بادئ ذي بدء لابد من التأكيد انني أجل هذا الرجل بل وأقدره حق قدره وهو الرئيس التوافقي الحالي لليمن المشير عبدربه منصور هادي بل أنني أليت على نفسي إلا أن أهتم بشخصه وسيرته واتابع باهتمام أخباره وأنشطتهُ كافة منذُ الحرب الأثمة والظالمة العام 1994م التي برز فيها صيته ولمع نجمه حتى طغى على نجوم كثيرة من الأسماء اللامعة والمعروفة (حينها) للقادة العسكريين البارزين في جنوب اليمن وشماله، نعم تابعت ورصدت مساره وأخباره منذ ذلك الحين (وما قبله) فلم أجد إلا ما يشرف المرء ويسر الخاطر.
في الأيام السالفة وجدتُ عدد غير قليل من الزملاء الأفاضل من مختلف الأطياف السياسية والاتجاهات للقوى الوطنية في الساحة اليمنية (سواءً تلك المتفقة مع توجهاتي السياسية أو المختلفة معها) تنقدني بشدة ولمآرب مختلفة وتردد لي العبارة الأتية: ( أن اكثار المديح للحكام هي ظاهرة غير صحية ومكروه شرعا، كما أن طغيان الزعماء العرب سببه بطانة السوء التي تكثر من التبجيل والتمجيد لهم فتؤله الحاكم ) إلا أنني وجدت أنه من الواجب الديني والأخلاقي والأمانة والمسؤولية الوطنية نحوا الأهل وولي الأمر أن أنقل للأخ الرئيس هادي حديث النقد والعتاب والنواقص.
وكما أكثرت (انا) من الاشادة والمديح للأخ الرئيس هادي خلال الفترة الماضية وجدت أنه من واجبي ومن العدل والانصاف (أيضا) أن أنقل لهُ بتجرد ما يقال عنه وعن عهده الجديد من حديث ناقد يأتي من أنصاره الشباب الثائر في الميادين والساحات وأنصار هذا العهد عموما والمناوئين لهُ خاصة.. كما أنني أعلم أن كثير من الناس يعرفوا ويسمعوا بهذا الحديث الناقد للأخ الرئيس، ولكن الأهم في الأمر هو كيف يصله هذا الحديث؟.. (من يجروا على الكلام وايصال هذا الحديث الناقد للأخ الرئيس دون تجميل أو تشويه أو زيادة أو نقصان؟)، فأن صدق هذا الحديث في بعض جزئياته ففي ذلك فائدة جمة للرئيس أن يصلح من شأنه ومحيطه، وأن جافت جزئياته الأخرى الحقائق فليس في ذلك ما يضير الأخ الرئيس أن هو أحاط بها علما وعمل على ايضاحها للعامة من المواطنين.
انها تلك المقولة الحكمة التي يحلوا للدكتور القربي ترديدها دائما في مثل هذهِ المواقف.. من يجروا على تعليق الجرس أو يتقدم ليقرع ناقوس الخطر..وفي الوقت المناسب؟، فهل من مجيب؟ .. ولندخل في صلب الموضوع:
قارنت بين سيرتي الرئيسين (الحالي والسابق ) ولما أعلمه عنهم فقد وجدت أن الأول سوي منذ البداية (من أيام عهد الرفاق ودربهم الشائك فلا مشاركة في المقارعة والمعاقرة وأبعد ما يكون عن المكايدات الحزبية والاصطفاف الشللي والتعصب المذهبي والجهوي، وأما الثاني فهوا تعيس من يومه في عيشه الضنك (من أيام الصباء والاتراب علي محسن واسماعيل الشعيبي) إلى ولايته لتعز وشبهة المفرق إلا أنهُ حاول جاهدا أن يبني لنفسه ويحسن من خبرته وأدائه ويصنع لنفسه شأنا مهما بعد توليه الرئاسة لليمن كما كان جيد الاستماع للأخر متقبل للنصح ولهُ أفضال كثيرة وعديدة على بعض الأفراد والنخب (وربما أنا واحد منهم) إلا أنه أهمل في بعض الاوقات مصالح الشعب والوطن عموما والأخطر أنه عمل وسعى للتوريث.
