في تقليد غير مسبوق للرؤساء والزعماء العرب وفي العالم كله أعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي -المثقف الليبرالي وداعية حقوق الإنسان الذي صعد من السجن والمنفى إلى الرئاسة- الإضراب عن العمل من خلال الامتناع عن توقيع الوثائق وإبرام الاتفاقات وإصدار القرارات معللا ذلك بسبب انتقاص صلاحياته وعدم استشارته من جانب الحكومة في قرارات يعتبرها مصيرية... بعد تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي دون علمه واستشارته وتنفيذ قرار التسليم دون توقيعه باعتباره رئيساً للبلاد وقد وصف القرار بأنه غير دستوري.
فهل ينفذ الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء محمد سالم باسندوة إضراباً عن العمل بعد أن قال الرئيس هادي إنه غير قادر على ممارسة صلاحياته من دار الرئاسة واستمرار تعرض منزله لإطلاق نار والجميع يعرف أن الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ باسندوة لا يمكن أن يحققا أي إنجاز حقيقي في ظل حالة الشلل التي يعاني منها الرئيس هادي من خلال الحصار العسكري والأمني الذي يتعرض له من قبل صالح وأبنائه ومن تبقى من كبار معاونيه هذا الحصار المقرون بممارسات منعت الرئيس هادي من مزاولة مهامه كرئيس للجمهورية من مقر دار الرئاسة التي يحاصرها ثلاثة ألوية تابعة للحرس الجمهوري وحكومة الوفاق هي الأخرى تعاني شللاً غير خافي على أحد بل يدركه الجميع بسبب ما يعترض أعمالها وتنفيذ قراراتها من معوقات نتيجة ممارسات بعض الوزراء المحسوبين على الرئيس السابق صالح واللوبي الذي يديره الرئيس السابق من منزله بالتنسيق مع نجله أحمد قائد الحرس الجمهوري وابن أخيه يحيى أركان حرب الأمن المركزي وبقية أفراد الأسرة الصالحية والمرتبطين بهم من العسكر والمدنيين.
ما تعانيه حكومة الوفاق الوطني من شلل بسبب معيقي قراراتها وخطتها الأمنية والاقتصادية والسياسية والإصلاحية أمر لم يعد خافيا على أحد ويتحدث به الرئيس هادي ورئيس الوزراء باسندوة ويعرفه جميع سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية ويعرفه أيضاً المبعوث الدولي جمال بن عمر حق المعرفة وبرغم تكرار الحديث والإيضاح حول هذا الأمر لم تجد حكومة الوفاق ورئيسها والرئيس هادي مواقف واضحة وحازمة من سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية باعتبارهم وفقاً للمبادرة وقراري مجلس الأمن هم المعنيين باتخاذ مواقف واضحة تجاه معيقي التسوية والعملية السياسية ولم نشهد مواقف واضحة وأكثر قوة ضد معيقي الحكومة وبرامجها وخطتها الأمنية والاقتصادية والسياسية باعتبارهم متمردين على قرارات وشرعية الرئيس هادي. كل ما سبق يكفي كمبررات واضحة لإعلان كل من الرئيس هادي ورئيس الوزراء باسندوة الإضراب عن العمل والامتناع عن إصدار أي قرارات أو التوقيع على الاتفاقيات أو استقبال الضيوف والسفراء أو رئاسة أي اجتماعات سواء رئاسية أو حكومية أو إرسال البرقيات والتهاني كنوع من ممارسة الضغوط والتعبير الحضاري حتى يتخذ رعاة المبادرة مواقف واضحة من معيقي التسوية وحكومة الوفاق.
أما الدكتور ياسين نعمان الأمين العام للحزب الإشتراكي اليمني فقد كان موقفه واضحاَ من خلال ما يمكن تسميته البيان رقم واحد للحزب الاشتراكي الذي جاء كاحتجاج واضح ضد تهميش الحزب وقيادته خاصة والدكتور ياسين سعيد نعمان يشغل حالياً مستشاراً للرئيس هادي إلى جانب الدكتور عبدالكريم الإرياني وعبدالوهاب الآنسي وعبدالله أحمد غانم وبيان الإشتراكي يقول أشياء كثيرة انتظرها الناس كثيراً وكاد اليأس يقتلهم قبل أن يصدر هذا البيان أهمها التعبير عن الاستياء البالغ من الأسلوب الذي يتم بموجبه التعامل مع التعيينات في الوظائف العسكرية والمدنية التي تمت حتى الآن باعتبارها تعيينات انتقائية وتعتمد تدوير نفس المناصب والأفراد في ذات الجهاز الإداري الفاسد كما أنها في معظمها لا تعالج جروح الوطن الناجمة عن سياسة الاقصاء والتهميش والانتقام السياسي، التي مارسها النظام العائلي ضد القوى والكوادر الوطنية المؤهلة التي عارضت سياساته فتعرضت للقمع والتنكيل بسبب ذلك وفي المقدمة أولئك المسرحين والمطرودين من أعمالهم جراء حرب عام 1994 والذين ذاقوا المرارة والمهانة والإذلال ولم يتخلوا عن صمودهم في وجه الطغيان وكذلك الكوادر التي تعرضت للتسريح من أعمالها بسبب التحاقها بالثورة، وكون الاشتراكي لازال بحسب بيانه متمسكاً بقوة بخياراته في النضال السلمي من أجل تحقيق أهداف الثورة الشبابية الشعبية والعمل بثبات لتجنيب البلد مخاطر الانزلاق نحو العنف والفوضى وكنه على دراية كاملة بأن هذا هو المسار الوحيد الذي سيوفر الشروط المناسبة لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وإعادة القدر الضروري من التوازن إلى الحياة السياسية الوطنية، وتأكيد الإشتراكي مجداً بأن مواصلة الشراكة في العملية السياسية الجارية تبدأ من الالتزام باستراتيجية واضحة المعالم لمعالجة القضايا واتخاذ الخطوات العملية المعالجة لها أولاً بأول والتزام الجميع بتنفيذ مسؤولياته تجاه العملية السياسية القائمة. فإن كل ذلك يعد مبرراً كافياً لإعلان الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي الإضراب عن العمل من خلال الإضراب عن الحضور والمشاركة في اجتماعات ولقاءات المشترك وكذلك إعلان الإضراب عن منصبه الجديد كمستشار لرئيس الجمهورية.