آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مَن الضالع في شغب الضالع؟!

الضالع بوابة الأمان والخوف، بلد القادة ولُعبة الساسة، منبع الشعار وقبلة التجار ، تجار السياسة وتجار المواقف ومقاولي إخراج المظاهرات وقطع الطرقات بل وإغلاقها ،

فمنذ أن خرجت الضالع عن سلطة الإمام يحيى حميد الدين والذي ظل يحكمها من عام 1919م بعد خروج الأتراك من اليمن حتى تخلَّى عنها عام 1929م تحت ضغط بريطانيا العظمى وقصف طائراتها للعديد من المدن اليمنية، ومنذ ذلك الحين وحتى قيام ثورة سبتمبر مثّلت الضالع إحدى بوابات النجاة لأبناء الشمال والهاربين من جحيم الإمامة وكهنوتها ، فكان من يصل منهم إلى الضالع أو يجتاز منطقة الراهدة كُتب له عمر جديد.

ومن المفارقات العجيبة أنه وبعد قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر وتولي الرفاق مقاليد السلطة في عدن بدأت حينها الهجرة العكسية من جنوب البلاد إلى شمالها ومثلت الضالع أيضاًً إحدى بوابات النجاة لأبناء الجنوب والهاربين من جحيم الرفاق ، فكان من يجتاز منهم منطقة الضالع سيراً على الأقدام أو راكبا ً على حمار متخفيا ً كراعي أغنام ويصل إلى مدينة قعطبة فقد فاز فوزاً عظيما ً، ولعل أكبر موجة نزوح جماعية من المدنيين والعسكريين إلى شمال البلاد كانت من بوابة مكيراس بعد مجزرة 13 يناير الشهيرة وما تلاها من تصفيات مناطقية.

وقد تم تسمية الذين خرجوا إلى الشمال باسم (الزمرة) ومن بقي على السلطة في عدن تم تسميتهم (الطغمة)، وهكذا نجد أنه كان إذا ضاقت الحياة على البعض من أبناء اليمن في شطرٍ معين لسببٍ من الأسباب فإنه يجد له ملجأ في الشطر الآخر ، ولذلك علق أحد الظرفاء بعد إعلان الوحدة بالقول (الحمد لله تمت الوحدة ولكن بقيت هناك مشكلة وهي إلى أين سنهرب)، لقد كان أبناء الضالع ومنذ الاستقلال هدفا ً للساسة وعشاق السلطة متخذين منهم سلما ً للوصول إلى أهدافهم مستغلين في ذلك حماسهم الثوري وعاطفتهم الجياشة مع أي شعار كما حصل عند الإطاحة بالرئيس قحطان الشعبي عام 69م بحجة محاربة التطرف اليميني وقد كان لأبناء الضالع اليد الطولى في ذلك ، وكما حصل أيضاًً في 26 يونيو 78م عندما قاد العميد علي عنتر القوة التي أطاحت بالرئيس سالمين (سالم ربيع علي) بحجة ضلوعه في قتل الرئيس الغشمي في الشمال والذي اغتيل قبل يومين من ذلك بواسطة حقيبة ملغومة تم إرسالها من الساسة في عدن وطبعا ً لم يجدوا من يحمل تلك الحقيبة ويقبل بتلك المهمة الانتحارية إلا رجل من الضالع اسمه مهدي احمد صالح (تفاريش) من قرية حذاره بالشعيب وتفاريش تعني الرفيق باللغة الروسية.

وقد نفذ تلك المهمة بعد إقناعه بأن هذا العمل موجه ضد الرجعية وفي مصلحة الوحدة اليمنية، وبعد تصفية سالمين ورفاقه أصبح عبد الفتاح إسماعيل هو الرجل الأول في الجنوب والذي أعلن في نفس العام ميلاد الحزب الاشتراكي اليمني وأصبح هو نفسه الأمين العام للحزب إلا أن شهر العسل لم يدم بينه وبين علي عنتر فاستغل علي ناصر الفرصة وتحالف مع الأخير مما اضطر عبد الفتاح إلى تقديم استقالته من جميع مناصبه والسفر إلى موسكو في إبريل 1980م وأصبح علي ناصر هو الرجل الأول في الجنوب وجمع العديد من المناصب في يده وقد قام بعد فترة بإقالة علي عنتر من وزارة الدفاع.