يبتز هادي الجميع: بأن يعين ذوي القربى والمقربين وأصحاب الولاءات الشخصية ومن جماعة ومنطقة معينة ومحددة خاصة التعيينات في الجانب العسكري حيث وجدتُ بعض الأصدقاء من ابين يسخروا من مقولة الأبينة بدلا من السنحنة ليقولوا لي هي اللودرة بل وأكثر من ذلك هي في جزء بسيط منها يكاد يكون محصور في أسرته التي لم تغادرها ثقته بعد إلى الفضاء الأوسع والأجمل !؟
والجميع يبتز هادي: ونقصد بذلك الاطراف المؤتلفة في السلطة والقوى الأخرى خارجها فبعض قيادات المؤتمر وحلفائه يبتزون هادي بالتحريض عليه ومحاولة عرقلة المرحلة الانتقالية الجارية في البلد وتعطيل النقل السلس للسلطة من خلال تواجد عناصر كثيرة من مؤيدي النظام السابق في معظم مفاصل الدولة ومؤسساتها الهامة وكذا بممارسة السلوك الانتهازي في الحياة السياسية والدفع بالمظاهر الغوغائية في الشارع ومرافق العمل ونشر مظاهر الفوضى والتسيب والاهمال في الجهات والمؤسسات كافة والتشجيع بل التحريض على قطع الطرقات والتخريب لمصادر وموارد التمويل الحيوية للحكومة وللخدمات الأساسية للمواطنين ليخلق حالة تذمر قصوى بين صفوفهم ويجعلهم يقارنوا بين العهد السابق والحالي لصالح الأول لمآرب برجماتية تتعلق بالانتخابات القادمة كما يرفضوا قانون التدوير الوظيفي وأبعاد عناصرهم الفاسدة في قيادة مؤسسات الدولة الحيوية المدنية والعسكرية كما ويضغطوا مجددا وكثيرا لتعيين المزيد من العناصر المجربة والفاسدة لمزيد من لتخريب للخدمات وللعملية الاقتصادية والتنموية بل وتخريب المرحلة الانتقالية برمتها، وفي الطرف الأخر تأتي القوى والمكونات التي أشعلت الثورة أو ساندتها وقد أصابها الوهن إلا أنها صاحبة المصلحة الحقيقية في انتصار الثورة وانجاز مهامها اللاحقة بما فيها استكمال عملية التغيير والانتقال السلمي للسلطة..
ومن هذا المنطلق تريد أن تأخذ فرصتها الحقيقية في التصدي لتلك المهام الكبيرة والمعقدة بفرض رؤيتها المنهاجية وأليتها البرامجية في عملية التغيير وكذا حصصها في قائمة القرارات والتعيينات إلا أن اختلافها في هذا الجانب جعلها تعكس ذلك في ممارسة العديد من الضغوطات على هادي، وهذه القوى التي اتفقت وتوحدت لإنجاز المهام والأهداف الأولية للثورة وكونها متعددة التوجهات ومتنوعة المشارب فقد اختلفت في الروى والمواقف في عملية البناء للدولة وبالتالي فهي (جميعها ) تضغط على هادي لفرض أولوياتها ورؤيتها المليئة بالنرجسية الحزبية والتشيع الحزبي العقائدي..
كما أن هناك قوى وأطراف أخرى من خارج هذه الدائرة المؤتلفة في الحكم مثل مكونات المجتمع المدني عموما وخاصة مكونات النساء والشباب المستقل الذي يتهم الجميع بالتآمر عليه وسرق ثورته وكذا تيار الحوثي في صعده وما جاورها وفصائل الحراك الجنوبي وخاصة الفصيل العنيف الذي يطالب بفك الارتباط بالقوة.. وجميعهم لهم العديد من المطالب لدى هادي إلا أن جميعهم يستخدم وسائل الضغط (الابتزاز) للإسراع بإنجازها اذ أن كل طرف فيهم يصر أن الاولوية لمطالبه وحقوقه في ظل قدرات محدودة للدولة، نعم هناك أطراف تضغط على هادي لدورها في الثورة التي أوصلته لكرسي الحكم وتفرض رؤيتها في المحاصصة وأطراف أخرى بالضغط عليه بأعمال بتصعيد أعمال الفوضى والتخريب وأخرى ثالثة بالحشود والاعتصامات ورابعة برفع شعارات حقوق الجرحى والوفاء لدماء الشهداء الزكية وأرواحهم الطاهرة وأخرى لدورها في الحماية والمناصرة، كما أن هناك قوى الثورة المضادة المختلفة من الفاسدين ورموز العهد السابق وغيرها تضغط عليه تارة بالمناورة وأخرى بالتمسيك بمواقعها القديمة ورفض الشرعية الجديدة إلا أن تفرض شروطها بقبولها للإزاحة ويتم ترضيتها بأموال طائلة من الخزينة العامة والشعب يعاني من ضنك العيش وسوء الخدمات وتضخم الاسعار وهذه تحديدا هي أبرز أخطاء هادي التي تؤخذ عليه !؟.
