الطرف الذي يتمنى استمرار الحرب في دماج وعدم توقفها هو أعضاء اللجنة الرئاسية المكلفة بحل النزاع وإنهاء الصراع، فلو كانت هذه اللجنة جادة في مساعيها لرفعت تقاريرها أولا بأول فهي مكلفة من أعلى سلطة في البلد، الرئاسة، لحل النزاع فورا وليس لإطالته، بمعنى أنه ليس عليها إلا البلاغ وذلك متمثل في إبرامها لوثيقة يتوافق على بنودها طرفا الصراع ثم تمهرها بتوقيعيهما ثم تبدأ بالتنفيذ ومن يخالف ما اتفق عليه أو يعرقل يتم الرفع به مباشرة بعد تحذيره، بل وتعقد مؤتمرا صحفيا توضح فيه للرأي العام حقيقة ما جرى وما يجري في صعدة وبشفافية مطلقة وبالمقابل تتخذ الجهة المسؤولة التي كلفتهم الإجراءات اللازمة، هذا الذي كان من المفترض أن يعتمل به، أما أنها تعقد دوري بطولة صعدة ما بين ذهاب إلى دماج وإياب إلى الحوثيين وركلات ترجيح في بيت فارس مناع فذلك ما لا يقبله عاقل ولا يفترض أن يقوم به جاهل.
دخلت الرئاسية شهرها الثاني منذ تكليفها دون تنفيذها لنقطة واحدة مستوفية الشروط ولا تشوبها الخروقات والعيوب وما زالت إلى اليوم تمارس فشلها وتروي قصصا حية عن ضعف وفشل المبعوث وقلة حيلة وإرادة الباعث كون المبعوث (اللجنة الرئاسية) يستمد قوته من الباعث (رئاسة الجمهورية)، حتى أن المهمة الرئيسية التي أرسلت اللجنة من أجلها وهي حل النزاع لم تعد هي ما يشغلها أو ما تسعى إلى إحلاله وفرضه، بل تحولت مهمتها من جهة فارضة إلى جهة متملقة مترجية للقيادات الحوثية (أحد طرفي الصراع) صباح مساء من أجل السماح لهم إما بالدخول إلى دماج أو الخروج منها أو التحرك يمنة ويسرة وبالرغم من الترجيات والإلحاحات والتوسلات فإنهم – أعضاء الرئاسية- لا يسلمون من وابل الرصاص الذي تمطرهم به مليشيات الحوثي بعد سماحها بدخولهم دماج أو أي مكان آخر يتواجدون فيه، لتتحول مهمة اللجنة من مغيث إلى مستغيث ولسان حال أبناء دماج يردد المثل المصري "فرحنا بعبدالمعين يعينا أتاري عبدالمعين يتعان".
ولا تظنوا أن مهمة اللجنة توقفت عند ما ذكر آنفاً وليتها فعلت حتى تحفظ ما تبقى من ماء وجه الرئاسة والرئيس بل سعت لتعزيز فشلها في صعدة بلجنة جديدة من البرلمان اليمني، وبالفعل فقد عُززت الرئاسية بالبرلمانية لتلتقي السلطة التنفيذية بالتشريعية حتى يكون الفشل فشلا مزدوجا في مزاوجةٍ القضيةُ برمتها في غنى عنها، ثم عززوها بثالثة الأثافي وهي اللجنة الشعبية، والمثل بيقول "إذا كثروا الديكة ضاع الفجر"، وبعد هذا التعزيز العظيم افرزوا وعلى بركة الله ما يسمى بالمراقبين وما أدراك ما المراقبين في خطوة يسعون من خلالها إلى نشرهم على مواقع النزاع المطلة على دماج، وقصة هؤلاء المراقبين قصة ؛ فعندما عزموا على نشر المراقبين وانطلقوا بهم في اليوم الأول أوقفهم الحوثيون في أحد المواقع التي يريدون الانتشار فيها وأهانوهم وطردوهم، طردوا من؟ طردوا الرئاسية والبرلمانية والشعبية والمراقبين!! غير مكترثين للسلطات الثلاث أو من تمثل.. ثم تكرر المشهد في اليوم الثاني، ليأتي الثالث بقبول جزئي من الحوثيين لنشر المراقبين وبعد نشرهم ومغادرة اللجنة شن الحوثيون وابلا من الرصاص على المراقبين ليفروا ويختبئوا في خنادق أبناء دماج!! من المختبئ؟ المراقبون! وممن؟ من المراقب عليهم!! ليكتمل المشهد بقيام الحوثيين بقصف دماج من المواقع التي يتواجد فيها أولئك المراقبون المساكين المكلومون وعلى مرأى منهم ومسمع.
إذا بربكم لجان هذا حالها، ومراقبون لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، وحكومة نائمة في العسل، كيف ننتظر منهم حلاً للقضية؟ كيف ننتظر منهم إنهاء صراع بين طرفين أحدهما هو الآمر الناهي على هذه اللجان ولا يستطيعون مخالفة أمر هذا الطرف الذي هو الحوثي؟
ومع ذلك فما زالت اللجان بسلامتها ماكثة ثابتة صامدة في صعدة وأعتقد من وجهة نظري أن سبب مكوثها في صعدة بالرغم من علمها بفشلها هو ليس من أجل إنهاء الصراع بل الحقيقة هي من أجل استمراره وكيف؟ الجواب هو أن توقف الحرب وانتهاء الصراع يعني بالضرورة توقف ضخ المستحقات اليومية والمقدرة بمئات الآلاف التي تضخ يوميا لجيوب أعضاء الرئاسية والبرلمانية الموقرين، وللإنصاف ؛ بربكم من ذا الذي يسعى لقطع رزقه بيده؟ افهموا "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، حرام لو ما يقرحها إلا أعضاء اللجنتين إذا افترضنا جدلاً أن طرفي الصراع (سَدُّوا) وأنى (يسدُّوا)؟!!.