أرشيف الرأي

الجامعات اليمنية والمستقبل المظلم

في بداية كل عام دراسي جامعي يتوافد افواج الحالمين في تحصيل العلوم وتحسين اوضاعهم وتحقيق احلام لا يكون منطلقها الامن هنا, يأتون من قرى نائية لا يحملون سوى الاحلام واسمال تحوي اجسادا ضامرة ارهقها سوء المعيشة وضنك الحياة , يتوافدون يملاء صدورهم الامل في ولوج بوابة المستقبل ,الجامعة حيث تكون أو لا تكون. فما الذي يقابل شبابنا الواعد غير اسوار واسرار من الصد والمعضلات ,تغلق دون امانيهم ابواب القبول وتحرم تطلعات التغيير من الدخول في دنيا التأهيل .

مأساة تحدث كل عام دون محاولة تلافيها في اعوام لاحقة .عودة الآف الطلبة من ابواب الجامعة ليقذفوا بعيدا عن اسوارها بلا امل ولا رجاء في مواصلة تعليمهم الاكاديمي.

تعيقهم شروط قبول مثالية ومقاعد محدودة واختبارات تعجيزية يتم بعدها مفاضلة ليكون الافضل من له وساطة أو قدرة مادية على الدفع وفي الاخير يخرج الفقير المسكين الغيرقادر على دفع رسوم الموازي أو رسوم الجامعات الاهلية .

جامعاتنا الفاشلة بمناهجها المتخلفة وسياستها النخرة وفسادها المعروف تعتقد نفسها مثل جامعات الغرب وأمريكا تقوم برد الطلاب خائبين كأنهم ليسوا اهلا لدخول صرحها العظيم ولو كان لدينا بديل غيرها ما طرق ابوابها الشحاذون .

والله انه من المخجل ان نصر على تسميتها بالجامعات وهي تفتقر لابسط مقومات الجامعة فلا كادر مؤهل بشهادات حقيقية بل مزورة ولا اهتمام بهذا الكادر الذي يترك التعليم ويرحل باحثا عن رزقه هنا أو هناك تاركا خلفه النطيحة والمتردية من المتنفعين من وراء مخصصات الجامعة أو ما يجبى من رسوم .

وكما عطلنا جامعاتنا من المبدعين وهاجروا ليبدعوا بعيدا عن مستنقع اليمن هاهي الجامعات ترد طلابها من الابواب وتفرغ اليمن من طاقتها الشبابية الواعدة وهم امل المستقبل ولا مستقبل بلا تعليم جامعي حقيقي. ان جامعة صنعاء مثلا مازالت هي تلك الجامعة التي بنيت في السبعينيات من حيث سعة قاعاتها ومرافقها بقيت كما هي على نفس النمط فلم يحاول توسعة قاعاتها لتتناسب مع الزيادة الكبيرة للطلاب وبالتالي جامعات المحافظات التي كانت مجرد فروع واستقلت لتكون جامعات مصغرة لجامعة صنعاء الام .

فمتى يعاد للتعليم الجامعي كرامته وتهتم دولة الثورة بالانفاق عليه وتعمل على الارتقاء به وهو بوابة المستقبل وعزة الامم ؟ متى يجد الطالب بغيته في تعليم ممكن وجيد بدل التزفير خارج الجامعات لعدم وجود قدرة استيعابية لكل تلك الاعداد أو امكانيات لبناء واستحداث كليات ومباني جامعية وما يلحقها من كوادر ومنشئات, إلى متى يظل التعليم في اخر سلم اولويات الدولة .

هذه هي الطامة المضحكة المبكية فدولة بكل نسبة تعداد شبابها من مجمل السكان لا تستطيع استحداث جامعات أو كليات تستوعب اعدادهم المتزايدة ناهيك عن اعدادات لما تستلزمه كل كلية أو قاعة دراسية من من لوازم تعليمية ومعملية . والطالب اليمني هو الوحيد في العالم الذي يتلظى بين نار رسوم التعليم الموازي ونار رسوم الجامعات الاهلية ولن ينجو من احدهما أن اراد مواصلة تعليمه الجامعي .

فلمصلحة من ينحدر مستوى التعليم لدينا و إلى اين يذهب ابناء غير القادرين على التعليم الاهلي وهل من العدل ان يحصل على مقاعد الدراسة في الجامعات الحكومية والمنح الدراسية للخارج هم القادرون على الوساطات وابناء النافذين والاغنياء والمسؤولين , ليحرم الفقير والمعسر حقه في حياة كريمة وحقه في الحلم بتغييرها؟

زر الذهاب إلى الأعلى