أرشيف الرأي

حوار وطني شامل أم حوار 18 نفراً؟!‏

إن وطننا وشعبنا يمر حاليا بمرحلة فارقه أو انه يقف على مفترق طرق. ويتوجب على نخبه ‏السياسية أن تتروى قبل الإقدام على السير في أي اتجاه. فقد تقود اليمن إلى مهلكة أو تقوده إلى ‏طريق النجاة. وما دام والأمر هكذا فيجب عدم السكوت ويجب التنبيه من كل قادر عن ‏المخاطر المحدقة بالوطن والشعب. لان السكوت يعتبر جريمة ومشاركة في ما سيصيب ‏الوطن من مصائب ومحن لا قدر الله والتي أصبحت تُرى بالعين المجردة.‏

فالنوايا لبعض النخب السياسية أو القوى السياسية سيئة وهي تعبر عنها ليلا نهاراً وصوتها ‏يعلوا فوق كل الأصوات مما يعني أن الشر هو الأعلى صوتاً في هذه المرحلة من تاريخ شعبنا ‏ووطننا. وانه ما لم تتيقظ القوى السياسية الخيّره وتصحوا من سباتها فان قوى الشر والتخريب ‏والإجرام ستمرر مخططاتها وسيدفع الشعب والوطن ثمناً باهظاً نتيجة لذلك. وقد آليت على ‏نفسي ابراءً للذمه في هذه المرحلة الهامة من حياة شعبنا أن اعمل على دق ناقوس الخطر كلما ‏تطلب الأمر ذلك وان أنبه بالمخاطر المحدقة بالوطن كلما سنحت لي الفرصة. ولكي تتجلى ‏الأمور للقارئ فإنني افصّل القول فيما يلي:-‏

كما يعلم الجميع أن وطننا مر بظروفٍ صعبه خلال عام 2011م عندما خرج الشباب إلى ‏الميادين مطالبين بالتغيير نحو الأفضل ومنادين بسقوط رأس النظام والحكم العائلي. وقد نتج ‏عن ذلك انقسام الجيش والأمن بين مؤيدٍ لرأس النظام وبين مؤيدٍ للشباب وثوار الساحات. وقد ‏كادت البلاد تنجّر للحرب الأهلية نتيجة لذلك إلا أن الله سبحانه وتع إلى جلت قدرته تدارك اليمن ‏من الوقوع في تلك المأساة. وقد تدخلت دول الخليج العربي مشكورة وتقدمت بمبادرة لحل ‏الأزمة بين المؤيدين والمعارضين سميت بالمبادرة الخليجية. وقد استكملت المبادرة الخليجية ‏بالآلية التنفيذية المزمنة لها. وتم التوقيع على المبادرة واليتها في الرياض من قبل ممثلي ‏المعارضين للنظام والمؤيدين له. ‏

وتنفس اليمانيون الصعداء واستبشروا خيراً وخاصةً وقد تضمنت المبادرة والآلية الأسس ‏الكفيلة بالمحافظة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره. وقد صدر تعزيزاً لذلك قراري مجلس ‏الأمن رقم (2014) ورقم (2051) اللذين أكدّ فيهما مجلس الأمن وفي ديباجتيهما على التمسك ‏بوحدة اليمن وأمنه واستقراره. وقد تمت المرحلة الأولى للتسوية السياسية بتفويض رأس النظام ‏صلاحياته لنائبه وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ثم ما تلى ذلك من إجراء انتخابات غير ‏تنافسية لتزكية رئيس الجمهورية المنصوص عليه في المبادرة و الآلية. ثم بدأت المرحلة ‏الثانية للتسوية السياسية المتمثلة في الإعداد والتحضير للحوار الوطني الشامل المعني بوضع ‏حلول ومعالجات لمشاكل الوطن العالقة في ضوء نصوص المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ‏وقراري مجلس الأمن.‏

‏ وقد صدر قرار من رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة الفنية للإعداد والتهيئة للحوار الوطني ‏الشامل وقد بدأت اللجنة عملها ومن هنا بدء أول خروج عن النص من قبل (العيلوم أو ‏العرّيف) آو (مايسترو فرقة حسب الله للفنون الشعبية) والذي سيكون هو قبل غيره المسئول ‏عما ستؤول إليه الأمور في اليمن وما سيصيب الوطن من مصائب ومحن لا قدر الله. فقد ‏ارجع المؤرخون لصدر الإسلام كلهم السبب فيما حل بالمسلمين في الفتنة الكبرى وما تلاها ‏لشخص واحد كان هو قطب الرحى آو حجر الزاوية من وجهة نظر المؤرخين وهذا الشخص ‏هو (عبدالله بن سبأ اليهودي الصنعاني) وكما يقال في المثل(المخرب غلب ألف عمّار).‏

