بكل حماس يتسابق الكثير من مناصري التغيير إلى الحديث عن ضغوط لمنع عودة الرئيس علي عبدالله صالح إلى اليمن، من زيارته العلاجية في السعودية، وبعضهم يتهافت عبر وسائل اعلامه إلى "التبشير" بسوء حالة الرجل وعِظَم إصابته.
ولا شك في أن الرئيس كان ماضيا في برنامج تصعيدي وأنجز خطوات عملية باتجاه الحرب الأهلية التي بدأت في منطقة الحصبة وانتقلت إلى حي حدة وتوقفت بسبب عملية الاغتيال الفاشلة التي طالت الرئيس وأركان حكمه وخلفت فيهم اصابات اضطرتهم للاستطباب في المملكة، ولكن ذلك المضي باتجاه التصعيد لم يعد واردا في اغلب الاحوال اذا تأكد للرئيس أن الذي قام بمحاولة اغتياله هو طرف لا علاقة له بالثورة أو بشباب التغيير أو بآل الأحمر أو بأحزاب المعارضة.
لذا فإن الأحرى لهذه القوى ألا تكون عودة صالح من عدمها هي الهم الرئيسي لها، بل يجدر أن تركز في هذه المرحلة على شيئين أولهما المطالبة بإجراء تحقيق محايد ونزيه حول ملابسات محاولة الاغتيال الفاشلة التي لم يكن أحد يتوقع نتائجها الكارثية فيما لو نجحت وأسفرت عن مقتل رأس الدولة وأركان حكمه.
والشيء الثاني الذي يجدر أن تنشغل به المعارضة وقوى التغيير هو الاسهام قدر الامكان بتخفيف معاناة المواطنين ومساعدة نائب الرئيس على اعادة الامن تماما والدفع بالاوضاع في اليمن كي تعود مجددا إلى مربع السياسة والتدافع السلمي..
إن التأمُّل العميق لسيناريو حادث الرئاسة يفضي إلى أن قوى المعارضة وقادة الجيش المؤيد للثورة كانوا هم الهدف التالي فيما لو توفي رأس الدولة وأركان نظامه جراء ذلك الاستهداف لولا لطف الله ورحمته بالجميع، بالتالي فإن مصلحة مشتركة صارت تجمع الرئيس صالح وقوى التغيير وهي الوصول إلى معرفة من يقف وراء اعتداء الرئاسة حتى لا تظل الاوضاع مهددة بالانفجار في اية لحظة.
من هنا تنبلج أهمية بالغة لضرورة تعافي الرئيس وعودته إن أمكن، من أجل الوصول إلى الحقيقة وتحقيق النقل الآمن للسلطة، أو مواصلة النضال السلمي إن أصر الرجل على العناد بعد عودته، لان ما حدث في جمعة النهدين كان عارضا لا علاقة للثورة به. هذا إذا لم يكن صالح الآن هو الأحرص من كل هؤلاء على عدم العودة إن تأكد له أن الاستهداف تم من داخل الرئاسة ولصالح أطراف فيه، وعندها ستكون العاصمة السعودية الرياض هي على الأرجح، المكان الذي يستكمل فيه إجراءات التوقيع على المبادرة.