قبل أيام وفي احتفال سياسي بمناسبة ما سماه الحوثيون في اليمن ((عيد الغدير)) قال سيدهم عبدالملك الحوثي: إن الحكم والسلطة حق إلهي لآل علي بن أبي طالب، وإن الرئيس الذي انتخبه الشعب وحكومة الوفاق الوطني هم مغتصبون لهذا الحق الإلهي الحصري على آل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبناءً على خطاب سيد الحوثيين وقنديلهم المقدس، فإنه سيسعى مع عصابته لاستعادة هذا الحق وإرجاعه لأهله، مما يعني أن الحوثيين سيشعلون حرباً قادمة لإرجاع السلطة للعلويين.
من وجهة نظري فإن خطاباً كهذا يكشف عن حقيقة الحوثيين وأهداف هذه العصابة المسلحة والتي ظلت غامضة على بعض الناس لسنوات وظهرت أخيراً عارية من أي رتوش لتسقط ورقة التوت الأخيرة عن هذه العصابة المسلحة المتمردة والتي يسعى زعيمها لكرسي السلطة التي هي أكبر همه ومبلغ علمه وغاية رغبته .
خطاب الحوثي العنصري الذي يزعم فيه أن السلطة حق حصري لآل علي منحهم الله دون سائر الخلق يوجه ضربة قاتلة لمشروع الدولة المدنية الحديثة الذي طالب أتباعه بإقامتها أثناء الثورة الشبابية السلمية مسايرة للجماهير وكنوع من التقية والتكتيك المرحلي .
خطاب الحوثي متخلف يستخف بالعقول ويكرس العنصرية ويسخر من أبناء اليمن من غير عرق السادة العلويين وجنس القناديل الهاشميين ويراهم مجرد سخرة وعبيد له لأنهم من غير البطنين الشريفين لا ميزة لهم ولا قيمة ولا يحق لهم الحكم ولا السلطة ولو كانوا أكفاء وكنت أتوقع أن تثور ثائرة دعاة الدولة المدنية على خطاب هكذا، ولكنهم صمتوا مما يثير علامات استفهام حول علاقة الجماعات المسلحة المتمردة بالنخبة ودعاة المدنية المزعومة .
كما أن هذا الخطاب العنصري المتخلف المتدثر بلباس آل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يناقض العقل والنقل ويتنافى مع الحرية التي جاء بها الإسلام والمساواة والمواطنة المتساوية وأبسط حقوق الإنسان واستغرب هذا الصمت من قبل النخبة ودعاة الدولة المدنية وبعضهم عندما تحفظ العلماء على مدلولات مصطلح الدولة المدنية الحديثة وطالب بتقييدها بالمرجعية الإسلامية سخر وجرح العلماء ووصفهم بكل ما بقاموس مفرداته من اتهامات، ولكن عندما قال الحوثي قبل أيام: إن السلطة حق إلهي للعلويين هؤلاء صمتت القبور!.