إذا كان ولا بد من صرف تلك الأموال الطائلة لمواجهة قرارات الإزاحة للقيادات العسكرية والمدنية بناءً على بنود المبادرة الأممية ولإنجاز عملية التغيير الجارية في البلد فلماذا لا يتم مواجهتها من مصادر خارجية تغطيها الدول العشر الراعية للانتقال السلمي للسلطة؟.
وهادي يبتز الجميع.. : فهوا يبتز جميع الفرقاء في الساحة الوطنية مستغلا الصراع وعدم الثقة بين فرقاء الأمس وكذا الخلاف والتناقض بين شركاء الأمس في الثورة والتغيير اللذين أصبحوا هم أيضا فرقاء اليوم لكلا منهم وتوجهاته وأولوياته المختلفة وهي القوى صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير إلا أن هادي هو صاحب الشرعية التوافقية وهو من يصدر القرارات ويوقع عليها !؟
بينما كان يفترض انها شرعية الواقع الثوري الجديد الذي لا وجود فيه للرؤى القديمة للنظام السابق التي أفسدت الحياة السياسية والاقتصادية لثلاثين عام مضت، وهو يضغط على الشعب اجمالا بعدم مغادرته نهائيا المربع القديم للنظام السابق باتجاه الانحياز الكامل للكادحين ومراعاة مصالح أهله وأسرته الكبيرة (اليمن) ليتقوقع على نفسه وينغلق في أسرته الصغيرة في الستين وقريته (ذكين الوضيع ) ويختزل الشعب اليمني بأكمله بأعداد قليلة من المجموعات والتكتلات والأفراد، وأولئك النفر مهما بلغت أهميتهم وقوتهم وتأثيرهم فلا يعني ذلك تمثيلهم للشعب بأكمله ومصالحه كافة، بل انه يكاد لا يغادر اسرته الصغيرة (بيت المارمي ) في هذا الجانب، نعم هو يصادر وطن بحجم وكبر اليمن ويختزله بقرية صغيرة فيه تدعى ذكين !؟
ويظل يحكم (تحت تأثير مخاوف كامنة فيه دون مبرر يذكر) بمضمون وأسلوب العهد القديم الذي تأثر بهِ أيما تأثير (كما يقول انصار العهد السابق نكاية بالثوار الشباب) أو كما قال لي شاب ثائر من الساحات في عهد قريب (هل هي ديمه خلفنا بابها؟)، وفي ذلك يقول الشباب الثائر ايضا (نريد الرئيس هادي أن يكون هو الأصل الذي يقود التوجه والعهد الجديد ويهدي المسير إلى الأفاق الرحبة للثورة ولا يكون نسخة مقلدة من النظام السابق لأن العادة جرت أن يكون الأصل دائما هو الأفضل من التقليد وفي كل الظروف والمناسبات ولا عزاء أو مستقبل للمقلدين في اليمن الحر الجديد ).
