رغم الإرباك والاستعجال في المؤتمر الصحفي السريع والمفاجئ، إلا أن فخامة الأخ رئيس الجمهورية استطاع أن يطرح أمام الرأي العام الداخلي والعالمي المسائل الجوهرية المتعلقة بما يسمى الحرب على الإرهاب..
ففي الوقت الذي أكد فيه رئيس الجمهورية حرص اليمن وتصميمه على مكافحة الإرهاب بالتعاون مع شركائه في المجتمع الدولي، شدد فخامته على عدم السماح لأي أحد أن يتدخل في الشأن الداخلي اليمني.وبهذه العبارة أشار رئيس الجمهورية إلى فحوى القضية ومغزى المسرحية الأخيرة "الفيلم الأميركي" الجديد والذي يحمل اسم "طردان من اليمن غرام وانتقام"، ..
فالمتابع والمتأمل لمسرحية الطرود الملغومة والطائرات الملعونة، يدرك أن هناك استهدافاً لليمن واليمنيين، فحتى لو كانت قصة الطرود حقيقية وأنها من فعل تنظيم القاعدة فإن المسألة لا تستحق كل هذا العويل والضجيج والمؤتمر الصحفي الكبير للرئيس أوباما الذي أثبت أنه أكثر حمقاً ورعونة من سلفه جورج بوش الابن.أوباما وبعد سنتين من رئاسته وجد شعبيته في تدهور وسياسته في تخبط داخلياً وخارجياً، فلم يجد أمامه سوى القاعدة في اليمن التي أصبحت تهدد أميركا حسب تصريحات أوباما الذي أكد للأميركيين أن مسرحية "الطرود الملعونة" لن تمر بسلام وأنه سوف يدمر القاعدة في اليمن ويقتل أنور العولقي..
بعد أن عجز عن تدمير القاعدة في أفغانستان واعتقال "أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، يتصور باراك حسين أوباما أنه وجيشه ومخابراته وعملاءه قادرون على عمل شيء في اليمن بعد الفشل الذريع في أفغانستان والإخفاق في باكستان والفضائح في العراق ، وباعتقادي أن أوباما محامٍ ناجح ولكنه رئيس فاشل وفوق ذلك هو كاذب وممثل بارع.ومن باب الإنصاف فإن استهداف اليمن ليس جديداً، فمنذ أحداث سبتمبر 2001م واليمن في دائرة الاستهداف الأميركي بعد أفغانستان والعراق وباكستان..
وهناك عشرات بل مئات التقارير والدراسات الأميركية التي تصور اليمن بأنه المعقل الأول للقاعدة والمحضن الدافئ لهذا التنظيم الذي انتقلت قيادته من أفغانستان وباكستان والسعودية إلى اليمن حسب ما تذهب إليه التقارير الأميركية الاستخباراتية والبحثية والصحفية، وللأسف الشديد فإن هناك بعض التقارير والكتابات الصحفية المحلية تعمل على تضخيم قضية القاعدة نكاية بالسلطة وتقرباً للأميركان..
والعجيب في الأمر هذه المرة أن التهديدات الأميركية لليمن بالتدخل المباشر للقضاء على القاعدة جاءت بعد أيام من المواجهات العسكرية والمطاردات الأمنية التي قامت بها الأجهزة الأمنية والعسكرية ضد تنظيم القاعدة في محافظة شبوة، استشهد خلالها حسب ما ذكره الأخ/ رئيس الجمهورية قرابة "70" جندياً من أبناء القوات المسلحة والأمن، ومع كل هذه الجهود التي تقوم بها السلطة، فإن أميركا لن ترضى ولن تقبل إلا بأن تأتي بنفسها وخيلها ورجالها وجيشها لمحاربة القاعدة كما يزعمون في الإعلام، ولاحتلال اليمن كما هو في الواقع والحقيقة.والذي يحدث هو نفس سيناريو باكستان، فالرئيس السابق مشرف تعاون مع أميركا في محاربة ما يسمى بالإرهاب، وقام بمحاربة ومطاردة تنظيم القاعدة وطالبان باكستان وبذل جهوداً كبيرة وقدم تضحيات باهظة وتنازلات عديدة ومع ذلك كله طلبت أميركا منه التدخل المباشر في وزير ستان، فلم يستجب الرئيس مشرف ورفض أي تدخل عسكري أميركي في بلاده..
