آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

تعز وبوادر انقسام

نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا " الإمام الشافعي"
قال ذات يوم الدكتور سعيد نعمان" أن ما يجري في تعز وعدن عملاً ممنهجاً لضرب البؤرة المنتجة للدولة المدنية "وتثبت الأحداث يوما بعد يوم أن تعز مستهدفة من قواها السياسية ونخبها التي تتلقى أشارات الإرباك من مراكز القوى والقادة السياسيون في العاصمة صنعاء.

فصنعاء كمركز لصناعة الفعل السياسي تشتكي منها كل المدن وأول مدينة تنتحب عدن التي ذاقت الأمرين والويلات من قادة صنعاء سواء في السلطة أو الأحزاب والنخب السياسية واليوم نرى تعز تئن مما يجري فيها وهناك بداية انقسام سياسي لا نريد له أن يتطور فلسنا في مصر ولا في تونس فنحن في اليمن انتبهوا علينا أن نستفيد من مراحل ماضية مرت بها اليمن لنتجاوز الأخطاء التي حصلت فقد كانت تعز في سنوات الثورة الأولى هي مركز الفعل سواء لثورة سبتمبر62 أو أكتوبر 63م فجرى التعامل مع تعز كمركز فعل للثورة اليمنية بطريقة تأمريه حيث أجهضت ثورة سبتمبر عن طريق ضرب مركز الفعل فيها " تعز وأبناء تعز".

والتاريخ يحكي بوضوح أن انقسام حاد بين القوى السياسية قادته النخبة المثقفة والسياسية وكان أغلب قادة العمل السياسي والحزبي والعسكري- وأقول أغلب وهذه حقيقة - من أبناء تعز فأختلف البعث مع الناصريين واختلف القوميون مع اليسار فكانت حركة 5 نوفمبر 67 في صنعاء بداية الولوج للقوى الوطنية والثورية في اليمن نحو هاوية الانقسام والتصفيات والحروب، وستظل أحداث أغسطس68م جرحاً دامياً في الجسد اليمني واليوم برغم تكتل القوى السياسية في تحالف " المشترك".

يفترض إن المرحلة الحالية تتطلب من " المشترك" أن يحافظ على تكتله السياسي أطول مدة ممكنة من خلال توسيع قاعدة المشاركة السياسية لتجنب المأزق المصري انقسام القوى السياسية إلى فسطاطين مع وضد فسيتطور الأمر بعد ذلك إلى "إسلام وفسوق ثم إلى إسلام وكفر" إن تناحر المجتمع اليمني والبقاء في مربعات الخصومة والقضايا الهامشية دون الولوج في قضايا المجتمع الرئيسية التنمية والعدالة الاجتماعية والمساواة أمام النظام والقانون سيجعل الثورة الشبابية وتضحيات الشعب الغالية في مهب الريح فعلى العقلاء في القوى السياسية وفي مراكز اتخاذ القرار طمأنة القواعد السياسية المتناحرة في تعز وفي غيرها أنه لا يمكن لقوى سياسية بعينها الاستفراد بالسلطة أو ممارسة سياسة " التكويش" مهما كان حجمها في الشارع حتى لا تدخل القوى السياسية اليمنية مرحلة الصراع السياسي الساخن الذي سيدمرها.

ما يجري في تعز مع شوقي أو ضده سيؤسس لإنقسام سياسي حاد في المجتمع وهو مرض معدي سينتشر في المدن اليمنية ومن الصعب إيقافه والسيطرة عليه ولا نريد أن يحدث الإنقسام الحاد ولازالت البلاد لم تنتقل إلى بر الأمان فهناك قوى متربصة من مصلحتها إذكاء الإنقسام وتوسيعه لتقول هذه نتائج ثورتكم التي فجرتموها.
يا سادة يا كرام لن يستطيع أحد منكم تهميش الأخر أو الاستقواء عليه وهناك أطراف داخلية وخارجية تسعى إلى إرباك البلاد والوضع بشكل عام وتراهن على إفشال المرحلة الانتقالية برمتها.

وأخيراً : تعز قبلة التغيير وحاضنة التمدن على مر التاريخ ومنها يتجدد "الأخوان" باستمرار ومن تعز قدم القوميون واليسار مراجعاتهم الفكرية والسياسية فلا تسمحوا بتدمير تعز وتدمير قيم المدنية والثقافة والتسامح والتعايش.

زر الذهاب إلى الأعلى