يصادف هذا الأسبوع الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة التجمع اليمني للإصلاح الذي أعلن عنه في 13 سبتمبر 1990، فور إقرار التعددية السياسية في اليمن والمتزامن مع استعادة وحدته في 22 مايو 90.
ويقف الإصلاح اليوم بعد 22 عاماً من تأسيسه على أرضية وطنية صلبة بعد أن رسخ وجوده السياسي والجماهيري على طول اليمن وعرضه وأرسى نهجاً سياسياً واضحاً يتسم بالمرونة والاعتدال والانحياز للقضايا الوطنية في كثير من المنعطفات الحرجة، إلى الحد الذي جعل منافسيه السياسيين يراهنون على اخلاقه الوطنية وايثاره الصالح العام، ولا زالوا يكسبون رهانهم إلى اليوم وهذه ميزة من حق الإصلاحيين أن يفخروا بها ويحافظوا عليها.
ولعل من الواجب القول في هذه المناسبة ان التحديات التي يمر بها الإصلاح اليوم هي أكبر وأعقد من أي وقت مضى، وذلك بسبب المهام الوطنية الجسيمة الملقاة على عاتقه باعتباره التنظيم الوطني الأكثر تماسكاً وشباباً، وكذلك بسبب ارتباطه المصيري بالمبادئ الوطنية التي قام من أجلها، تلك المبادئ التي تتعرض في هذا الطور الوطني الهام لاختبارات عنيفة ومؤامرات قوية، خصوصاً فيما يتعلق بوحدة البلاد وهويته الوطنية ونسيجه الاجتماعي.
إلى ذلك فإن استحقاقات عدة تفرض نفسها على الإصلاح بسبب وجوده ضمن حكومة الوفاق المنبثقة عن المبادرة الخليجية وثورة التغيير، علماً أن الذهن العام يعلق على الإصلاح بدرجة أساسية آمال النجاح ويحمله تبعات الفشل حتى وإن كان الحجم الحقيقي لكتلته الوزارية 3 وزراء فقط من بين 34 هم قوام الحكومة..
كما أن من بين التحديات التي فرضت نفسها على تجمع الإصلاح استهدافه طائفيا من قبل مجموعة عنصرية مسلحة خارجة عن القانون وتعمل لأجندات إقليمية، هدفها الأساس خلط الأوراق في المنطقة وخلق الفوضى وإراقة الدماء على أساس طائفي وهو تحدِّ يفرض على الإصلاح التعامل معه بحكمة وحزم، ذلك أن هذه القوى ترى في الإصلاح العائق الوحيد والحقيقي أمام طموحاتها غير النبيلة. وكلنا ثقة أن الإصلاح لن يكون وحده حينما يتعامل مع هذا التحدي بروح وطنية مسؤولة لا تتعامى عن مقاصد ذلك المشروع المتصادم من كل مكاسب الشعب اليمني وآماله في حياة لائقة وحضور حضاري مشرف. مع التأكيد المتواصل على أحقية كافة القوى في الاعراب عن نفسها وطرح افكارها بطرق سلمية مكفولة ومشروعة.
في ختام هذه الوقفات العجلى أزجي للإصلاح التهنئة الصادقة بهذه المناسبة مقترنة بنصيحة واجبة من وجهة نظري، تتمثل في ضرورة أن يعتمد الإصلاح على سعيه الذاتي في المستوى المحلي غير معِّول على نجاحات قد يحرزها نظراؤه في مصر أو تركيا أو غيرها من البلدان .. ذلك أن تعقيدات الوضع اليمني أصعب بكثير مما يعتقده كافة الأطراف السياسية في اليمن، الأمر الذي يوجب على الجميع رفع درجة اليقظة إلى أعلى مستوياتها وتقديم المصالح الوطنية العليا على كل ما عداها من مصالح زائلة للأفراد أو الجماعات.