‏ أعود إلى موضوع الإعداد والتهيئة للحوار من قبل اللجنة الفنية فبدلاً من أن تلتزم اللجنة ‏الفنية في عملها بنصوص المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لها وقراري مجلس الأمن تم ‏الخروج عن النص بصورة فجه ووقحة وتم تحويل الحوار بين مكونات سياسية ومنظمات ‏مدنية ممثلة للمجتمع اليمني بكل أطيافه السياسية وشرائحه الاجتماعية على مختلف امتدادات ‏الوطن شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً ووسطاً تم تحويل الحوار على أساس مناطقي آو جهوي ‏شمالي – جنوبي.‏

‏ وكانت هذه أول مصائب ومخترعات (العيلوم أو العرّيف). وقد نبهت لهذه المصيبة في حينه ‏في مقالٍ تحت عنوان (مؤامرة اللجنة الفنية للحوار على وحدة الوطن وأمنه واستقراره) ‏ودعوت إلى تصويب أخطاء هذه اللجنة لكن كما يقال في المثل (يا فصيح لمن تصيح) أو طبقا ‏للقول المأثور (لقد أسمعت إن ناديت حياً....ولكن لا حياة لمن تنادي). وقد تم إقرار ما وضعته ‏اللجنة الفنية للإعداد والتهيئة للحوار على علاته وكما هو دون تصويب للأخطاء التي وقعت ‏فيها وكأن عملها تم برغبة ومباركة وتشجيع (أولي الأمر) ومن تحملوا المسئولية والأمانة. وقد ‏وضعت اللجنة الفنية للإعداد والتهيئة للحوار النظام الأساسي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل ‏ودست السم في العسل كما يقال في المثل. ‏

‏ فقد وضعت نصوصاً تبدو مطمئنه للغيارى على مصلحة الوطن. مثل (إن القرارات ‏المصيرية ستتخذ داخل فرق الحوار التسع وداخل الجلسات العامة لمؤتمر الحوار بالتصويت ‏الذي يقترب من حالة الإجماع) ففي المرحلة الأولى لإقرار القرارات الصادرة عن فرق الحوار ‏التسع آو الجلسات العامة لمؤتمر الحوار ككل فانه مطلوباً لإقرار ذلك نسبة 90% من إجمالي ‏أعضاء الحوار في الجلسات العامة أو داخل فرق العمل وفي المرحلة الثانية فالمطلوب 75% ‏من الأصوات. بمعنى أن أي فصيل سياسي أو جهوي أو صاحب مشروع خاص أو أجندة ‏خاصة لا يستطيع تمرير رغبته في وجود اشتراط هذه النسب العالية الموافقة على أي قرار ‏يتخذ داخل مؤتمر الحوار.‏

‏ لكن هذه اللجنة الفنية وبفعل (العيلوم أو العرّيف) دست نصاً في النظام الأساسي لمؤتمر ‏الحوار مفاده إقرار القرارات بالتوافق بين مكونات مؤتمر الحوار. وقد فهم أعضاء مؤتمر ‏الحوار وأنا كنت واحداً منهم عندما كنت عضواً في مؤتمر الحوار أن هذا التوافق هو توافق ‏جمعي لمجمل أعضاء مؤتمر الحوار الوطني ال (565) عضواً بمعنى أن ما يُزكيه مجموعة ‏أعضاء الحوار في الجلسات العامة أو داخل الفرق التسع ولا يعترضون عليه في القرارات ‏يعتبر انه تم إقراره بالتوافق، لكن (العليوم أو العرّيف) فسّر هذا النص بما يخدم غرضه ‏الخبيث في تخريب الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وهذا التفسير يعني توافق هيئة رئاسة ‏مؤتمر الحوار التسعة الأعضاء ورؤساء الفرق التسع بمعنى توافق عدد (18) عضواً من ‏أعضاء الحوار وهذا هو الخروج عن النص الأخطر في مسيرة الحوار، فالعيلوم أو العرّيف ‏يختزل مؤتمر الحوار وقراراته في هؤلاء النفر (الثمانية عشر).‏

