كانت مجرد حركه تنظيمية أطلقت على نفسها (الشباب المؤمن)وكان من أبرز مؤسِّسيها بدر الدين الحوثي، وكان نشاط هذا التنظيم في بداياته فكريًّا يهدف إلى تدريس المذهب الزيدي.
وحين حدثت الوحدة اليمنية وفتح المجال أمام التعدُّدية الحزبية، تحول اتحاد الشباب المؤمن إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي -وهو ابن بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، وحصل على مقعد في مجلس النواب ،ولكنه مالبث أن انشقَّ عن حزب الحق، وكوَّن جماعة خاصة به، في تلك الفترة حصل انشقاق ومنافَرة بين علماء الزيدية من جهة وبين بدر الدين الحوثي من جهة أخرى؛ بسبب آراء الحوثي المخالفة للزيدية؛ فأصدر حينها علماء الزيدية بيانًا تبرَّؤوا فيه من الحوثي وآرائه.
عندها اضطرَّ الحوثي للهجرة إلى إيران، وعاش هناك عِدَّة سنوات تغذَّى فيها من المعتقد الصفوي وازدادت قناعته بالمذهب الإمامي الاثني عشري، وفي عام 2002 ميلادية عاد الحوثي إلى بلاده، وعاد لتدريس أفكاره الجديدة والتي منها: لعن الصحابة وتكفيرهم، ووجوب أخذ الخُمُس، ،ودعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والحج إلى مراقد الأئمَّة، والطواف حول قبورهم، وجعلها مزارات معظَّمة، وغير ذلك من الشِّركيات التي هي من صميم مذهب الشيعة الرافضة.
تأزَّم الموقف تمامًا، وتحولت هذه الحركة إلى عصابات إجراميه،تقتل هذا ،وتبيح دم هذا،وتشرع القوانين والشرائع الجديده ،والتي ما شهدها المسلمون على مر التاريخ.
حتى أصبح تمردهم واضحاً، ومواجهتم وقتلهم للابرياء ظاهراً وصريحاً، بل وصار وجودهم يهدِّد اليمن كلها، وليس مجرَّد الانفصال بجزء شيعي عن الدولة اليمنية.
فأعقب ذلك قيام الحكومة اليمنية بشنّ حرب مفتوحة على جماعة الحوثيين الشيعية، وقد كانت هذه الجماعات الشيعية سلحت نفسها سرًّا قبل ذلك بشكل جيد؛ حيث تمكنت من مواجهة الجيش اليمني على مدار عدة سنوات،أسفرت هذه الحرب قتل رأس التمرد حسين بدر الدين الحوثي،و كلَّفت بلاد اليمن آلاف الأرواح وخسائر مالية كبرى. وبعده تولى قيادة الحوثيين بعد مقتل حسين الحوثي أبوه بدر الدين الحوثي.
و ممالايستوعبه العقل ،أو يفسره المنطق.
كيف يمكن استيعاب أن جماعة قليلة متمرده في إحدى المحافظات اليمنية الصغيرة يمكن أن تصمد هذه الفترة الطويلة دون مساعدة خارجية مستمرة، وعند تحليل الوضع نجد أن الدولة الوحيدة التي تستفيد من ازدياد قوة التمرد الحوثي هي دولة إيران، فهي دولة اثنا عشرية تجتهد بكل وسيلة لنشر مذهبها، وإذا استطاعت أن تدفع حركة الحوثيين إلى السيطرة على الحكم في اليمن، فإنّ هذا سيصبح نصرًا مجيدًا لها، وستحقق أكبر المآرب ،وستنجح في تمدد مخططها المزعوم،خاصة واليمن تشكل لها نقطة تحول وفارق كبير مقارنة بأكبر المعاقل المناوئة لليمن التي تسعى إيران للوصول إليها بكل وسيلة.
وليس هذا الفرض نظريًّا، إنما هو أمر واقعي له شواهد ومدلولات واظحه و كثيرة،
فالدعم الصفوي العسكري والمالي - كان من أهم الأسباب التي جعلت هذه الحركة تبرز على الساحة في سنوات قلائل، فضلاً عن الشعارات الرنَّانة التي كان يرفعها الحوثيون؛ كشعار "الموت لأمريكا"، وشعار "اللعنة لإسرائيل"، وغيرها من الشعارات الخدَّاعة والتي أكسبتهم تعاطفًا كبيرًا بين أبناء اليمن، وهذه إحدى الحِيَل الرافضية في كسب تعاطف الشعوب الإسلامية المقهورة. وهناك ايظاً بعض التحليلات التي تفسِّر استمرار التمرد بأن الحكومة اليمنية(أنذاك)كانت هي نفسها تريد للموضوع أن يستمر! والسبب في ذلك أنها تعتبر وجود هذا التمرد ورقة ضغط قوية في يدها تحصِّل بها على منافع دولية، ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن تعطي هذه الجماعة شأنًا ولا قيمة، ولا تعتقد أن هناك مشاكل ذات بالٍ يمكن أن تأتي من ورائها.
وبعيدًا عن التحليل السياسي والمشهد العسكري لابد أن نقف تجاه حقيقة هذه العصابات الباغية مع أصلها ونشأتها، وأهدافها وعقيدتها ؛ ليتَّضح لنا بعد ذلك الصورة الكاملة لهذه الحركة المشبوهة.
فمن الخطأ البيِّن أن يُنْظَر إلى هذه الحركة على أنها حركة سياسية معارِضة تطالِب بحقوقٍ مسلوبة فقط، ومن الخطأ البيِّن تنحية البعد العقَدي في حديثنا عن هذه الحركة الشيعية الباطنية، أو أن نفصل هذه الحركة عن مخطَّط التمدُّد الشيعي على البلاد الإسلامية؛ فالميل العَقَدي للشيعة الاثني عشرية قد ظهر على حال مؤسسي هذه الحركة وأقوالهم.
ومن الخطأ أيضًا نسيان تاريخ الحركات الشيعية التي عانى منها المسلمون عبر تاريخهم؛, وأدخلت أهل الإسلام في صراعات داخلية مريرة، فما هذه الحركة إلا امتدادٌ لتلك الحركات الباطنية جاءت استجابة للصوت الصفوي.
وأخيراً
وبصرف النظر عن الأسباب والتحليلات فالمشكلة ما زالت قائمة، والوضع فيما نراه خطيرأ ومتأزماً، والأفاعي الصفوية ما زالت تتحرَّك وتنفث سمَّها هنا وهناك ، ووجب على اليمن أن تقف وقفة جادة مع الحدث، ووجب عليها كذلك أن تنشر الفكر الإسلامي الصحيح؛ ليواجه هذه الأفكار المنحرفة، فالفكر لايحارب إلابفكر ،والسلاح لايقاوم إلابسلاح ،وأن تهتم اهتمامًا كبيرًا بهذ المنحرف الخطير الذي سيعود وبالاً وشوماً على كل يمني وبدون أستثناء، وإلاّ أحاط المشروع الشيعي بالعالم الإسلامي من كل أطرافه، والأهم من ذلك أن يُعيد شعب اليمن حساباته وعلى رأسهم (من يملكون زمام الأمور داخل البلد)أن ينظروا إلى مصلحة اليمن، وأن هذه المصلحة تقتضي الوحدة، وتقتضي الفكر السليم، وتقتضي التجمُّع على كتاب الله وسُنَّة رسوله، وعندها سنخرج من أزماتنا، ونبصر حلول مشاكلنا.