آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مؤتمر الحوار والحد الفاصل بين السذاجة والنبل

يخرب خطوط الكهرباء انتقاما على نزع حكم دام له 33 عاما.. ترى كم هو حجم الخراب الانتقامي الناشئ عن خروج شلةٍ دام لها الحكم 1000 عام!!

الشاهد الأكيد هو أن هذا الإفساد الدؤؤب والكذِب المبهرر في يومنا هذا وأمسنا القريب، إفرازان متبقيان لثقافة الدجل والمحق والافتراء التي سرقت قرونا من عمر هذا الشعب وتطمح للتسلل إلى مستقبله. واثقة من أن الحقنة التي غرزتها في وريده لم تزل سارية المفعول.

ما ألاحظه هو أن هذه الفئة لم تعد في الفترة الأخيرة تبذل مجهودا كبيرا لخدمة مشروعها بل صارت تشرف من بعيد وتستمتع بأداء "العكفة" من أبناء شعبنا أولئك الفرحين بمشوار التعاسة على مقربة من ابتسامة حسناء رفيعة الكعب والنسب!

وهناك نوع آخر من أهلنا لا يميز الحد الفاصل بين السذاجة والنبل، ويقع في مصيدة الترفع عن تصديق كُنْه هذا العدو الكامن، ويقترف إثما بتركه سبل التحري، لهذا تتكرر مآسينا في اليمن رغم صدق النوايا وجسامة التضحيات. وهنا تكمن أهمية المثقف الحقيقي الذي يحب شعبه ويعرف أن من واجبه أن يمثل الذاكرة الأمينة لكل تجارب شعبه وإنجازاته وإخفاقاته وأحلامه.. يقوم بزيارة إلى المستقبل ثم يعود إلى الحاضر ليكون حاديا للركب بعد أن تلمس تضاريس الطريق يجنبهم وعْرها ومنعرجاتها وينأى بهم عن مراصع الشوك ومجاهل الضياح ومسارب الحيّات.

والشعب بعمومه، كما هو حال نظرائه، تواق للسلام منقاد للصواب مستحق للرفاه مبدع وموهوب وسخي.. ولكن أكثرهم لا يعلمون لماذا نتعثر كلما استجمعنا قوانا للنهوض.. لقد بذلوا ما عليهم وبقي الآن دور أرباب الإعلام الذي يقع من المجتمع موقع العين إلى جانب اللسان.. ودور القادة والمفكرين والعلماء الذين يمثلون العقل الحاكم لكل تصرفات البدن. وما أكثر العيون المبصرة في هذا البلد.. فقط ينقصها في هذا الظرف أن تُجيل النظر في أكثر من زاوية، كما أن العقل الناجح هو الذي يستفيد من كل مواهب البدن وإمكانياته من يدين ورجلين ولسان وحدس، وعيون ومسامع ومناكب،..

واسمعوها خلاصة من محب أمين، لقد دفعت شعوبنا في أكثر من بلد عربي، ثمنا فادحا من أرواحها وخيراتها حينما ارتضت أن يمتطيها الحثالات، واليوم يقف اليمنيون على أعتاب مؤتمر للحوار لم يُدعَ إليه سوى الحثالات.. نطائح بعضها من بعض، تو إلى سقوطها بالترتيب، لأن السابق لم يزدجر واللاحق لم يعتبر، وها هي كل نطيحة تحرص على حضور أختها بعد أن وضعتهم ثورة الشعب في سلة المصابين.

محتاجون لحوار يمثل اليمن جميعه بأنور من فيه شمالا وجنوبا، تهائم وحضارم، ويذلل أمامه عوائق السير باتجاه الأمام، لا حوارا يفضي به إلى غياهب الخلف المتخلف الشرير، هنالك حيث يريد، ويقبع، الإمام وعكفة الإمام.

نريد حوارا يقوّي منابع الخير وسواعده في هذه البلد، ويعود الشر بعده صاغرا ذليلا محدود القدرة والضرر. لا حوارا يُملي فيه الجهل العابثُ شروطه ويشعل فيه حرائق يتوزع بموجبها سيدا من جديد، مستأنفا دورته بتأديب من تشجّعوا عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى