أي قدر تعيس هذا الذي يلاحق السيد علي سالم البيض بالنظر إلى تاريخ سياسي كله خيبات وعثرات وحماقات ارتبطت بالرجل منذ فجر الجمهورية الوليدة في جنوب اليمن التي تبوأ فيها البيض وزيرا للدفاع فأصدر قراره الغبي والمتسرع بإلغاء اتفاقية القاعدة البريطانية في الجنوب والتي بموجب قراره حرم البلد من تعويضات مقرره كانت ضرورية كي تقف الجمهورية الوليدة على قدميها، وهو ما جعل الجماهير تخرج في مسيرات تنادي (تخفيظ الراتب واجب).
وفي قمة العنفوان الاشتراكي والنظام الصارم في الجنوب أقدم عمنا علي سالم على مخالفة قانون الأسرة في الجنوب والذي يحرم تعدد الزوجات بزواجه من السيدة ملكي، فتعرض الرجل لعقوبات حزبية جردته من بعض الدرجات والإمتيازات.
وفي 13يناير 1986م كان البيض عرضة لعقوبة قوية كاد أن يدفع حياته ثمنا لها لولا حرصه على الإختباء تحت الكراسي في قاعة اللجنة المركزية في التواهي التي شهدت أبشع مجزرة طالت الجنوبيين وراح ضحيتها الآلاف.
ثم كان القرار الغبي بالدخول في الوحدة الاندماجية دون تأهيل الجنوبيين الذين خضعوا لظلم الشمولية والتأميم والحزب الواحد وضحايا صراعات الرفاق والتيارات المنفية والتجار المحاربين، فكانت الكارثة بحماقة أخرى كررها الرجل بالدخول في حرب خاسرة في صيف 94م مكنت زميله صالح المخلوع من استباحة الجنوب والعبث بثرواته وناسه، في حين فر البيض إلى مسقط ليقضي 15 عاما في السرداب.
وفي مايو 2009م خرج الرجل من غيبوبته السياسية والتحق بالحراك الجنوبي الذي كان في أبهى صوره يقود نضالا سلميا أعجب به الجميع، لكنه ما لبث ان حرفه نحو طهران ليعزله عن محيطه الإقليمي ويجعله عدوا للداخل السني والدولي المتصارع مع نظام إيران.
كما لعب البيض بحماقة في إقصاء شركائه في ساحات الحراك المناضلين والمؤسسين الأوائل وفرخ المكونات وغذى العنف وفتت اللحمة الجنوبية ونسف التصالح والتسامح.
وأخيرا علي سالم البيض مدانا بالفوضى وعرقلة التسوية السياسية ومجلس الأمن الدولي يتوعده بالعقوبات في إجتماع عقده المجلس بتاريخ 15فبراير 2013م.
الفاجعة في كون الرجل كرس نفسه الممثل الشرعي والوحيد للحراك الجنوبي وهو ما يضع الحراك في قائمة المنظمات الإرهابية بسبب حماقات شخص أدمن الغلطات التاريخية وجمهور جنوبي يصفق لفشله المتتالي ولا يتعلم من دروس الأيام شيئا، فتبا للمصفقين ،وقديما قالوا : من المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه.
المحزن والمؤلم أن يكون البيض إلى جانب صالح في عقوبة واحدة، وهو الذي عاش منفيا ومطرودا بعقوبات فرضها مخلوع الشمال على مدى عقدين من الزمن طالت مخدوع الجنوب –ولله في خلقه شئون-.