أمس بعد العشاء قرأت في الشريط الإخباري بقناة سهيل أن شباب الثورة يرفضون قيام "شجرة الدر" بإدارة حكم البلاد. ومعروف أن شجرة الدر حكمت مصر بعد أن قامت بتصفية زوجها عزالدين أيْبك!!
هذه الحذلقة أو الفذلكة تنم عن صفاقة وخفة عقل. وكأن الغرض هو مجرد الإغاضة لأشخاص بعينهم. وليس إنجاح الثورة وإخراج البلد من عنق الزجاجة.
ومع احترامي لإدارة القناة ولكثير من كوادرها إلا أن القناة تفتقد للسياسة الراشدة وهي أحوج ما يكون لهذا النوع من السياسة الإعلامية لأنها تصدرت لعبء الثورة في ظرف عصيب ووسط تحديات كبيرة.. وهذا نقد من باب الحرص لأن خطأ القناة يلاحظه الملايين.
وبالتأكيد أن ثمة ظروفا صعبة يعمل في ظلها الزملاء في القناة؛ لكن المؤسف هو أن معظم الاخطاء ناتجة عن اجتهادات قاصرة لا تنطلق من معرفة ولو سطحية للذوق الاجتماعي اليمني لهذا ظل الاعلام الرسمي يعتاش على اخطاء سهيل وهي بدورها لا تفند أية شائعة يبثها هذا الاعلام المضاد، كما لم تتمكن سهيل من أن تعكس نبل الثورة ولا عمقها ولو بالحد الأدنى..
واستباقا لمن سيحاول القول إن نقد قناة اليمن المملوكة للشعب والممولة من أموال الشعب، والمجيرة عنوة لصالح طرف بعينه، أولى من نقد قناة خاصة أذكّر هنا إلى أن عشرات المقالات تم نشرها "نشوان نيوز" تنتقد أداء الإعلام الرسمي ككل، كما أذكّر بأنني انتقدت قناة اليمن من داخل القناة نفسها قبل أشهر، وعلى الهواء مباشرة وتحولوا إلى مدافعين عن أدائهم وبعد ذلك اللقاء مباشرة قرروا عدم استضافة ضيوف آخرين من أصحاب الرأي المختلف. ونحن هنا إذ ننتقد أداء "سهيل" فلأنها هي وجه الثورة. ولأن الثورة أنبل، في تقديرنا، مما تقدمه سهيل. فهو نقد في اطار الرضا الإجمالي، المفروغ منه، عن اشتراكها في الثورة، لكن حينما يتكرر الخطأ العلني فإن ذلك يكون أدعى للتصويب والتسديد العلني الذي نأمل أن يؤثر في أدائها للأفضل..
ولعل من اللازم التنويه إلى أن وجه الاعتراض هنا، هو اعتبار ذلك السطر الوارد في بداية المقال خبرا ونشره في الشريط. إذ حتى لو صدر مثل هكذا كلام، في بيان صادر عن احد مكونات الثورة فإهمال هذه الجملة المتضمنة "شجرة الدر" أولى من إبرازها.
وهناك أيضا الكثير مما يتوجب تصويبه في سهيل ولعل من بين ذلك أن الناس في هذه الأيام يعمُّهم الحزن جراء المعاناة المعيشية وسهيل تعرض جماجم الشهداء تنزف دما على ايقاع الدرامز الصاخب!! وسهيل بالطبع ليست كأي قناة؛ بل هي الآن محط الملاحظة الدقيقة من المجموع الصامت (أو الثلث المعطِّل إن جازت الاستعارة)، وطالما وُجد من يتصيد الأخطاء فالقناة معنية بتمحيص الرسالة وتنقيتها منعا للاستغلال الكيدي القائم على قدم وساق.
إلى ذلك، لم تنتزع "سهيل" مخاوف القطاع المتوجس من التغيير، والأزيد أن عقل القناة لا يستشعر تعاقب الأطوار؛ فمثلا تجاوزت الثورة طور التعبئة والتثوير وامتلأت الساحات بالشباب، ودخلنا طورا جديدا يحتاج إلى بعث الرسائل وغرس الطمأنات وانتزاع ثقة "الثلث المعطِّل"، والتأثير الايجابي على الثلث المضاد للتغيير، لكن بدلا من ذلك؛ تستمر سهيل على ذات الإيقاع غير شاعرة بتعاقب الأطوار وليتها تستفيد من التصيد الدائم لهفواتها في قناتي اليمن وسهيل، إذ تتكرر نفس الهفوات وهذا ليس دليلا على أن جمهور الثورة لا يعي هذه الأخطاء بل هو دليل انعدام قنوات التواصل والتناصح بين القناة وجمهورها لهذا كانت هذه السطور.