إن وسائل النظام إلى الآن في التعامل مع الأزمة كمثل الذي يوقد نارا يريد بها إحراق خصمه فيستضيء بها خصمه وتكون جذوة نار لإشعال ثورة الغضب والتغيير .
شكرا للنظام فقد ساعد بوسائله القمعية والتخذيلية والالتفافية في الإكثار من المؤيدين والمناصرين لثوار التغيير وزادت المعتصمين قوة وصلابة في الاستمرار والثبات على مطالبهم ، ومن هذه الوسائل التي يستخدمها النظام لغرض القمع والبلطجة والالتفاف والتخذيل والتي كانت وسيلة مساعدة لتأييد التغيير :
1- استضافة وسائل الإعلام الرسمية لبعض المتعالمين الذين يلوون أعناق النصوص الشرعية لتطويع الناس لطاعة ولي الأمر ، وتناسوا ان هناك نصوص شرعية تأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وان الطاعة لولي الأمر مرتبطة بان لاتكون في معصية ، وان خيرية الأمة المسلمة مرتبطة بقيامها بالأمر والنهي وتناسوا أيضا إن الخلفاء الراشدين قالوا (أطيعوني ما أطعت الله فيكم فان عصيته فلاطاعة لي عليكم) وقالوا (إن رأيتم فينا صلاحا فأعينونا وإن رأيتم فينا اعوجاجا فقومونا فقال احد الصحابة والله لو اعوججتم لقومناكم بسيوفنا )، وتناسوا ان هناك مبادئ شرعية تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم وحق المحكوم في مراقبة ومحاسبة وعزل الحاكم إن أساء .
لقد تناسوا واغفلوا ذكر هذه النصوص وهجموا على شباب التغيير، ووصفوهم انهم خارجين على وحدة الأمة بل وصل الأمر بأحد هؤلاء المتعالمين ان يصفهم بأنهم كأصحاب الفتنة أتباع ابن سبأ اليهودي ، الذين أشعلوا الفتنة على الخليفة عثمان بن عفان .! لقد وصلت الوقاحة والإسفاف بهؤلاء المتعالمين الذين أنتجتهم معامل السلطة لتجنيدهم لتخذيل الشعوب وتطويعها وليكونوا أداة لقمع إرادة وحرية الشعوب وإذلالها للحكام ان يصفوا المطالبين بالتغيير والإصلاح بأنهم خارجين على وحدة الأمة وأنهم أصحاب فتنة .
2- استضافة بعض أدعياء الثورة والتغيير في وسائل الإعلام الرسمية ليمثلوا أنهم كانوا مغرر بهم ، وإنهم ثابوا إلى رشدهم ، والذين ظهر منهم التناقض والتصنع والكذب من خلال كلامهم ففضحتهم ألسنتهم قبل ان يفضحهم شباب التغيير، ثم ظهر كذبهم من خلال المحللين ومن خلال شباب التغيير الذين أنكروا صلتهم بهؤلاء الأدعياء الذين صنعتهم السلطة وأظهرتهم في وسائل الإعلام الرسمية كمحاولة للتخذيل .
3- استمرار وسائل الإعلام الرسمية في ترويج الكذب والخداع والتحريض وتزييف الحقائق بالرغم من أنها ملك الشعب وقيامها باستضافة بعض الشباب المطالبين بالتغيير لامتصاص غضبهم وتفريغ طاقاتهم واتهام شباب التغيير بالعمالة والتخريب واستمرار مؤسسة الاتصالات في التلاعب بخطوط الانترنت بالتعطيل والتبطيئ أحيانا.
4- صدور توجيهات من رئيس الجمهورية إلى الأجهزة الأمنية بعدم ملاحقة من يسمونهم الذين تابوا وثابوا إلى رشدهم وتركوا ساحة التغيير مما يعني ملاحقة المطالبين بالتغيير أمنيا !!.
5- الالتفاف على مبادرة العلماء وجمع بعض علماء السلطة والمتعالمين لتأييد مبادرة الرئيس بالرغم من ان هيئة علماء اليمن كان لديها مبادرة أخرى ، رفضها النظام مما أدى إلى انسحابها وقيام أجهزة الأمن بملاحقة النائب الحزمي.
6- زيادة اللقاءات والاجتماعات والخطابات المتناقضة والمتشابهة والمستفزة والملتفة من قبل رئيس الجمهورية .
7- وزير التربية والتعليم يمسي يتحدث في الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الالكترونية كلمات متناقضة وخادعة ان لاتقحموا الطلاب في المسيرات ، ثم يصبح يصدر توجيهاته إلى مديري المدارس بإجبار الطلاب على المشاركة في المسيرات المؤيدة للنظام في ميدان التحرير وبقية المحافظات ومنع وتهديد من يريد الانضمام إلى ميدان التغيير.
8- استمرار ممارسة الضغوط على موظفي الدولة بالانضمام إلى المسيرات المؤيدة للنظام في ميدان التحرير والتهديد بالفصل أو التجميد لمن انظم إلى المطالبين بالتغيير.
9- استمرار النظام ووسائل إعلامه والمطبلين في ترديد الاسطوانة المشروخة ان الرئيس لو غادر الحكم فستتمزق وحدة البلاد ولايدركون ماتحمل هذه الكلمات من إهانة لأبناء الشعب اليمني عموما ولقيادات الجيش والأمن والمسئولين الشرفاء بأنهم غير وطنيين وغير وحدويين وغير أكفاء وكأنه لاشريف ولاوحدوي ولا كفؤ الا الرئيس؟!!.
