[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

القبائل اليمنية حماة الثورة لا بلاطجة السلطة

ظل النظام اليمني يستخدم ورقة القبائل والسلاح في اليمن لإثبات أن المجتمع اليمني مجتمع قبلي مسلح يختلف عن المجتمع التونسي والمصري كنوع من خلط الأوراق وتخويف الداخل والخارج من الثورة الشعبية ضده وقد أثبت الواقع أن القبائل والسلاح لم يشكلا عائقاً أمام ثورة التغيير على العكس ترك أبناء القبائل السلاح في منازلهم وانخرطوا في الاعتصامات السلمية في صنعاء وبقية المحافظات فكانوا رافداً كبيراً للثورة وقد أيدت القبائل اليمنية الثورة الشعبية وعلى رأسها قبيلة حاشد يتقدمها الشيخ صادق الأحمر وقبيلة بكيل التي يتزعمها الشيخ أمين العكيمي وبقية القبائل اليمنية التي أرسلت وفوداً لميادين التغيير حيث تحدث زعماءها أمام المعتصمين وأعلنوا تأييدهم للثورة الشعبية وقدمت وما زالت القبائل تقدم القوافل الغذائية ويتبرع رجالها الميسورين بالأموال دعماً للثورة ولأسر الشهداء ولعلاج الجرحى في مشهد حضاري يدل على مدنية القبائل اليمنية وسلميتها ورقي تفكير أبنائها ووعيهم المتقدم والكبير وإدراكهم لما يدور حولهم من مستجدات ومتغيرات.

لقد ساهمت على سبيل المثال قبيلة أرحب على سبيل المثال في منع زحف معسكرات للحرس الجمهوري على العاصمة حيث علم أبناء هذه القبيلة أن هذه المعسكرات بأفرادها وآلياتها ستستخدم في قمع المعتصمين وفي تنفيذ مخططات السلطة فضربوا مثلاً رائعاً من الشجاعة والبطولة وأوقفوا زحف هذه المعسكرات.

لقد سقطت ورقة القبائل والسلاح التي استخدمها نظام الرئيس علي عبد الله صالح كفزاعة سقطت عملياً في أرض الواقع فكانت أبلغ رد على كل تلك الاتهامات التي رددها صالح وحاول بثها في وسائل إعلامه فالقبائل اليمنية رغم امتلاكها السلاح هي قبائل مسالمة وأبنائها مواطنون يمنيون يحبون بلدهم ويريدون التغيير للأفضل وينشدون الحياة الكريمة في مستقبل خال من الفساد والمفسدين.

ترك أبناء القبائل سلاحهم في قراهم وبيوتهم وجاءوا لساحات التغيير والتزموا بالنظام وبتعليمات لجان شباب الثورة وكانوا جزءاً منها في مشهد حضاري راقي أثار إعجاب العالم وبدد كل المخاوف التي كان البعض يتوجس منها.

لقد أدرك الناس أن الذين قد يقطعون الطريق أو يسطون على بعض الأملاك في بعض الأماكن وفي بعض الأحيان هم قلة قليلة شذت عن القبيلة وأعرافها لا يمثلون القبيلة اليمنية الأصيلة التي تربى أبناءها على الشهامة والكرم واحترام الرجال وهؤلاء الشاذون تتبرأ قبائلهم منهم وتصدر البيانات والمراسيم الموقعة بأنهم قد خرجوا منها وأصبح دمهم هدراً (للسيب والذيب) كما يقال في القبيلة عقوبة لهم وردعاً لغيرهم.

وهؤلاء وجدوا لغياب الدولة وغياب فرص العمل والعيش الكريم والتقصير في تأمين الطرق والتواطؤ والشراكة مع هؤلاء من بعض المسئولين وتوفير الحماية لهم كما كان يحدث مع الهالك أبو راوية على سبيل المثال.

لقد أزالت النضالات السلمية لأبناء القبائل مع شباب الثورة تلك الصورة القاتمة التي رسمها الإعلام عن القبائل اليمنية الذين يختطفون الأجانب والذين يخوضون حروباً فيما بينهم ويقتل أبناؤهم بسبب الثأر ولو جئنا نناقش قضايا الاختطاف والاحتراب والثأر لوجدنا أن السلطة بشكل أو بآخر هي وراء هذه السلبيات التي عرفت بها القبيلة باليمن فلو أنها أوجدت العدالة وحلت قضايا الناس ومشاكلهم وأنصفتهم ما اضطر بعض القبائل إلى اختطاف الأجانب من السياح والخبراء والدبلوماسيين لكي تلتفت لهم السلطة وتحل قضاياهم ومشاكلهم.

