عدم تعليق السفارة السعودية في صنعاء مهامها إثر جريمة اغتيال أحد موظفيها في الملحقية العسكرية في اليمن الشهر الماضي فاجأ كثيرين ممن توقعوا ردة فعل سعودية أكثر حدة وحذرا مما حدث في مارس الماضي حيث اغلقت السفارة ابوابها وغادر السفير علي الحمدان اليمن ماكثا في مسقط راسه قرابة الاربعة الاشهر، عقب جريمة اختطاف نائب القنصل بعدن (الخالدي) الذي مازال حتى الان في قبضة تنظيم القاعدة.
جرائم الاختطاف والاغتيالات اليومية وضعت اليمن والسعودية على مرمى رصاصة واحدة، ودفعت السعودية كراعِ رسمي للمبادرة الخليجية ثمن موقفها التاريخي المنحاز إلى آمال الشعب اليمني وثوابته الوطنية ووحدته المباركة دم احد ممثليها الدبلوماسيين وحياة آخر مازال سيف القاعدة على عنقه. لكن اللافت هو التغير الذي طرأ على طبيعة ردة الفعل في جريمة الاغتيال الاخيرة، قياسا بجريمة الاختطاف، في وقت يعد فيه بقاء السفير السعودي أو أيٍ من ممثلي السعودية في اليمن المضطرم، أشبه بالتضحية. فشكرا ألف شكر لهم وخالص العزاء نقدمه لأسرة الشهيد العنزي.
ومع ادراك الاشقاء السعوديين حقيقة مايجري في اليمن من دور إيراني حقير يضرب امن واستقرار اليمن بالسلاح والمال وذيول الاخطبوط الكثيرة، مازال الحضور السعودي في المشهد اليمني متسما بالتقشف وعلى استحياء بعد ان تم التمهيد لحركة خلايا التجسس والاستحبارات الإيرانية في اليمن بحملة اعلامية مضادة لاي دور سعودي في اليمن باعتباره تدخلا في شؤوننا الخاصة.
المتغيرات الاقليمية والدولية والتدخلات الإيرانية المسنودة بمباركة أمريكية وخبرة جيرالد فرستاين في تقليص أي دور عربي أو حضور سعودي كما حدث في باكستان حيث كان سفيرا هناك، ووجود المملكة العربية السعودية على مقربة من هذه المخاوف المتصاعدة في البلد الجار والفقير يستدعي منا نحن أبناء اليمن استنهاض نخوة الجار الصديق ليتحرك بفاعلية اكبر في قلب المشهد اليمني وأن يتدخل بكل ما يملك من مال ودبلوماسية وثقل دولي واقليمي لكبح كل التحركات المعادية للامة العربية والاسلامية التي وجدت في الايام الماضية مساحة سانحة من الفراغ فلعبت بذيولها وبارودها بدونما رادع مواز لها في القوة ومضاد لها في الاتجاه ولن يكون هذا الرادع سوى السعودية.
لدينا في اليمن فائض مشاكل ولدى الاشقاء السعوديين المال القادر على حل كل هذه المشاكل ولدى البلدين الشقيقين مخاوف مشتركة وعدو واحد يتربص بهما بعينيْ ذئب، عين على صنعاء والاخرى على مكة.
جاءت المبادرة الخليجية ملبية لامال اليمنيين وصادمة للرئيس السابق الذي طلب دورا سعوديا وخليجيا اثناء غليان الثورة الشعبية والسلمية وبعد مجزرة الكرامة حيث تفاجأ صالح بمبادرة لا تلبي مصالحه و رغبته في البقاء في السلطة بل جعلت خروجه من سدة الحكم أمرا غير قابل للشد والجذب، والحذف والاضافة.
ووقفت السعودية إلى جانب اليمن في احلك الظروف ودعمت بسخاء جارها المتعثر على طريق التنمية والاقتصاد بما لم تستطعه بقية مجموعة اصدقاء اليمن والدول المانحة، ويبقى العتب على الاشقاء السعوديين في كونهم تركوا المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية دون اشراف مباشر من قبلهم الامر الذي اتاح للاخرين الحاقدين على اليمن والسعودية، على حد سواء، الفرصة لممارسة صفقاتهم الشريرة وحرف مسار التسوية السياسية في اليمن عن جادة المبادرة الخليجية التي تعرضت لعمليات اغتيال كثيرة ربما كانت جريمة اغتيال الضابط السعودي في السفارة آخرها، فحين تعرف من أين تأتيك الرصاصة، فأنت من يصيب الاخر في مقتل وإذا حضرت السعودية بكل رمزيتها وقوتها المادية والمعنوية وهذا هو واجبها التاريخي، ستغادر الفئران الصغيرة بيتنا اليمني وسينام بيت الله الحرام في امان.