كان ملف الأمن هو عنوان قمة مجلس التعاون الخليجي الحادية والثلاثين. اخذ موضوع الإرهاب مساحة كبيرة من اهتمام البيان الختامي للقمة. ظهرت دول التعاون وكأنها تعاود تشكيل موقفها في مواجهة هذا الخطر. لكن الاهتمام بالإرهاب توارى في الفقرة المخصصة لعلاقة دول المجلس باليمن.
اتسم الموقف من اليمن بالتعميم، واستمرار حال الانتظار والتسويف، فضلاً عن التمسك باللغة الإنشائية، على طريقة «تكثيف الجهود لتعزيز تلك العلاقات بما يحقق مصلحة الجانبين، وسرعة تنفيذ ما اتفق عليه من مشاريع وبرامج تنموية لخدمة أبناء الشعب اليمني الشقيق».
في مقابل هذا الموقف الفاتر، وغير المستشعِر لخطورة الوضع في اليمن، وأهمية التضامن معه في هذه الظروف، جاءت تصريحات رئيس الوفد السعودي إلى القمة، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، مختلفة تماماً عن لغة البيان. فالأمير قال بوضوح إن الاهتمام باليمن مسألة في صلب أمن المنطقة، و «إن أصاب اليمن خير نحن نشارك فيه، وإن أصابه سوء فنحن أيضاً نشارك فيه». وتحدث عن خطورة نمو دور «القاعدة» في اليمن.
لا شك في أن اتفاق دول المجلس على رؤية مشتركة تجاه الإرهاب، يتطلب اقتناعاً بأن اليمن اصبح المتراس الأول لهذه الحرب، وساحتها الرئيسة. وهذا الاقتناع يقتضي التحرك سريعاً باتجاه إدخال اليمن إلى قبة المجلس، وتسريع خطوات انضمامه، وحل مشاكله الاقتصادية والتنموية. اليمن يواجه أزمات متسارعة ومتلاحقة، وتحسين وضعه الاقتصادي والأمني خطوة لم تعد تحتمل التشاور. انضمام اليمن أقصر وسيلة لتحقيق ذلك. لا بد من تجاوز التقاليد البيروقراطية التي جمّدت انضمام اليمن إلى مجلس التعاون على مدى ثلاثة عقود.
الأكيد أن حال دول الخليج مع اليمن لن تختلف عن حالها مع العراق، إذا تأخرت في منحه تأشيرة دخول المجلس. ولهذا يجب ان تحسم دول الخليج الجدل بين الأولويات الاقتصادية، والضرورات الأمنية والسياسية. اليمن أصبح معرضاً للتدخل الأجنبي بحجج وأعذار أمنية، لكن وجوده ضمن منظومة مجلس التعاون سيقلل الاحتمال، وربما يمنعه. فضلاً عن أن افضل وسيلة لتأهيل اليمن هي استعجال جلوسه مع أهل الخليج.