والجميع يبتزهُ: مثل بعض الأطراف بفعاليات الحراك الجنوبي التي تصعد أو تخفف من نشاطها حسب شروط وأليات العرض والطلب وتمويل فعالياتها، هي العوامل المؤججة التي تحكم سوق الارتزاق والمقايضة التي تبتز رغبة هادي في حرصه الشديد على حضور شعب الجنوب وتمثيله له في تواجده في حضرة ومقام اليمن الكبير وتناسى هادي انه الوطن الذي قال فيه المولى عز وجل أنها بلدة طيبة ورب غفور قال الله تعالى: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور (15) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (16) وليس في ذلك أدنى دلالة للغة ترهيب أو وعيد بل هو العتاب والاشارة إلى الجحود والنفاق من البعض، والأهم هنا هو التوجه الصادق والنية في العمل أما عن أطماع الثروة فهي متوفرة في الشمال أكثر من الجنوب في جوف الجوف ومارب الذي يحتوي على ثلث مخزون العالم الاستراتيجي من النفط والغاز وثروات الذهب والمعادن في حجة والمحويت ومحافظة صنعاء وكل شيء متوفر من الثروة في الباطن إلى المزايا في الظاهر، موقع متميز وممر مائي متحكم وطبيعة آسرة وخلابة وجاذبة لموارد السياحة والزراعة في اب وذمار والحديدة الخ، أم أن المطلوب هو مندوب سامي يضرب على ايدي الجميع ورؤوسهم؟.
عن أسرة عفاش: العميد أحمد علي ليس بمتمرد على الشرعية القائمة ولا يرفض القرار الأخير بتعيينه سفير (وكذلك والده )للأسباب المسربة عن عمد والمعلنة عن قصد، هو لا يخشى النفي أو أنه يريد البقاء في الداخل حتى يتمكن من الاعداد لانتخابات 2014م الرئاسية..الخ، فذلك أبعد ما يكون عن تفكيره وكل ذلك وهم وسراب وأسرة صالح هي أول من يعلمه ولكن السبب الحقيقي والخفي للتردد في السفر والتنفيذ هو الخوف الذي يكمن في نوع أخر من المظاهر وهو ( الخوف من أن ينفض الجمع من حوله..ويغادرهم الحلفاء المصلحيين والمؤيدين القدامى والجدد عن الآمال الموؤدة باتجاه العهد الجديد المنتصر كما فعلوا في يوم (21مارش2011م ) ذلك اليوم الذي بتداعياته المتسارعة والمخيفة ترك أثرا بالغا في النفوس ومازال يشكل كابوس مرعب يخيم على احلام اليقظة والمنام لأسرة عفاش.
هذه الثورة يا سيادة الرئيس.. أعمق، وأجمل، وأعظم من أن تختزل بمجرد تغيير حاكم.
أخي الرئيس: هذه الثورة وعملية التغيير هي التي جاءت بكم إلى سدة الحكم وكرسي الرئاسة ولا بد لكم أن تعوا ذلك جيدا حتى تتمكنوا من تحديد توجهاتكم بدقة ومن الالتزام والايفاء بالأمانة التي قبلتم ان تتحملوا أعباها بكل شرف وشجاعة، لذلك يأُخذ عليكم من شباب الساحات وأحرارها استجراركم لأسلوب صالح في الحكم وفي الخطاب والاداء مع أنكم رئيس توافقي انتقالي إلا أن من يرصد أدائكم للفترة الماضية يلاحظ أن العمل من اجل التمديد يأخذ الكثير من جهدكم ووقتكم الذي يفترض ان يكرس لصالح الشعب في التخفيف من معاناته في ظل عدم توفر الخدمات الأساسية التي بغيابها ينتفي العيش الكريم فما بالكم ببقية الحقوق 1؟ - فنهج التمديد هنا يعادل أخطاء التوريث في عهد صالح – كما يلاحظ تدخل أبنائكم ناصر وجلال في اعمال الحكومة وشؤون الحكم وتسيير شؤون الدولة وربما يكون ذلك أحيانا بتفويض منكم خارج القانون وذلك يتنافى مع مواد الدستور وصلاحياتكم المخولة بموجب المبادرة الأممية واليتها المزمنة لانتقال السلطة كما أنه يشكل مساس بالحقوق الإنسانية والوظيفية للأخرين؟ وهي ايضا ذات الأخطاء الجسيمة للعهد السابق!؟
يستنتج من ذلك وغيرها من الاجراءات المتخذة من قبلكم دون اصدار مراسيم قانونية معلنة بها مثل تعيين أحد أبنائكم في قيادة الحرس الخاص وتكليف نجلكم جلال بالتواصل مع الوزراء والمسؤولين في الدولة ليأمر وينهي دون أن يكون ذي صفة ! فذلك أمر جلل ينبى بالسوء مبكرا على غير نهج سلفكم الذي لم يقدم على عمل كهذا إلا متأخرا بعد أن تم إفساده في هذا الخصوص من بطانة السوء.. فهل بكًرة بطانتكم في فعل ذلك؟ وكان الأجدر بكم تعيين نائب لكم أو أكثر ويفضل أن يكون من المحافظات الشمالية حتى تتوازن طرفي المعادلة وفي ذلك تتجسد كثير من المصالح العامة ويتعزز أمن الوطن وأمنكم الشخصي حيث أن تحقيق ذلك يمنع المغامرين من استهدافكم لغرض افشال الانتقال السلمي للسلطة من خلال ايجاد فراغ دستوري في البلد بغياب الرئيس.