تدرك هذه القبائل مدى اهتمام السلطة بالأجانب فتلجأ للاختطاف كورقة ضغط على السلطة لتحقيق مطالبها العادلة وتحت ضغط دول المختطفين وهي غالباً بلدان أوروبية تقدم منحاً ومساعدات للسلطة اليمنية تحت ضغط هذه الدول تضطر السلطة لتلبية طلبات الخاطفين الأمر الذي جعلها وسيلة ناجحة بنظر بعض هذه القبائل.

أما الثأر بين القبائل والانتقام من أي أفرد في القبيلة " الطارف غريم " كما يقول المثل فهو سلوك لا إنساني وأمر محرم شرعاً وقد ساهمت السلطة بوجوده بأن فقدت سلطتها داخل القبائل كما أنها لا تأتي بالجاني للعدالة عجزاً أو تواطئاً لم تنشر الوعي والتعليم كما يجب في أوساط هذه القبائل ولم توجد منظمات مدنية وكيانات شعبية في أبناء هذه القبائل الذين نالوا نصيباً وافراً من التعليم والوعي تسعى لمحاربة الثأر على العكس أدارت السلطة البلد بالأزمات وغذت الفتن والصراعات بين القبائل فأصبحت تضرب قبيلة بأخرى وشيخ بشيخ سياسة "فرق تسد" التي اعتمدها المستعمر الأجنبي واستخدمتها السلطة للأسف كما شهد بذلك الشيخ صادق الأحمر في حوار لقناة سهيل.

من الإنصاف القول : إن القبائل اليمنية لم يكن موقفها من الثورة موحداً ولم يكن مشايخها على قلب رجل واحد هناك من وقف مع السلطة الفاسدة وحاول أن يلزم أبناء قبيلته بموقفه ولكنهم رفضوا وذهبت مجاميع كبيرة منهم لميادين التغيير معلناً تأييده للثورة وهناك من أيد الثورة وتفاعل معها ولم يذهب للميادين وهناك من بقى بلا موقف واضح ولكن الأغلبية من القبائل والمشايخ الأحرار وقفوا مع الثورة وكانوا سلميين حضاريين وأظهروا تفكيراً راقياً وتقدماً كبيراً في الوعي والموقف لقد غربلت هذه الثورة الرجال.

لقد أكدت القبائل اليمنية على سلميتها ودعمها للثورة وكما جاءت وفودها إلى ساحة التغيير وميادين التغيير وساحات الحرية في مختلف المحافظات فقد استقال الشيخ صادق الأحمر في منزله بصنعاء وفود القبائل التي أعلنت دعم الثورة وتأييدها والتقى الشيخ عبد المجيد الزنداني بعض القبائل وكلها أكدت على دعم الثورة ونصرتها بالوسائل السلمية لتحقيق أهدافها التي تمثل أهداف أبناء الشعب اليمني.

لقد كانت القبائل سنداً لثورة 26 سبتمبر وسنداً للأحرار وكان الثائر القاضي محمد محمود الزبيري وغيره من الثوار والأحرار كثيراً ما يلجئون لها فيجدون فيها سنداً وعوناً وحماية ودعماً.

ولقد أدرك النظام أهمية ورقة القبائل فحاول حشدها وقدمت على الرئيس في دار الرئاسة بعض المجاميع من بعض القبائل المؤيدين له طمعاً بالمال وخوفاً على مصالحهم ومناصبهم أو من الذين تم إحراجهم وتخويفهم أو من الذين استطاع الإعلام الرسمي التلبيس عليهم.

وقد قام الإعلام الرسمي باستغلال القبائل كمادة إعلامية فعمل على تكثير سوادهم بالآلف من العسكريين الذين ألبسهم الزي المدني وقام بتصويرهم وحرصت الفضائية على ذكر أسماء جميع القبائل اليمنية في شريطها الإخباري بأنهم يؤيدون الشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس ويرفضون الانقلاب عليها.

كما حذا الإعلام الرسمي المسموع والمقروء حذو فضائية السلطة الفاسدة وبدورها قامت قناة سهيل التابعة للمعارضة بالكتابة في شريطها الإخباري وتغطيتها المتواصلة بذكر القبائل التي أيدت الثورة ووثقت وصول وفودها لساحات التغيير وبثت كلماتهم وإعلاناتهم الداعمة للثورة.

زر الذهاب إلى الأعلى