في اليمن لم تحدث قطيعة تاريخية حاسمة بين الماضي والحاضر للأسف.
وتاريخياً كان الصراع هنا ينبع من الوعي الاجتماعي بين أحلام الوطنية اليمنية والسلالية الإمامية الحاكمة لذا أستغرب كثيراً من الذين يتحيزون لمشروع الحوثي الامتدادي لملكية الاصطفائية السلالية نكاية بالإصلاح مثلاً، ثم إن هذا الوعي المأزوم لايمت للوعي الوطني السليم المفترض على الإطلاق..
فجوهرياً يجب أن تكون مشكلتنا الموضوعية مع الإصلاح قائمة بسبب تخلفه بينما لا بد أن تكون مشكلتنا الموضوعية مع الحوثيين قائمة بسبب تخلفهم وعنصريتهم أيضاً ولعل الفرق واضح كما أظن، أما المواقف التي تستغفل كل هذا فعليها لعنتي تماماً..
صحيح أن الإصلاح لم يقطع المسافة اللائقة لوعي إدارة الدولة بشكل مدني حديث إضافة إلى أنه ظل في بنيته التحتية متكئاً على رجعية القبيلة في الأساس مع ان امتداده الأكبر على مستوى البلد اكثر من غيره من الأحزاب وتعامله مع السلطة منذ زمن ثم خروجه للمعارضة وتحالفه مع اليسار ثم عودته للسلطة أسباب حيوية يفترض ان تؤدي به إلى ان يكون مستوعباً نفسه جيداً كضامن رئيسي لعدم الطائفية كما للشراكة الفعالة ولتقدم البلد تنموياً وتنويرياً وديمقراطياً وذلك بحسب المسؤولية الوطنية الحقيقية التي لاحياد عنها بالطبع مهما حاول التنصل.
لكن الأصح بالمقابل هو ان الحوثي لم يقطع المسافة اللائقة لوعي التجانس الوطني أساساً، كما ظل يستدعي إحياء الشغف الاستعلائي فقط على الشعب رافضاً تحديث عقل جماعته بفكرة المواطنة المتساوية بينما يتكئ كذلك على رجعية القبيلة خصوصاً في ظل عدم نضوج سلطة الدولة الضامنة أصلاً للتعايش السوي في إطار المشروع الوطني الكبير الذي نفتقده جميعاً بعد أن تمت إعاقته أكثر من مرة..
وهكذا صار الحوثي يصر على أن يتطور من حركة صغيرة ملتبسة الوضع إلى حركة أكثر التباساً وهي ترفض المشاركة السياسية كما لا تنوي طمأنة المجتمع الذي كان متعاطفاً معها بفعل الحروب ضدها لتتعزز نفسها فقط كامتداد سافر وأحمق لحالة صدام الإماميين التاريخية مع الشعب والأخطر أنها صارت بالمحصلة اليوم تموضع نفسها مع سابق إصرار كحامل رئيسي للطائفية في هذا البلد .. البلد المعبوث به بإتقان دولي فضيع الآن كما نعرف .. البلد المنهك والمنكوب بشدة من داخله وخارجه، فمتى يستريح؟