان محدوداً، سيعطي للإرهاب شرعية دينية ستعدّ سابقة، وستكون التجربة الأميركية في العراق نزهة مقارنة بما ستواجهه اميركا في اليمن.
ان مواجهة الإرهاب في اليمن تحتاج تعاوناً استخباراتياً مختلفاً، وتطوير قدرات الجيش وأجهزة الأمن اليمنية تسليحاً وتدريباً، ووضع خطة طموحة للتنمية الاقتصادية، بمعايير ورقابة دولية، تشارك فيها دول الخليج من خلال اقامة مشاريع صناعية وزراعية. كما تحتاج مواجهة الإرهاب، معاودة الاهتمام بدور شيوخ القبائل للحفاظ على سلامة الحدود وضبط الأمن. والإسراع في خطوات انضمام اليمن إلى مجلس التعاون، وفتح أسواق بعض دول الخليج أمام الأيدي العاملة اليمنية، ومعالجة الاحتقان الداخلي، وإزالة أسباب الغبن الذي يشعر به أهالي المحافظات الجنوبية.