الحوار قيمة إنسانية ودينية وضرورة اجتماعية ووسيلة حضارية لا يختلف عليها العقلاء، ومن المعلوم أن المقدمات الخاطئة للحوار تؤدي إلى نتائج خاطئة، وليست كل مقدمات الحوار خاطئة ولا كل نتائج الحوار خاطئة أيضا..
وكل ما كان صحيحا منها يمكن أن يحقق مصلحة الوطن والمواطن فأنا أقبله يقينا وما كان خاطئا ودلت الكثير من المؤشرات أنه لن يحقق مصلحة الوطن والمواطن أو يضر بهما فأنا أرفضه يقينا وقد سجلت عليه بعض ملاحظاتي على صفحتي هذه وفي مواقع أخرى، وكل ذلك يعبر عن موقفي ورأيي الشخصي أضعه بين يدي الجميع وليس ملزما لأحد ولا أصرُّ على التمسك بآرائي ومواقفي عندما تقنعني الحجة بخلاف ذلك، لقد نقدت وبينت وعارضت بعض مخرجات الحوار بشدة في فترة انعقاده فذلك هو الوقت المناسب..
أما بعد اختتام مؤتمر الحوار والتوقيع على وثيقته النهائية فإن منطق العقل يحتم عليّ أن أحتفظ بتلك القناعات لنفسي وأدعها للزمن يثبت صحتها أو خطأها، وأن أقبل نتائج الحوار كاملة بحكم الأمر الواقع احتراما لإجماع المتحاورين والإجماع الشعبي الصامت بغض النظر عن كيفية حدوث ذلك الإجماع وإلا فما معنى الحوار وما معنى الديمقراطية إن لم نحترم رأي الأغلبية خاصة في مثل هذه الأمور التي يترتب عليها مصلحة الوطن والمواطن، فالمصلحة العامة اليوم توجب على الجميع القبول بوثيق الحوار والعمل على إنجاحها، وبغير هذا لن يصل الناس إلى حل ولن يجني المجتمع سوى مزيدا من الصراع والفوضى وضياع الحقوق..
فالوثيقة إذاً ملزمة للجميع والخروج عليها لا يخدم الوطن ولا المواطن على الإطلاق، إن مغامرة القوى السياسية المتهورة وإجماعها من خلال وثيقة الحوار على تفكيك الجمهورية اليمنية وتحويلها إلى دولة اتحادية فيدرالية ومباركة الأمم المتحدة والدول الراعية لذلك ثم تصويت الشعب المتوقع على ذلك من خلال الاستفتاء على الدستور القادم يضع الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن نكون أو لا نكون، ولذلك على الجميع اليوم استشعار المصلحة الوطني العليا التخلي عن العناد والمصالح الأنانية الضيقة وطي صفحة الماضي والعمل بروح الفريق الواحد بصدق وإخلاص لإنجاح الدولة اليمنية الحديثة وإنقاذ الوطن من التشتت والضياع وتجنيب الشعب ويلات الحروب والصراع والفقر والمعاناة وصنع مستقبلا زاهرا للأجيال القادمة..
وعلى الجميع أيضا أن يدرك أن هذا النجاح لن يتحقق بالخطب والمهرجانات والأماني بدون عمل جاد واع وخطط علمية وعملية مدروسة ومشاركة مؤسسية ومجتمعية في كافة المجالات ومختلف المستويات..
ومن المهم أيضا الاستمرار في هذه المرحلة في نقاش وبيان ما يمكن تداركه وإصلاحه من خلال صياغة الدستور إن شاء الله.. فإذا تمت صياغة الدستور والاستفتاء عليه حينها يصبح الدستور نافذا والعمل به واجبا شرعيا وقانونيا ومخالفته أو تعطيله جريمة يعاقب عليها القانون.. وفق الله الجميع لما فيه الخير لليمن وشعبه.
* تحياتي لصديقي العزيز الحبيب عبدالله الصغير الذي طلب مني أن أوضح موقفي من مخرجات الحزار الوطني فلبيت طلبه بكتابة هذا المقال وآثرت أن أنشره مستقلا عسى أن يجد فيه القارئ فائدة