لابد لنا ان نشاهد ونلمس بناء نظام جديد شفاف في تعامله مع الشعب وعادل في حكمه لليمن يبني الوطن ويرفع من شأنه عاليا ويعزز اللحمة الوطنية بين ابنائه وإلا فليقل لنا هادي لماذا قامت الثورة ولم يتم التغيير المطلوب، الثورة اليمنية التي انطلقت الإرهاصات الأولى لها في مطلع فبراير 2011م والتي خرج الشعب اليمني في جميع ساحات اليمن للمطالبة بإسقاط النظام السابق والسعي إلى تحقيق طموحات الشعب وأهدافهم في بناء اليمن الجديد لم تنجز لاستبدال شخص بأخر (وليس من أجل تغيير الرئيس صالح أو هيكلة الجيش فحسب وانما لكسر حاجز الخوف و الصمت.. الخوف من الخروج للشارع و الخوف من الكلام ومن الرفض والخوف من مواجهة الطاغوت والظلم وإشاعة ممارسة الحرية والديمقراطية الحقة، الحرية في أن يقول الشعب كلمته أن يقول لا للحاكم المستبد دون تردد أوجل وهي فكرة الرفض، التي كانت مرفوضه في السائد من الثقافة سواءً في البيت أو في أعلى السلطة السياسية، أن الأهم هو رفض ثقافة القمع و التجاهل والثورة عليها، أن الثورة هي الحدث الأبرز والغير مألوف من سابق.)
هناك قضية المحاصصة في التعيينات بشكلها الحالي المبتذل الذي لا يراعي الاقدمية والكفاءة إلا أنني مع قانون التدوير الوظيفي كما أنني مع القوى الثورية الجديدة التي قامت بالثورة وحملت أعبائها والقوى التي ساندتها وانتصرت لها والتي يجب أن تعمل على الدفع بأفضل كفاءاتها الفنية والادارية (وليست السياسية فقط) وكوادرها المؤهلة والقادرة على الانتاج والأبداع المهني إلى مستويات الادارة العليا لتتم المواجهة الفعلية مع الواقع القديم المعقد والعمل على تغييره وتتمكن من إرساء دعائم ومداميك العهد الجديد وتقديم نموذج افضل وصورة اجمل له عن العهد القديم كونها صاحبة المصلحة الحقيقية في صناعة ذلك التغيير وهي الأجدر لتحقيق الاهداف السامية للثورة وبناء المجتمع المدني والحديث، نعم أولئك هم من سيسعى لبناء مجد الوطن ورفاهية لأن المعطيات والحقائق في الواقع المعاش تقول بهذه النتائج، بينما توجهات هادي التوافقية (التي تساوي في الوقت الحالي بين الضحية والجلاد) لم تقدم حتى الأن جديدا في هذا الجانب تؤهله لقيادة التغيير القادم وقيادة الوطن نحوا الغد الأفضل (وكما هي المقدمات تكون النتائج).
أنني أقر واعترف بكل الفخر والاعتزاز بأنني من المدمنين للاستماع لاحاديث الثائر حميد حد التكرار والاعادة ومن المعجبين بشجاعته واقدامه على مواجهة الطاغية (وهو ذلك الملياردير الغني عن المواجهة والصدام) منذُ أن أعلن ثورته العلنية والصريحة في وقت مبكر من الزمن سبق فيه الجميع (من نخب وأفراد ومنظمات واحزاب وهيئات وقادة سياسيين وعسكريين ومدنيين ونشطاء مجتمع مدني عامة) وعبر شاشات القنوات الفضائية العالمية والمقابلات الصحفية ولم يكتفي بالمواجهة والنقد في الكواليس وحديث المقايل كما يحلوا لبعضنا أن يفعل.