ومن المعلوم أن علي عنتر كان يتمتع بشعبية كبيرة داخل الجيش نظرا ً لماضية النضالي وكما يصفه الكثير بأنه كان ضد العنصرية والمناطقية في الجيش، ومن الطبيعي أن السياسي الداهية عبد الفتاح إسماعيل كان يتابع من منفاه في موسكو كل ما يجري من صراع داخل السلطة في عدن ، ولذلك بدأ الغزل بينه وبين علي عنتر وتحت ضغط الأخير عاد عبد الفتاح إلى عدن في أكتوبر 84م وشكل الاثنان تحالفا ً ضد علي ناصر والذي اضطر إلى التخلي عن رئاسة الوزراء لحيدر أبوبكر العطاس (هذا الرجل الداهية الذي يستشعر الخطر قبل وقوعه ربما لمشاركته في صنع هذا الخطر فقد غادر عدن قبل أحداث يناير إلى الهند وغادر عدن قبل حرب 94 إلى أمريكا) ، إلا أن الصراع استمر داخل السلطة حتى حدثت أم الكوارث في 13 يناير 86م ومن الملفت للنظر في ذلك اليوم المشئوم أن الذي سقط داخل قاعة الاجتماع في اللجنة المركزية هم القادة علي عنتر وعلي شايع هادي وصالح مصلح وجميعهم من أبناء الضالع بينما نجا الساسة الذين كانوا معهم وهم علي سالم البيض و سالم صالح محمد و عبد الفتاح إسماعيل قبل أن يتم التخلص من الأخير في ظروف غامضة ، ومن المضحك أن البعض الآن منهم لا يزال يتعامل مع أبناء الضالع بنفس عقليات الماضي ، شعارات يتم ابتكارها ثم تصدّر إلى الضالع فيدفعون ثمن محاولة تطبيقها من أمنهم واستقرارهم بل وحياة أبنائهم.

ولذلك لا نستغرب أن نجد علي سالم البيض وهو يغادر مدينة المكلا هاربا ً إلى عمان في حرب 94م لا نستغرب أن نجده يطالب أبناء الضالع بمواصلة القتال يقول ذلك وهو ميمماً وجهه شطر عُمان، ولم يوجه نداءه لأبناء حضرموت لأنهم يعرفونه جيدا ً فهو الذي ساهم في سحل علمائهم وتشريد رجالهم، فأبناء حضرموت يتمتعون بوعي ومعرفة، فلا تخدعهم الشعارات ولا تحركهم العواطف ولو كانوا كذلك لأصبحوا قادة مظاهرات كغيرهم بدلا ً من أن يكونوا قادة الاقتصاد في العديد من دول العالم كما هو حاصل الآن.

وقد استمعت إلى ما قاله الدكتور القدير والوزير الذكي وزير التعليم العالي صالح باصرة قبل أيام لإحدى الصحف الأسبوعية ردا ً على دعوة البيض الانفصالية..

حيث قال الوزير (لسنا قطيع أغنام يدخلنا البيض الوحدة متى شاء ويخرجنا منها متى شاء) فأدركت أن البيض كان على حق عندما لم يوجه النداء لأبناء حضرموت ، فيا عقلاء الضالع وأنتم الكثرة ، ويا قادة الضالع وأنتم الممثلون في المواقع العسكرية المختلفة من قادة ألوية حتى قادة سرايا داخل الجيش اليمني أين دوركم مما يجري في الضالع؟ وهل فعلا ً كما يقول البعض أن هناك منكم من يسعى إلى تحسين وضعه الوظيفي أو البقاء على حساب هؤلاء المساكين الذين يتم القذف بهم إلى المحرقة في شوارع الضالع وطرقاتها والذين لا يعلمون أن هناك من يقاول على خروجهم إلى الطرقات بالعملة الصعبة وعلى دخولهم منها بالعملة اليمنية ، بينما أبناء الضالع ليس لهم غير الصياح ورفع الأعلام وإحراق الإطارات في الشوارع.

رسائل ساخنة :- 1- الغالبية من أبناء الضالع يبحثون عن الأمن والاستقرار وهيبة الدولة كما أكدوا ذلك أمام محافظ المحافظة قبل أيام فهم يمدون أياديهم للسلطة ولكن هناك أناس في السلطة يتركون (الصالح) ويمدون أياديهم للطالح.

2- الكثير من قادة ما يسمى بالحراك وقطاع الطرقات يستلمون مرتباتهم مع العلاوة من خزينة الدولة مما يجعلنا نسأل ونقول من هو قاطع الطريق الحقيقي؟ ومن هو الضالع الفعلي في أحداث الشغب التي تشهدها محافظة الضالع؟.

3- همسة في أذن السلطة لكل القضايا..هناك مثل يمني يقول (إذا أردت قضاء الحاجة فاستحسن الرسول).

4- يوم أمس الأول تم توقيع محضر تنفيذ اتفاق فبراير بين المؤتمر والمشترك وهذا شيء جميل ولكن الأجمل لو أن هذا تم قبل أن يصل الدولار إلى 231 ريالاً ومع ذلك نحن نبارك هذا الوفاق لأن فيه تعطيل لمشاريع بعض التيارات والأحزاب الصغيرة.

5- كلمة شكر نقدمها للهيئة الوطنية للتوعية ممثلة برئيسها الأستاذ/ طارق محمد عبد الله صالح على احتضانها للمخيم الصيفي الأول لشباب الجمهورية هنا في صنعاء تحت شعار اليمن في قلوبنا والذي جاء بالتزامن مع احتضان الهيئة الوطنية نفسها لفعاليات الأسبوع الثقافي لشباب كلية التربية فرع صعده ويوم أمس التقى الجميع في يوم ثقافي رائع بكل فقراته حضره الأستاذ طه هاجر محافظ صعدة وكذلك الأستاذ طارق رئيس الهيئة الوطنية والعديد من أعضاء الهيئة ورجال الثقافة فللهيئة الشكر والتقدير بكل كوادرها وأعضائها على اهتمامها بشريحة الشباب.

زر الذهاب إلى الأعلى