آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إيران لا تعرف أعداءها

يحتل سوء الظن الزاوية الأكثر إظلاماً في الذاكرة الإيرانية، فقد «وافقت المملكة العربية السعودية على فتح ممر جوي شمال حدودها للسماح لإسرائيل باستخدامه لضرب المواقع النووية الإيرانية» كما جاء في خبر بثته صحيفة تايمز –أونلاين البريطانية في 12 يونيو 2010م.

وحسنا فعلت وزارة الدفاع والخارجية في السعودية بالرد في حينه بأنها لن تكون منصة لأي هجوم عسكري على إيران. ولسنا في موقف المفند لذلك الادعاء الذي راحت بعض المصادر الإخبارية الإيرانية بل والعربية في إيراد إمكانية صدقة أكثر من كذبه، وتعاملت معه ببدائية دون تكليف أنفسهم عناء استخدام المنهج التاريخي الصالح لتمحيص الأحداث غالبا، رغم تقلبات البيئة الأمنية،

بدءاً بأن السعودية قد منعت حليفتها الكبرى الولايات المتحدة من استخدام أراضيها لإسقاط الطاغية صدام والذي كان ألدّ أعداء المملكة ودول الخليج عام2003، فكيف بإيران! أو كما رفضت قبل 30 عاماً إقلاع طائرات «عملية مخلب النسر» الأميركية التي هاجمت الجمهورية الإسلامية الجديدة ومنيت بكارثة في 24 أبريل 1980 نتيجة طول خط طيرانها الذي امتد بطائرات العملية من الولايات المتحدة إلى إسبانيا ثم مصر ثم مصيرة ثم التحطم في صحراء طبز.

تظهر أجواء المنطقة أنها سوف تشهد ارتفاع وتيرة الاتهامات الإيرانية لدول الخليج العربي بالتواطؤ مع المغيرين المرتقبين. وسوف تكون آلة الاتهامات الإيرانية مدفوعة بمحركين الأول: هو تحقيق لصلاحية المثل الدارج عند أهل الجزيرة العربية «رمح تزرق به ولا رمح توعد به» فقد ولد رعب الانتظار في طهران تعدد جهات مصدر الضربة الجوية المرتقبة للمفاعلات النووية، حتى إنها تعدت الجهات الجغرافية الأصلية الأربع، والتي شملت سابقاً منطقة الخليج والعراق وآسيا الوسطى وأفغانستان، فقيل إنها ستكون من الغواصات الإسرائيلية تحت سطح الخليج، أو من الأقمار الصناعية في الفضاء.

أما المحرك الثاني للاتهامات الإيرانية لنا بالتواطؤ المرتقب مع المغيرين عليها فله دوافع مرتبطة بقرار مجلس الأمن 1929 الذي تضمن عقوبات قاسية على الحرس الثوري خاصة، وتأتي الاتهامات كجزء مكمّل ومقلّل من حدة الأخطاء وقلة الحصافة السياسية الإيرانية أو مبرر لإجراءات ستنفذها قوات الباسدران، ومنها عمليات شبكات التجسس التي أحبط نشاطها في الكويت، وعمليات غسيل الأموال عن طريق الأفراد النافذين في البحرين أو البنوك التي وصل عددها 40 بنكاً ومؤسسة مالية وشركة إيرانية في الإمارات. أو كذريعة لحرب تفتيش السفن التي ستقوم بها في الخليج حال إيقاف قوة الواجب البحرية المشتركة (Combined Task Force 152) التي تقودها الكويت للسفن المشتبه بها.

وفي صباح 4 يوليو 2010 تناقلت وكالات الأنباء خبراً يتحدث عن مساعٍ إسرائيلية لعرقلة صفقة عسكرية كبيرة بين الولايات المتحدة والسعودية، تتضمن شراء العشرات من المقاتلات من طراز «F15» إضافة إلى تحديث هذا النوع من الطائرات الموجود لدى القوات الجوية الملكية السعودية وعددها 150 طائرة.

وكيف أن هذا الموضوع كان مَثار خلاف بين الأطراف الثلاثة، الأميركي والسعودي والإسرائيلي، في الوقت نفسه الذي كانت فيه إيران تروج عبر وكلائها لخبر الممر الجوي، تحفّظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن بشأن هذه الصفقة، كما أثيرت المسألة في اجتماع بين إيهود باراك ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ومستشار الأمن القومي جيم جونز. كما احتلت صفقة المقاتلات من طراز «F15» حيزا هاما في مباحثات عبدالله بن عبدالعزيز مع باراك أوباما خلال لقائهما الأسبوع الماضي.

وهو خبر يقتل بدون شك خبر الممر الجوي السعودي للطائرات الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه يدل على أن القصر الرئاسي في طهران أصبح قابلاً لامتصاص مفجرات النزاع معنا من خلال تصديق كل خبر يتعلق بقدوم الخطر عليهم من جهتنا أكثر من أية جهة أخرى. فهل سأل الإيرانيون أنفسهم إن كان أهل الخليج العربي هم العدو؟

المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج- الكويت
www.gulfsecurity.blogspot.com

زر الذهاب إلى الأعلى