فما كان من أميركا إلا أن قامت وعبر وكلائها المخلصين وعملائها في باكستان بعزل وإسقاط مشرف عن رئاسة البلاد وجاءت بقادة وزعماء محليين يقبلون بالتدخل العسكري الأميركي المباشر ويفعلون ما يأمرهم به أسيادهم الأمريكان.واليوم فإن المعركة في بلادنا ليست "طرود ملغومة" ولا طائرات مفخخة أو محاربة ما يسمى بالإرهاب والقضاء على تنظيم القاعدة، فالمعركة أكبر من ذلك والقضية أبعد من أن تكون محاربة تنظيم القاعدة وهو أن الأميركيين والبريطانيين يضغطون على الرئيس/ علي عبدالله صالح ، إما أن يقبل ويسمح بالتدخل المباشر والتواجد العسكري الأميركي البريطاني، وإما أن يرحل ويترك السلطة.إنها معادلة صعبة وقضية مركبة ومربكة في نفس الوقت، تتطلب من الجميع التوحد ورص الصفوف في جبهة داخلية موحدة ضد التهيدات والتحديات الخارجية مهما كان حجم الخلافات السياسية والصراعات الحزبية والاختلافات المرحلية.
وعندما قال الرئيس: "لن نسمح لأحد بأن يتدخل في الشأن اليمني" كان يتحدث باسم جميع اليمنيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وأحزابهم ومن المؤسف أن يعلن الحزب الحاكم إنهاء الحوار مع أحزاب المشترك في هذا الوقت العصيب والمرحلة الخطيرة، لقد كان باستطاعة المؤتمر الإعلان عن إقامة الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد وبدون أي تأخير أو تأجيل، مع إبقاء باب الحوار مفتوحاً تحت سقف الثوابت الوطنية وضرورة إقامة الانتخابات في موعدها المحدد.والمشكلة أن أحزاب المشترك وهي ترد على موقف المؤتمر من الحوار والانتخابات بقوة وفعالية، فإنها أمام التهديدات الأميركية اكتفت بالتعبير عن قلقها البالغ من التبعات والتداعيات المترتبة على حادثة الطرود المشبوهة، والتي "قد" تلقي بظلالها القاتمة على المصالح الحيوية لشعبنا وبلادنا!! حسب بيان المشترك من هذه الأزمة الخطيرة، والذي جاء هادئاً ومهذباً ودبلوماسياً، فلم يحذر من أي تدخل عسكري في البلاد، ولم يستنكر الاستغلال الأميركي للحادثة، واكتفى المشترك بدعوة السلطة إلى احتواء هذه التداعيات وإجراء تحقيق شامل وشفاف في غير إدراك واعٍ من أحزاب المشترك لما يحاك وراء الكواليس الغربية ضد وطننا الحبيب.
* السنة في البحرين
أغلبية عندما تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن تراجع الإخوان المسلمين والسلفيين في الانتخابات البحرينية، وتقدم جمعية الوفاق الشيعية فهم البعض أن ذلك يعني أن الشيعة حصلوا على مقاعد أكثر من السنة بشكل عام، وهذا خطأ ووهم فالنتائج النهائية للانتخابات البحرينية بعد الجولة الثانية التي جرت السبت الماضي الموافق 30/10/2010م جاءت على النحو التالي: "22 مقعداً للسنة و18 مقعداً للشيعة"، أي أن الأغلبية لأهل السنة بمختلف توجهاتهم، وهذه الأغلبية البرلمانية للسنة في البحرين تعكس الأغلبية الشعبية والسكانية لها، بخلاف ما هو متداول وما يتوهمه الشيعة بأنهم أغلبية، والمعروف أن الشيعة يعانون من عقدة الأقلية في كل الدول العربية، ذلك أن نسبة الشيعة لا تتجاوز 4% على المستوى العربي ، و7% على المستوى الإسلامي.