10- زيادة الضغط والخناق والاعتداء والإرهاب والتشويه الإعلامي على الشباب المعتصمين في ميدان التغيير، وكان آخرها ماحدث يوم الثلاثاء مساء من اعتداء قوات الأمن على المعتصمين التي وصلت حصيلتها إلى استشهاد واحد وأكثر من ستين جريحا منهم خمسة في حالة خطرة ، وفي نفس الوقت استمرار الحماية الأمنية والدعم المالي من ميزانية البلاد واستضافتهم في وسائل الاعلام الرسمية للمتضامنين مع السلطة في ميدان التحرير.
11- استمرار ظهور أكابر المفسدين والبلاطجة في مسيرات مؤيدة للنظام ولقاءات إعلامية كمطالبين بالإصلاح والاتجار بالشعارات الوطنية والولاء الوطني والوحدة ومهاجمين للمطالبين بالتغيير وناصحين لهم بالتوبة والولاء للوطن !!.
12-استمرار النظام في السخرية من أبناء الشعب اليمني المطالبين بالتغيير بانهم أصيبوا بالحمى وإنهم مقلدون وخارجين على وحدة الأمة وانهم ينفذون مؤامرات أجنبية وأنهم عملاء وتديرهم غرفة عمليات في تل أبيب وأمريكا ، ثم تلهث السلطة وراء الاعتذار لتلك الدول والتعالي من الاعتذار للشعب اليمني عن اتهامهم بالعمالة وكذا استمرار السلطة في التقليل من عددهم بانهم بضع مئات ، بالرغم من انهم مئات الآلاف في صنعاء ومئات آلاف في تعز ومئات آلاف في إب ومئات آلاف في عدن وعشرات آلاف في كل من ذمار – البيضاء – مأرب – أبين – حضرموت – صعده وآلاف في غيرها من المحافظات.
13-استمرار النظام في وصف المستقيلين من المؤتمر الشعبي العام بأنهم متخاذلين وخونة ومتسلقين ، وقيام النظام بإقالة بعض المحافظين الذين رفضوا الاعتداء على المسيرات والتحريض مما يعني ان انتخابات المحافظين كانت ديكوراً مما يزيد في فضح الاعيب السلطة بالديمقراطية المصطنعة والشكلية .
14- استمرار استنزاف الخزينة العامة وأموال الشعب ومقدراته للإنفاق منها على شراء الذمم والمواقف والإنفاق على المرتزقة لحشدهم لمناصرة النظام ، والإنفاق على اللقاءات والمؤتمرات الممجوجة والمصطنعة والملتفة .
كل هذه الوسائل الخادعة والكاذبة والممجوجة للنظام زادت من قناعات كثير من أبناء الشعب الذين كانوا متفرجين أو مؤيدين للنظام بان ينضموا إلى شباب التغيير للمطالبة بإسقاط النظام ، لان الكذب حبله قصير والخداع والتخدير سرعان مايزول وينتهي .
لقد وجدت على مختلف أيام الاعتصام في ميدان التغيير الكثير من الشباب الذين كانوا مع النظام ، وكان يغرر بهم فاذا بي أجدهم في ميدان التغيير فقلت لهم مالذي جاء بكم ؟ قالوا للانضمام إلى شباب التغيير فقلت وما الذي غير مواقفكم ؟ فقالوا كثرة ألاعيب وأكاذيب والتفاف وتهديد النظام .
فقلت لهم لقد صدق في هذه السلطة الأثر القائل (إذا أراد الله ان يقضي أمرا سلب اهل العقول عقولهم ) وكلما اوقدوا نارا للحرب جعلها الله جذوة تشعل الثورة , ووجب على الشباب والمعارضة ان تشكر السلطة التي كانت عاملا مساعدا بوسائلها دون ان تشعر اوتقصد لإشعال الثورة الشبابية وثبات مناصريها على مطالبهم وإمدادها بالمزيد من المناصرين لها .
اليوم دعى الرئيس إلى مؤتمر وطني يبدأ يوم غد الخميس لمناقشة الأزمة وننتظر ماسيسفر عنه هذا المؤتمر الوطني .
وننصح السلطة ان كانت صادقة في نيتها للإصلاح والتغييران تستبق انعقاد المؤتمر بتقديم تنازلات عملية وحقيقية متمثلة في إصدار قرارات تحمل حلولا عملية ، مما يطالب بها الشعب وحزمة إصلاحات سياسية واقتصادية أو مبادرة يتخذها رئيس الجمهورية بالتنحي إستجابة لمطالب الشعب مسجلا بذلك موقف تاريخي لتدل على مصداقيتها في إيجاد حل للازمة ، ولتكون وسيلة مساعدة لإنجاح المؤتمر الوطني حتى لايكون مصيره مصير غيرة من المبادرات الالتفافية والمطاطية السابقة والتي زادت في تأجيج الأزمة فقد شبع الناس شعارات وخطابات جوفاء ممجوجة .
وإلا سيكون هذا المؤتمر وسيلة مثل الوسائل السابقة مساعدة على امتداد سقف المطالبات الشعبية لشباب التغيير بان لاحل للازمة إلا سقوط النظام ورحيله وثبات المعتصمين على مطالبهم وزيادة المناصرين والمؤيدين لها .
أرجو من الله تع إلى ان يوفق الشرفاء من أبناء الشعب اليمني من كافة الفعاليات لإيجاد حل للازمة ومخرج لإخراج البلاد من الأزمات وإلا فلن يكون أمام الشعب من حل إلا التغيير والمطالبة بإسقاط النظام .
* استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة عمران
* نائب رئيس نقابة خطباء اليمن