ولمن لا يعلم فان اللواء الجائفي هو أكثر الضباط في الجيش اليمني مهنية وانضباط وهو أحد أهم الأبطال الحقيقين لمجريات حرب 1994م وهو ايضا صمام أمان القرارات الأخيرة والفترة القادمة بأذن الله وتعلق عليه الآمال مع رفاقه العظام للانتصار لأحلام الكادحين في الوطن.
لماذا إعطاء كل هذه الأهمية للحوار في وثائق وأدبيات المبادرة الاممية الخليجية وربط مصير ومستقبل اليمن بمقرراته فقط؟ دون وضع البدائل الأخرى للعلاج؟ولمخاطر ذلك المسار الوحيد دعونا نطالب أن يكون الحوار بمن حضر حتى لا تمارس بعض القوى الانتهازية مزيد من الابتزاز لليمن وأهله..الحوار بمن يحضر حبا ووفاءً لليمن وشعبها الحوار لمن يرغب في التأسيس لليمن القادم الحديث المزدهر، ودعونا نقول ان الحضور طوعي و تطوعي وبدون مقابل مادي أو معنوي وسنرى حينها كيف ينصرف عن الحوار المدعين بالشعارات الزائفة والمتهافتين على موائد المؤتمر العامرة ودولاراته الجاذبة ويبحثون عن أعذار واهية لتبرير الانسحاب المفاجئ كما يفعل حاليا الصريمة ومن تبعه ووالاه..
كما نرى أن الأفضل للرئيس هادي ولنا أن يركن لغالبية قوى المجتمع المدني (الفئة الصامتة ) التي يمكن لها ان تكون فاعلة أن هو أحسن التعامل معها وعمل على نهضتها سعياً لتحقيق مطالبها في الغد الأفضل وبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات والقانون..عوضا عن التقرب للأفراد والنخب الأنانية والخضوع لابتزازها.
لست من أنصار باسندوة ولا تربطني به أي علاقة من أي نوع لاعن قريب أو بعيد ولكن هل المطالبة بإزاحته وحكومته هو رغبة وتوجه رئاسي أم هي ضغوطات عفاشية من قوى الماضي والفساد المتربصة بهِ ثم اليس هو من عانى ويعاني (أكثر من غيره) من أعباء التركة الثقيلة وكذا المواجهات الحتمية مع الغوغائية المدفوعة من قوى الثورة المضادة والمعروفة لدينا جميعا والتي تراهن على افشال عهد هادي في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة، نعتقد أن الأجدر بهادي تعزيز الحكومة القائمة بنائبين لرئيس الوزراء يِعينوه على أعباء أعمال ومهام الحكومة في الجوانب الداخلية والخارجية.
معظم المراقبين الداخليين والخارجيين لاحظوا ذلك الأسلوب الرفيع لهادي الذي تميز به وأبدع فيه وهو أسلوب التسريبات الاعلامية كوسيلة فاعلة وناجعة لتوصيل رسائل خاصة للداخل والخارج بعضها محذرة وأخرى للتطمين إلا أنني أكثر إعجابا بما يلي تلك الرسائل من سلوك مهذب و نبيل وراقي لهادي في نفيه لصحة تلك التسريبات فهوا لا يهدف من تلك الرسائل (خاصة المحذرة منها ) توجيه أي اهانات شخصية للأفراد بل التنبيه والتحذير من تصرفات متشنجة ومغامرة يراد لها أن تلحق أكبر الأضرار بالوطن وأهله كما أن لها تبعات خطيرة لذلك تجدهُ بعد أن تحقق تلك الرسائل مبتغاها يحرص على نفيها بتسريبات اخرى لجبر الأضرار المحتملة وتطييب الخاطر، فلا كيد ولا ضغائن ولا مؤامرات ولا إقصاء أو تغييب مادي أو معنوي للأخر كما كانوا يفعلون بخصومهم في العهود الماضية المليئة بالمؤامرات والدسائس، أنه جهاد النفس في عدم التشفي والانتقام، وحسنا فعل.
• هذه الثورة يا فخامة الرئيس.. أعمق، وأجمل، وأعظم من ان تختزل بمجرد تغيير حاكم.