آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

قراءة في ملامح الرئيس ومضامين خطابه

الرئيس المصاب.. حروق في الوجه وحروق في القلب.. أطل بعد شهر من إصابته على وطن يعاني حروقا أشد، ويتعرض لمحاولات اغتيال لا تنتهي.

بدا الرئيس علي عبدالله صالح وكأنه تقدم في السن عشر سنوات على الأقل.. مجهدا لا يحرك جسمه ولا يرفع يديه.. وعلى وجهه آثار حروق سببتها الحرارة المندفعة بشدة من عبوة زرعت له ولرفاقه داخل المسجد في أول جمعة من رجب، العيد السنوي لدخول الاسلام إلى اليمن.

الثوب، ووضعُ الشماغ على الرأس وتغطية الأذنين، والابيضاضُ الظاهر على الشفاه.. كلها تفاصيل ظهورٍ مؤثر لرئيس ظلّ يحكم أكثر من ثلاثة عقود، وكان عليه الان لزاما أن يظهر ولو بهيئة واضحة الفروق تملأها السنوات والحروق.

وألقى الرئيس كلمة كان الشعب كله في انتظار سماعها.. وكان يُنتظر منه أن يعلن عن نقل صلاحياته لنائبه أو أن يتحدث عن نقل السلطة أو أن يؤكد المضي في المبادرة الخليجية لكنه تطرق فقط إلى الشراكة وفقا للدستور ودون "ليّ الذراع".

قد يقرأ البعض كلام الرئيس ويحسب أنه استمرار في مسلسل العناد أو كأنه وعيد جديد، لكننا نقرأ الأمر بشكل مغاير، إذ الصواب هذه المرة أن الرئيس لم يراوغ ولم يخادع بالحديث عن نقل السلطة ولكنه عبر عن أمنيته الحقيقية بعد كل ما حدث، وهي اقتسام السلطة.

كان كافيا أن يظهر الرئيس بمنظر كهذا، من مقر استشفائه في العاصمة السعودية الرياض، لكي يؤكد للجميع داخل وخارج اليمن أن شيئا كبيرا قد تغير.. فبمقدار التغيُّرات في صورة الرئيس وصحته، عافاه الله، حدث تغيُّر لليمن كله، وأن يظهر الرئيس بمنظر كهذا تظهر آثار الحادث بادية عليه، فهذا أدعى أن يقول الرئيس كلمتين يفهم منهما أنهما معادل موضوعي لبدنه المتضرر جراء محاولة الاغتيال الفاشلة تلك التي لا يزال الواقف وراءها عدواً كامناً للجميع، وعلى الجميع التعاون للوصول إليه وكشفه ومحاكمته.

وقوف السلطة والمعارضة والأبناء وشباب التغيير إلى جانب النائب عبدربه منصور هادي مطلب تمليه المسؤولية حتى يتم اعادة الأمور إلى مرابع التدافع السلمي الذي لا يمس حياة المواطنين وأمنهم، ولا يهدد مستقبل اليمن ووحدته وتلاحمه الوطني والاجتماعي.

وينبغي أن يتقين أنصار صالح أن التعاطف الذي اكتسبه هذا الظهور لا يعني اطلاقا القبول باستمرار الأوضاع كما كانت قبل 3 فبراير، أو كما هي سائرة الان. حقا لقد سقط الرئيس، وسقط التوريث، وسقطت المعارضة!

لقد خرج الرئيس عن سنوات الخدمة.. هذا ما قاله ظهوره اليوم، لكنه لايزال يمثل أهواء ومصالح فئة قادرة من الشعب.. ومطلوب الان من اليمنيين أن يجعلوا من وجوده الرمزي عاملا مهما ونافعا حتى لا تؤدي الأوضاع من جديد إلى استخدام قوة التركيع سواء من هذا الطرف أو ذلك.. تلك التي أثبتت أنها فاشلة فاشلة فاشلة.

زر الذهاب إلى الأعلى