[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الصراع لا ينتهي.. ولكن بإمكاننا أن نُديره ‏

الآن وقد بدأ الحوار الجاد والمباشر في اليمن بين الأطراف المعنية في اللجان المتخصصة يحتاج ‏الجميع إلى الإحساس بالمسؤولية وتقديم التنازلات والخروج من ذهنية المماحكة والتوتر إلى ذهنية ‏الحوار الخلاق والمثمر. ‏

ينبغي أن يدير المتحاورون القضايا والمشاكل لا أن يدعوها تواصل إدارتهم ، وبوابة الإنجاز هي ‏التركيز على الحل وليس إضاعة الوقت بالحديث عن المشكلة. ‏

حرب 94 حدثت في الماضي ، وسياسة نهب الجنوب وتدميره في الماضي أيضاً ، والآن نحتاج ‏إلى ابتكار الحلول لمداواة الجروح ، وإنجاز صيغة الشراكة الوطنية التي تلبي طموحات كل اليمنيين ‏في العدالة والمساواة وحكم القانون وإعلاء الإرادة الشعبية كمصدر للعقد الاجتماعي والمنظومة ‏القانونية وشرعية الدولة وفاعلية النظام السياسي. ‏

الماضي لا يتغير ولا يمكن تغييره وقد حدث وانتهى، وبالتالي لا بد من النظر إلى الأمام ، إلى ‏المستقبل. ‏

‏ الصراع لا ينتهي إلا بنهاية الحياة ، وليس بإمكاننا إيقافه ولكننا قادرون على تنظيمه وفق ‏الوسائل المدنية السلمية، لا أن يستمر صراعاً عدمياً يتمنطق بالسلاح وإرادة الإلغاء والغلبة والهمجية ‏الرعناء التي دمرت اليمن في الخمسين عاماً الماضية. ‏

كل مشارك في مؤتمر الحوار تحمل مشاركته قبولاً ضمنياً بالحوار والتزاماً بالوصول إلى حلول ‏، ومن بدأوا بالتلويح بالانسحاب قبل بدء فرق العمل نشاطها يظهرون وكأن القضايا لا زالت تديرهم ‏ولم يرتقوا بعد إلى مستوى إدارتها والبحث عن حلول لمعضلاتها. ‏

الحلول تقع في النقطة المشتركة لجميع الأطراف المتصارعة مما يحتم تقديم التنازلات ليس ‏لأجندة طرف لصالح أجندة الطرف الآخر الصراعية وإنما الخروج من دائرة الصراع المدمر إلى ‏التراضي على أسس الدولة الجديدة وتأسيس قواعد الصراع والتنافس بالأدوات المدنية السلمية. ‏

بدأ التيار الحوثي بالتلويح بالانسحاب باكراً ، ونتمنى أن تكون هذه التلويحات فورة غضب آني ‏اقتضتها حادثة محاولة اغتيال أحد أعضائهم بالعاصمة ، وأن لا تكون تحفزاً لا زالوا مقيمين بمربعه ، ‏ولا استعداداً مسبقاً لإرباك مؤتمر الحوار في منتصف الطريق. ‏

ولا أظنهم غافلين عن دلالة مشاركتهم في هذا المؤتمر الوطني الاستثنائي كونه يخدمهم كتيار ‏ويعزز حضورهم وقبول الرأي العام لنشاطهم السلمي. ‏

حتى الكاتب منير الماوري الذي سافر مئات الأميال من أجل المشاركة في الحوار إنساق وراء ‏السؤال المقزز : متى ستقرر الانسحاب ، وحدد نقطة كافية لقرار انسحابه وكأن المشاركين حضروا ‏وليس لديهم سلاح سوى الانسحاب وليس تصوراتهم وقضايا شعبهم العادلة. ‏

ذهنية المماحكة واختلاق التذرعات لا مكان لها في الحوار الوطني المسؤول ، ولا جدوى منها ، ‏ومن يتشبث بها ويقيم أسيراً في تابوتها فمكانه في الماضي وجولات الحروب والصراعات وليس ‏مؤتمر حوار وطني يراهن عليه الشعب بكل فئاته وقواه السياسية وأطرافه المعنية وملايين الطلاب ‏والشباب الحالمين بوطن آمن مستقر ، يكون ملاذ عيشهم ، ورافعة طموحاتهم ووعاء تطلعاتهم ، ‏والمناخ الملائم لتفجر طاقاتهم الكامنة. ‏

ذهاب بن عمر إلى دبي للقاء قيادات جنوبية ممانعة للحوار في ظل انعقاد مؤتمره الشامل في ‏صنعاء يشوش على مؤتمر الحوار الوطني ويربكه ، ويساهم في ابتعاد تلك الشخصيات أكثر عن ‏مؤتمر الحوار وليس جذبها للمشاركة في فعالياته. ‏

تصريح الرجل الكبير أحمد بن فريد الصريمة كلام مسؤول ويعبر عن الواقع ومقتضيات ‏المنطق. فقد بذلت الجهود والتواصلات مع تلك القيادات ، والباب لا زال مفتوحاً لمن يريد أن يلتحق ‏بمؤتمر الحوار كمواطنين يمنيين. ‏

‏ أما رهن القضية العادلة بشخص أو أشخاص يقيمون في الوهم ويربطون القضية بأشخاصهم ‏فمعناه إرباك الحوار وتعطيل مصلحة الشعب كله وفي مقدمتهم أصحاب القضية الجنوبية في مدن ‏وقرى الجنوب. ‏

لا بد أن ينضبط بن عمر بالنسق العام لمؤتمر الحوار الوطني في صنعاء كأعلى هيئة يمنية ‏تبلورت لإنجاز التوافق الوطني المأمول. ‏

القضية الجنوبية هي المعيار وليس الشخصيات ، ومن يذهب بعيداً في التخوين واحتكار التمثيل ‏وادعاء الحصرية في التعبير عن الجنوبيين، فإن الإنجاز الوحيد الذي يسعى نحوه هو عودة الصراعات ‏القديمة المدمرة على مستوى الجنوب والشمال. ‏

زر الذهاب إلى الأعلى