للفساد الأكاديمي في اليمن رحلة طويلة بدأت بشكل ملحوظ منذ تعيين عشرات الحالات الأكاديمية بشكل جماعي بالمخالفة لقانون الجامعات اليمنية منذ(8)سنوات تقريباً في جامعة صنعاء بناء على توجيهات نافذين..
حيث قام رئيس الجامعة حينها بالتوجيه بتعيين أكثر من(60)حالة تحت ضغط لوبي الفساد بينما كان في صالة الانتظار قبل توجهه في مهمة خارج الوطن، وبعد رفع نقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة قضية في المحكمة كسبت النقابة القضية وأقرت المحكمة إلغاء قرارات التعيين، لم تنفذ الجامعة ذلك الحكم بحجة أن المعينين بالمخالفة قد حصلوا على منح دراسية وأصبحوا منتظمين في جامعات عربية وأجنبية(طبعاً غالبيتهم من أبناء النافذين تم تسفيرهم للدراسة بالخارج بمجرد صدور قرارات التعيين)وانتهى الأمر بصلح بموجبه جُمد حكم المحكمة وعين المتظلمين المستحقين للدرجات على دفعات انتهت في 2009م وطوي الملف..
عند ذلك فتحت شهية لوبي الفساد ليرتكب مخالفة أكبر بالترويج لما يسمى (مكرمة رئيس الجمهورية) وتلك المكرمة خدعة أستدرج إليها الرئيس السابق من قبل لوبي الفساد ومستشاري السؤ في حفلة خريجي(2007م)- حيث كان التوجيه للتعيين المباشر في الجهاز الإداري للدولة دون الإنتظار في قوائم الخدمة المدنية،ولكن لوبي الفساد تمكن تحويل التوجيه لصالح التعيين في الجامعات،وفعلاً بدأ التعيين المخالف لأكثر من(500) حالة سنوياً على مستوى الجمهورية، وبعد أن أدرك الرئيس السابق المخالفة نتيجة اعتراض أعضاء هيئة التدريس أوقف دفعة(2009م) وبسبب احتجاجات أوائل تلك الدفعة مطلع 2011م وافق على تعيينهم وأكد أنه لا يتحمل مسئولية أي تعيينات مخالفة لقانون الجامعات اليمنية بعدها.
ومن عجائب تلك المخالفة أن بعض المعينين لا يعرفون بتعيينهم إلا من زملاء لهم، بل الأخطر من ذلك مثلاً تم تعيين أشخاص في جامعة صنعاء تبين انهم معينين في جامعة تعز، وبعد إكتشاف ذلك الخطأ ولوجود عشرات المتعاقدين في الأقسام العلمية واقفت الجامعة على تعيينهم كبدائل لتلك الدرجات بشرط إحظار تنازل من الحالات المعينة بالخطأ، وبدأت رحلة المزاد حيث يرسي التنازل على من يدفع أكثر ووصلت قيمة التنازل في بعض الحالات إلى أكثر من مئة ألف ريال(طبعاً لأنها فرصة درجة أكاديمية)!!!
من المؤسف أن تلك الألية على الرغم من مخالفتها للقانون وعيوبها القاتلة للوظيفة العامة والتعليم الجامعي لازالت سارية حتى الآن، بل أخذت طوراً جديداً حيث تعتزم الحكومة حسب بعض التسريبات الإعلامية تعميمها بتعيين الحاصلين على الدكتوراه في الجهاز الإداري للدولة في الجامعات دون أي ضوابط أو قيود عرفية أو قانونيةَ!!!ولكم تخيل نتيجة تلك العشوائية والفوضى.
مايحيرنا اليوم أن لوبي الفساد الذي أبرم حيلة (مكرمة رئيس الجمهورية) في عهد علي عبدالله صالح بدأ يعشعش حول الرئيس عبد ربه وبعض أجهزة الحكومة يؤكد على ذلك صدورتوجيهات مخالفة لقانون الجامعات اليمنية بنفس طريقة وأسلوب الرئيس السابق وحكومته!!!
وبالتالي يمكن القول أن لوبي الفساد لازال ممسكاً بمفاصل التعليم العالي في اليمن، يؤكد على ذلك تدشين جامعة صنعاء في أول أغسطس2012م لتلك المخالفات بعرض(125)حالة أكاديمية بالمخالفة الكلية لقانون الجامعات اليمنية على مجلس الجامعة، وفي الاسبوع الأخير من نفس الشهر صدرت قرارات التعيين لغالبية تلك الحالات، فتخيلوا كم حالة ستعتمد في(9)جامعات حكومية أخرى، دون شك قد يصل العدد إلى ضعف حالات التعيينات المخالفة في السنوات الماضية والتي كانت لا تتجاوز(500)حالة!!!وإذا كانت كلفة كل درجة أكاديمية على الدولة(250ألف ريال)شهرياً على الأقل فإن الإهدار السنوي لهذه المخالفة سيصل(3مليارريال)،وبعد ذلك يمدون أيديهم لطلب(11ملياردولار)مساعدات دولية عاجلة، نقول لهم إقفلوا حنفية الفساد تفلحوا.
أخيراً نأمل من الأخ رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي أن لا يكرر أخطاء الرئيس السابق التي حاكها في الغالب مستشاري السؤ، لقد صوتنا للأخ رئيس الجمهورية على أمل أن نرى تغيراً في السياسات يعزز من احترام النظام والقانون، ولكن من المؤسف حتى الآن وبالتحديد على مستوى الجامعات الحكومية لازالت الأوضاع تسير كما رسمتها قوى الفساد منذ سنين، بل يمكن القول أن لوبي الفساد زاد من سطوته فبعد إن كانت التعيينات المخالفة في السنوات الماضية تقتصر على تغييب الإعلان والمفاضلة مع الإلتزام ببقية الشروط فإنها اليوم تتجه حتى لتجاوز شروط التعيين الأخرى، ندعوه ايضاً إلى تقريب المستشارين الأمناء ففيهم العون على الحكم الرشيد، ونأمل منه أن يوكل إلى مستشاريه الأمناء من القانونيين تبصيره بمحتوى القوانين ومنها قانون الجامعات اليمنية حتى يتلافى شِراك المتلونيين من لوبي الفساد، فقانون الجامعات اليمنية في المادة(69)ينص على الحظر المطلق للتعيين خارج إطار الإعلان والمفاضلة، والدستور في العديد من المواد ينص على المساواة وتكافؤ الفرص بين اليمنيين، والتعيينات الأكاديمية بتلك الطريقة تكرس مبدأ التمييز بين المواطنين وتخترق قانون الجامعات اليمنية وتفسد أي خطط وبرامج تنموية لعقود قادمة.