‏ ولنا أن نتساءل لماذا تم تشكيل مؤتمر الحوار طالما والهدف هو توافق عدد (18) عضواً وأنه ‏الأساس الذي سيتم اللجوء إليه لإقرار مخرجات مؤتمر الحوار وما فائدة وجود عدد (547) ‏عضواً الأخرين في مؤتمر الحوار طالما والقرارات في الأخير سيتم إقرارها من قبل (18) ‏عضواً فقط من أعضاء مؤتمر الحوار وسيتم تهميش وإقصاء بقية أعضاء المؤتمر الذي ‏سيكون حضورهم في مؤتمر الحوار مجرد ديكور لا اقل ولا أكثر.‏

وقد وصل إلى علمي أخيراً من مصادر موثوقة انه خلال الجلسة العامة النصفية لمؤتمر ‏الحوار وفي نهايتها لم يتم إجراء أي تصويت على القرارات المتخذة، بل تم تغييب أعضاء ‏مؤتمر الحوار الوطني كلهم باستثناء ال(18) عضواً هم من اجتمعوا واقروا مخرجات الجلسة ‏النصفية بالتوافق فيما بينهم. فهل هذا يسمى حوار وطني شامل؟؟!!. أم تهميش وإقصاء غير ‏وطني شامل؟؟!!. ‏

أيها اليمانيون الوحدويون تنبهوا لما يُصنع داخل فندق موفمبيك من مؤامرة ضد وحدة الوطن ‏وأمنه واستقراره. فقد تفردّ عدد(18) نفراً باتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالوطن دون ‏حياء أو خجل بفعل مشورات ومخترعات (العيلوم أوالعرّيف) المسئول الأول أمام الشعب ‏اليمني وأمام الله سبحانه وتع إلى عما سيصيب الوطن من محن ومصائب لا قدّر الله. ‏

وسوف اختم كلامي في هذا المقال بأن أورد قصة العرّيف أو العيلوم في إحدى القرى كما ‏يروي ذلك القصاصون أو رواة الطرائف.( فالحكاية تقول إن إحدى القرى واجهت معضلة بأن ‏احد أثوار القرية دس رأسه في الزير الحاوي للماء ليشرب، فعلق رأسه في الزير!، وقد ذهب ‏أهالي القرية إلى عرّيف القرية وسألوه المشورة كيف يعالجون هذه المشكلة؟؟. فأشار عليهم ‏بقطع رأس الثور! فأخذوا بتلك المشورة فسقط رأس الثور داخل زير الماء!. فأصبحت هناك ‏معضلة جديدة هي كيفيه إخراج رأس الثور من زير الماء وعندما سألوا العرّيف أن يشور ‏عليهم، أشار عليهم بأن يكسروا زير الماء!. ثم حاول أهالي القرية إخراج جسد الثور من ‏المخزن الذي كان الثور موجوداً فيه. فلم يستطيعوا لصغر حجم باب المخزن. فأشار عليهم ‏العرّيف بأن يخربوا المخزن! وهكذا فقد تسبب هذا العرّيف أو العيلوم في خراب المخزن وقتل ‏الثور وكسر زير الماء!. والأغرب من هذا كله انه بعد هذه المصائب التي لحقت بالقرية من ‏جراء مشورات هذا العرّيف الغبي والشرير فقد انزوى هذا العرّيف أو العيلوم جانباً وأخذ ينهج ‏بالبكاء!. وعندما سأله أهالي القرية : لماذا تبكي؟!!. أجاب عليهم انه يبكي على حالهم لو لم يكن ‏موجوداً بينهم فكيف كان سيقع بهم لو لم يشير عليهم؟؟!. ‏

فلا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم اكفنا شر العيلوم أو العرّيف وشر فرقته (فرقة حسب الله للفنون ‏الشعبية) وشر من يدعمه أو يسهل الأمور له ويُمضي مشورته ومن يتعاون معه لتحقيق ‏أغراضه الدنيئة التي هي نفسها أهداف و أغراض عبدالله بن سبأ رمز الشر في تاريخ ‏المسلمين. اللهم آمين.‏

زر الذهاب إلى الأعلى